بالقانون نتحدث
ماهر الحريري
حقوق وواجبات، تلك هي المحاماة، لا يمارسها إلا متميز، علما وخلقا.. تلك قواعد أرساها قانون المحاماة. وأبدا، يبقى حديث المحامى مدعوما بالمستندات، ومستندا لأسانيد قانونية، وهذا أروع فنون الدفاع. ووسط خضم الأحداث، أتابع في تعديل دستور مصر عملية الاستفتاء على شاشات التلفاز تارة، ومواقع التواصل تارة أخري، ويستوقفني في بث مباشر على صفحات التواصل استغاثة لرئيس الدولة من زميل منصّبا نفسه متحدثا على حدوده باسم قطاع عريض من المحامين ليسرد واقعات تخالف قانون المحاماة، ويكيل لنقيب المحامين اتهامات، ورحت أعيد الاستماع مرات ومرات، وكدت في معلوماتي أشك، لولا ثقتي بنفسي وصحة معلوماتي، ولم يك ذلك بغريب على الزميل صاحب البث المتعدد.
فتحدث عن أحكام قضائية للقضاء الإداري صدرت، وبتنفيذها ضرب نقيبنا العام عرض الحائط بها، ويمضي متحدثا عن قرارات بشأن القيد والتجديد عن مجلس النقابة صدرت، فوصفتها محاكم مجلس الدولة بأنها مصابة بالعوار التشريعي، وما أظن أن قضاء مجلس الدولة فى مثل هذا الخطأ اللفظي يقع، لكن ربما قصد المتحدث أنها أرادت معيبة فخانه التعبير، ولم تسعه ثروته اللغوية. يمضي متحدثا عن مصير مجهول لمئة ألف محام مهددين بالزوال من جداول تقابلنا في أول يوليو القادم نتيجة لشروط مجحفة، وضعها عاشور، ذلك الديكتاتور، على حد وصفه المعين لنفسه وصيا على المحامين على حد قوله، ويستمتع المستغيث عن حملة التعليم المفتوح دفاعا وكذا عن زملائنا بالخارج، وراح يندب، وربما دون قصد يثبت عجزه في بلاغات للنائب العام ضد النقيب العام قدمها ولا يدري لها مصيرا، ويطلق لنفسه العنان فيحدثنا عن مخالفات بتقارير الجهاز المركزي عن نقابة المحامين سطرت، ويطالب مؤسسة الرئاسة فيها بفتح التحقيق. وتمتد مطالبه حتى لثروة عاشور الخاصة، مما يزيد البث وضوحا في فضح المقاصد. لم يدري أن ما تحدث عنه مخالفات لا تعود، إلا أن تكون مجرد ملاحظات، لو رأت تقارير الجهاز المركزي بها شبهة إهدار المال العام كما يدعي لأحالتها للنيابة العامة، هذا حق أصيل للجهاز بمقتضي قانون إنشائه، ثم يختتم اتهاماته مهددا بثورة للمحامين، وعدم انعقاد للجمعية العمومية.
في ضوء ما سلف من اتهامات، وجب علينا حق الرد والتوضيح. فلو كلف الزميل نفسه عناء الرجوع لقانون المحاماة، لوفر علينا الكثير من المتاعب. فإذا كان قانون المحاماة بمادته المئة والعشرين يقرر أن: نقابة المحامين مؤسسة مهنية مستقلة تضم المحامين في جمهورية مصر العربية بجداولها، فهنا يتضح المغزى التشريعي للنص. فوصفها بالمهنية يعني أنها لا تقبل بين جداولها غير الممارسين فعلا لمهنة المحاماة، والمشتغلين بها، وما أظن أن هناك مشتغلا بالمحاماة يعجز عن أن يقدم دليل اشتغال، أو دليلين كل عام، كما حددت تلك الشروط المجحفة للنقيب ومجلسه وباركها المشتغلون الفعليون بالمحاماة من أعضاء الجمعية العمومية الذين صمموا على استبعاد مرتدي الجلاليب، ومنتعلي الشباشب، وربما ذقون لا تستفيد منهم المحاماة، ولا حتى الحلاقين بشىء سوى استلهام مقدراتنا المالية، علاجا ومعاشا، وربما اتخذوا من نقابة المحامين محطة للانتظار، وربما كانوا وقتا ما خفافيش ليل تظهر وقت العملية الانتخابية، فضلا عن أصحاب وظائف وحرف أخرى. وكون نقابة المحامين تختص حسب نص المادة بقيد المحامين بجمهورية مصر العربية، فهذا يعني شرط مزاولة المهنة بمصر دون غيرها من الدول، ليوضح النص موقف زملائنا بالخارج، وإن كنت أنا على المستوى الشخصي من أشد المتعاطفين معهم إنسانيا.
وكون نقابة المحامين توصف بالمستقلة، فلا ولاية لأحد عليها سوى مجلس نقابتها، وجمعيتها العمومية، دون الجامعات المانحة لشهادات التعليم المفتوح. وليت المستغيث يطالع ما أورده تقرير هيئة المفوضين لقضاء مجلس الدولة بشأن التعليم المفتوح، أو يسترجع موقف الجمعية العمومية في التفافها حول نقيبنا العام فيما يسمى بقضية التعليم المفتوح. ولم يكن نقيب المحامين يوما وصيا على المحامين، كما ذكر، بل ممثل ومتحدث رسميا باسمهم، وفقا لإرادتهم بعد انتخابات تنافسية تمت تحت إشراف قضائي، وهذا ما قررته المادة 138 من القانون ذاته، واختصه دون غيره بذلك.
وعن تهديده بعدم انعقاد الجمعية العمومية للمحامين لمخالفتها صحيح القانون، فهذا أمر حسمته المادة 138من القانون ذاته. وعن النظام المالي وأموال المحامين، فهذا أمر بات محتوما وفقا لنص المادة 138 من قانون المحاماة التي اختصت الأمين العام بالإشراف عليه، وأعطت النقيب سلطة الإشراف الأعلى في ذلك. وعن بلاغاتك التي قدمت، فعجزك عن معرفة مصيرها يرجع لك، وما أظن إلا النيابة العامة هي الأمينة والرافضة لكل جرم. ولو كانت هناك أى شبهة، ما توانت في تحريك الدعوى ضد النقيب، فلا أحد فوق القانون، كما ذكرت، وما كان موقع بمحصن، كما ذكرت، لكنه منصب حصنه قانون المحاماة لصفة نقيب المحامين، وليس شخصه. وعن ثروة عاشور الشخصية، فهذا ما يكشف عن نياتكم وقصدكم، ولا شأن لنا به، إنما نبغي المحاماة والمحامين، وللمادة 77 من الدستور.. عُد لتعرف حرية النقابات المهنية في تنظيم عضويتها، وضبط جداولها.