تقدير المحكمة لأقوال الشهود
بقلم/ أشرف الزهوي
من الثوابت القانونية، أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود فتستخلص ماتقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغا، ولا مخالفة فيه للثابت بالاوراق، وأن سلطتها في تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها، إذ لها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به، ولا سلطان لأحد عليها، مالم تخرج بتلك الأقوال إلى مالا يؤدي إليه مدلولها، أو انحراف عن مفهومها، ولا مخالفة فيه للثابت بالاوراق. أكدت محكمة النقض في أحكامها المتواترة أن العبرة في هذا الخصوص بالمعنى الذي تؤدي إليه تلك الشهادة، لا بالألفاظ التي ساقها الشاهد للوصول إلى هذا المعنى.
واقرت محكمة النقض، لمحكمة الموضوع ان تأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عباراتها، دون معنى اخر ولو كان محتملا، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها دون التزام عليها بتتبع الخصم في كافة مناحي دفاعه بشأنها والرد استقلالا على مايثيره خلافا لها. ان الشهادة التي تصلح سندا للحكم مقصورة على اخبار الشاهد عن وقائع علم بها لانه عاينها بنفسه، أو سمعها باذنه أو وقائع استفاضت وعلم بها من جماعة لايتصور تواطئهم، فاستقر في وجدانه صدقها، ولا يعد من قبيل الشهادة مايستطرد إليه الشاهد من تخمينات وظنون واستنتاجات فكل ذلك من قبيل الاستخلاص والاستنباط المنوط بمحكمة الموضوع وحدها. ان ترجيح شهادة على أخرى من اطلاقات قاضي الموضوع، لاشان فيه بغير مايطمئن إليه وجدانه ولايلزم أن يبين أسباب هذا الترجيح مادام لم يخرج بأقوال الشاهد عما تؤدي إليه.
كما أنه لايشترط في شهادة الشاهد التي يعول عليها القاضي في حكمه أن تكون واردة على الواقعة المطلوب اثباتها بجميع تفاصيلها بل يكفي ان يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة التي استقرت في وجدان المحكمة. تجدر الإشارة انه يجوز لمحكمة الاستئناف أن تخالف محكمة أول درجة في استخلاصها لأقوال الشهود دون لزوم بيان أسباب ذلك مادام استخلاصها سائغا.