براءة الأديان من مغالطات التفاسير وأغراض السياسة (1)
نشر بجريدة المال الثلاثاء 14/7/2020
بقلم: أ. رجائي عطية نقيب المحامين
جذور العداء في الغرب للإسلام، أبعد كثيرًا من رسم مسيء أو شريط فيديو قائم على تلفيق مشاهد منتقاة على آيات قرآنية مجتزأة ومنتزعة من سياقها، بل هو أعرض حتى من لغة وأغراض ومآرب السياسة، وضارب إلى أعماق سابقة في التاريخ على الحروب الصليبية، وما أشرنا إليه في كتاب جورج بوش الجد الأعلى: محمد مؤسس الإمبراطورية الإسلامية، وله كتاب مغلوط آخر عن رؤيا حزقيال مجرد طفح لعداء قديم جذوره ضاربة في الغرب لمئات السنين ومنذ بداية انفتاح الإسلام على العالم الذى بدأت موجاته منذ منتصف عهد الراشدين، واتسعت دوائر تأثيره مع الدولة الأموية ثم العباسية، ومثلت الأندلس الإسلامية ما اعتبرته أوروبا رأس جسر لديانة جديدة كان الخوف منها على المصالح قبل الدين الذى اتخذه أرباب المصالح وشاحاً لمعاداتها، مثلما اتخذ من بعد ستارا للحملات الصليبية !
ليست الغاية من البحث في الجذور التحريض على مقابلة العداء بالعداء، فذلك فضلاً عن مجافاته لروح الإسـلام، محض رد فعل يعيبه ما يعيب كل ردود الأفعال من تشنج وصخب ضرير يعطي فرصة للمزيد من المغالطة والتحيف على الإسلام والمسلمين.
مقصدي هو محاولة الفهم توطئة لتعامل عاقل لا غاضب، حدثتك سلفا عما قدم به العقاد لكتاباته فيما يقال عن الإسلام من أهمية أن نفهم كيف نبدو في عيون الأغيار، المتجنين قبل المعتدلين والمنصفين، لأن رؤية النفس في مرايا الآخرين تدل على زوايا وأركان ربما مرت أو فاتت علينا بحكم الاستسلام للعادة والاعتياد، ثم إنه لا مناص لمن يريد التصحيح من سلوك سبل الإيضاح والإقناع، حتى وإن التوت النوايا هناك، لأن صدق ووضوح الحقيقة يحرج المغالط بينما يريحه الغضب والانفعال الذى يلويه ليتخذه دليلا على ما يريد الاتهام الجائر به!
كان من أغراض التعرض لكتاب جورج بوش الجد الأعلى الصادر سنة (1830) بعنوان: «محمد مؤسس الدين الإسلامي، ومؤسس الإمبراطورية الإسلامية»، الكشف عن بعض مصادر وجذور الكراهية والعداء للإسلام في فكر الغرب الأمريكي بعامة، وفي العرق الممدود في تراث وعقول وفكر أسرة بوش منذ جدها الأعلى، الذي كتب أشنع ما كتب عن العرب والمسلمين والنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الولايات المتحدة.. فهو عنده «دعى» و«مدع» و«مؤسس» ديانة، وليس «رسولاً نبيًا»، وهو والإسلام هكذا يرى! ـ
أكذوبة كبرى غزت العالم بالعنف والسيف والخديعة، وبلغ من تطاوله أن وصف رحلة الإسراء والمعراج بأنها تصورات وخيالات صبيانية، وأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- خدع السذج من أتباعه بهذه القصة الملحمية الغبية، وأن ما فيها من سخف -على حد تعبيره!- أدى إلى تخلى عدد من أتباعه عنه، وأن صديقه أبا بكر هو الذى خلصه –هكذا !- من هذه «الورطة التعسة» !!.