جرائم القتل “الجزء الثاني”
بقلم :- ياسر الحسنين القواس
– أتحدث اليوم عن الجزء الثاني فى جرائم القتل ، بداية الحديث ، وهى تكملة للمقال السابق مرفق رابطه فى الأسفل .
– الأمر الثانى :- وهو الصورة الثانية للقصد { القصد المحدود والقصد غير المحدود }
– القصد المحدود :- يعنى إتجاه إرادة الجانى نحو تحقيق نتيجة محددة مثل قتل إنسان معين ، أما القصد غير المحدود فإنه يعنى إتجاه الإرادة إلى تحقيق نتيجة ولكنها غير محددة ، كمن يستعمل قنبلة فى قتل عدد غير محدد من الأشخاص ، وسواء تعلق الأمر بقصد محدود أو بقصد غير محدود ، فإن القصد الجنائى يتوافر مادامت إرادة الجانى قد اتجهت إلى العدوان على المصلحة التى يحميها القانون . { كأن تتجه إرادة الجانى إلى إزهاق روح شخص أو أكثر معينين بذواتهم ، فكان ” القصد المحدود ” ، أو أن تتجه إرادة الجانى إلى إزهاق الروح دون أن تعنيه شخصيات من يكونون ضحايا لفعله .
– الأمر الثالث { القصدالمباشر والقصد الإحتمالى } :- يقصد بالقصد المباشر ، هو الصورة المعتادة للقصد الجنائى ، حيث يتوافر العلم والإرادة ، بمعنى إرادة النشاط وإرادة النتيجة ، أما القصد الإحتمالى ، فهو توقع وقبول للنتيجة دون أن يكون مريداً تحقيقها بصفة أصلية ، بمعنى توقع الفاعل للنتيجة الإجرامية لفعله الإجرامى المتعمد ، والقبول للنتيجة .
” القصد الإحتمالى :- يقوم مقام القصد الأصيل فى تكوين ركن العمد ، وهو كما عرفته . محكمة النقض المصرية :- بأنه نية ثانوية غير مؤكدة تختلج بها نفس الجانى الذى يتوقع أنه قد يتعدى فعله الغرض المنوى بالذات ، إلى غرضاً أخر لم ينوه من قبل أصلاً فيمضى مع ذلك فى تنفيذ الفعل فيصيب به الغرض الغير مقصود ”
– فالقصد الإحتمالى فى القتل ، يعنى أن الجانى قد توقع وفاة المجنى عليه كأثر لسلوكه المادى ، ولكنه لم يكترث بحدوثها أو أن حدوثها لقى قبولاً لديه إن هى حدثت . فالأصل أن المتهم لايسأل إلا عن الفعل الذي ارتكبه أو إشترك فى ارتكابه متى وقع ذلك الفعل ، إلا أن الشارع وقد توقع حصول نتائج غير مقصودة لذاتها وفقاً للمجرى العادى للأمور ، خرج عن ذلك الأصل وجعل المتهم مسؤلاً عن النتائج المحتملة لعمله ، متى كان فى مقدوره أو كان من واجبه أن يتوقع حصولها على أساس أن إرادة الفاعل لابد وأن تكون قد توجهت نحو الفعل ونتائجه الطبيعية .
{ والضابط العملى الذى يعرف به وجود القصد الإحتمالى أو عدم وجوده هو وضع السؤال الأتى والإجابة عليه ” هل كان الجانى عند ارتكاب فعلته المقصودة بالذات مريداً تنفيذها ولو تعدى فعله الأصل أم لا ؟ ” فإن كان الجواب بالإيجاب تحقق وجود القصد الإحتمالى ، أما إن كان بالسلب فهناك لايكون فى الأمر سوى خطأ يعاقب عليه أو لايعاقب بحسب توفر شروط جرائم الخطأ وعدم توفرها . ثم إن الإجابة على هذا السؤال تنبنى طبعاً على أدلة الواقع من إعتراف أو بينات أو قرائن }
[ نقض 25/12/1930 مجموعة القواعد القانونية ج 2 ق 135 ص 168 ]– ثم أتحدث عن المبدأ الذى أقرته محكمة النقض المصرية وهو :-
“الخطأ في الشخصية لاينفى القصد الجنائى”
– بمعنى من أراد أن يقتل شخصاً وقام بالنشاط القاتل ولكن فعله أدى إلى قتل أخر غير مقصود أصلاً فإنه يسأل عن القتل العمد لمن لم تتجه إرادته أصلاً إلى قتله . فعلى سبيل المثال :- إذا طعن زيد شخصاً من الخلف متعمداً أنه عدوه عبيد فقتله واتضح أنه صديقه بكر ، فإنه يسأل عن قتله لبكر عمداً ، والشروع فى قتل عبيد .
– فتقوم جريمتان الأولى ( الشروع عمداً فى قتل الشخص المقصود ” عبيد ” ) ، وتقوم الجريمة الثانية وهى ( جريمة قتل الشخص الذي أصيب ” بكر ” )
– فالغلط فى شخص المجنى عليه لاتأثير له فى مسؤلية الجانى بوصفه مرتكبا لجريمة عمدية لاجريمة من جرائم الخطأ والإهمال ، فالغلط هنا غير مؤثر فى قيام القصد ولايدل على إنتفائه .
” لايجدى الطاعن التحدى بأن الحكم لم يفصح عن بيان نية القتل لمن أخطأ في شخصهم من المجنى عليهم ﻷن تحديد هذا القصد بالمجنى عليه الأول بذاته أو تحديده وإنصراف أثره إلى المجنى عليهم الأخريين لايؤثر فى قيامه ولايدل على إنتفائه مادامت الواقعة كما أثبتها الحكم لاتعدو أن تكون صورة من حالات الخطأ في الشخص التى يؤخذ الجانى فيها بالجريمة العمدية حسب النتيجة التى إنتهى إليها فعله وﻷن الخطأ في شخص المجنى عليه لايغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائى الذى ارتكبه تحقيقاً لهذا الغرض ، ومن ثم فإن ماأورده الحكم بياناً لنية القتل وتوافرها لدى الطاعن بالنسبة إلى جريمة قتل المجنى عليه الأول ينعطف حكمه بطريق اللزوم إلى جرائم القتل والشروع فيه الأخرى التى دانه بها .
{ نقض 25/12/1980 أحكام النقض س 31 ق 218 ص1132}
– وإذ كان الحكم قد دلل على قيام نية القتل بما فيه الكفاية بقوله :- وحيث إن نية القتل متوافرة لدى المتهمين من إستعمالها ألتين قاتلتين بطبيعتهما ( مسدسين ) وتصويبهما إلى المجنى عليه و إطلاق عدد من الأعيرة النارية عليه فى مواضع قاتلة فى جسمه ، وذلك بقصد إزهاق روحه إنتقاماً للثأر ، وحيث أن نية القتل متوافرة كذلك بالنسبة للمجنى عليه … الذى أصيب أثناء إطلاق النار لقتل المجنى عليه ، ومن المعلوم أن الخطأ فى شخص المجنى عليه لايؤثر فى توافر أركان جريمة القتل العمد مادامت متوافرة بالنسبة للمجنى عليه المقصود ، ومن ثم مايثيره الطاعنان فى خصوص نية القتل يكون غير سديد .
{ نقض 13/11/1977 أحكام النقض س 28 ق195 ص 943 }
– متى كان الثابت بالحكم أن المتهم أطلق عياراً ناري بقصد قتل زوجته فأخطأها وأصاب إمرأة أخرى كانت معها ، فإنه يكون مسئولاً جنائيا عن الشروع فى قتل زوجته ، وفى قتل المصابة ، ذلك ﻷنه إنتوى القتل وتعمده ، فهو مسئول عنه بغض النظر عن شخص المجنى عليها .
{ نقض 10/4/1944 مجموعة القواعد القانونية ج 6 ق 332 ص454 }
– يكفى للعقاب على القتل العمد أن يكون المتهم قد قصد بالفعل الذى قارفه إزهاق روح إنسان ولو كان القتل الذى إنتواه قد أصاب غير المقصود ، سواء أكان ذلك ناشئا عن الخطأ فى شخص من وقع عليه الفعل أو عن الخطأ في توجيه الفعل ، فإن جميع العناصر القانونية للجناية متوافرة فى الحالتين كما لو وقع الفعل على ذات المقصود قتله .
{ نقض 10/5/1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 ق 182 ص 252 }
– إذا صوب شخص على إنسان عياراً ناري بقصد قتله فأخطأه وأصاب إنساناً أخر فقتله وجب إعتبار هذا الشخص قاتلاً عمداً ﻷنه نوى القتل وتعمده فهو مسئول عن النتائج الإحتمالية التى ترتبت على قصده الجنائى .
{ نقض 19/11/1930 مجموعة القواعد القانونية ج2 ق109 ص 125 }
– إذا أطلق شخص عيارا ناري على جماعة بنية القتل فأصاب أخر ليس من هذه الجماعة المتشاجرة فقتله إعتبر قاتلاً عمداً .
{ نقض 23/5/1929 مجموعة القواعد القانونية ج1 ق266 ص309 }
– إن العمد فى القتل يتوفر بمجرد وجوده بالنظر إلى شخص معين ولو لم يقتل هو وقتل أخر فى الحادثة .
{ إستئناف مصر 15/12/1896 الحقوق س12 ق 7 ص 25 }
– وللحديث بقية إن شاء الله ، فى المقال القادم بعنوان { جرائم القتل ، الجزء الثالث } جمعة مباركة إن شاء الله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم .
– رابط المقال السابق عن موضوع ” جرائم القتل ، الجزء الأول ”
جرائم القتل.. «الجزء الأول» https://egyls.com/رائم-القتل-الجزء-الأول/رائم-القتل-الجزء-الأول/