“النقض”: لمحكمة الموضوع سلطة الأخذ بأقوال الضابط مسوغاً للإذن بالتفتيش

أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 12987، لسنة 90، أنه ليس هناك ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية في أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيهما ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.

الوقائـــــــــــــــــــــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 735 لسنة ٢٠٢٠ قسم شبرا (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 103 لسنة ۲۰۲۰ ) بأنه في يوم 12 من فبراير سنة 2020 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة :

– أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً هيروين في غير الأحوال المصرح بها قانونا ً.

وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٢٨ من يوليو لسنة ٢٠٢٠ عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة ١٩٧٧ ، ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم (۲) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997 ، ١٢٢ لسنة ٢٠٠٤ .

مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن المشد لمده ست سنوات وتغريمه مائه ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وإلزامه بالمصاريف الجنائية . باعتبار أن إحرازه للمخدر مجرد من القصود المسماة في القانون .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 8 من أغسطس سنة 2020 .

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 15 من سبتمبر سنة 2020 موقعاً عليها من الأستاذ/ ……………….

وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة .

المحكمـــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقــــرر والمرافعة وبعد المداولة قانونــاً .

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

 

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانونا ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفوع الطاعن ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية خلت من أي مراقبة للطاعن ، ولصدوره عن جريمة مستقبلية.

 

وببطلان القبض لحصوله قبل صدور الإذن بالقبض والتفتيش وبمكان يغاير المكان الثابت بمحضر الضبط ، وبانتفاء صلته بالمضبوطات ، وعول في قضائه على التحريات رغم بطلانها وبطلان شهادة من أجرها ، وبعد أن تساند إليها وإلى أقوال شاهد الإثبات عاد وأهدرهما وهو بصدد تحديد القصد من إحراز المخدر بما يصمه بالتناقض . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك.

 

وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن ، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.

 

ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته ، هذا فضلا عن أن القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم ، أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ، ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل .

 

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن ضابط مباحث قسم شرطة شبرا الملازم أول/ … قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن المتهم يحوز ويحرز المواد المخدرة ، فإن مفهوم ذلك أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها ، لا لضبط جريمة مستقبلة ، وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة ، وأن الدفع افتقد السند القانوني والواقع الصحيح فاطرحه ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلية غير سديد .

 

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً ، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لهذا الدفع المبدى من الطاعن واطرحه برد سائغ.

 

كما وأن من المقرر- أيضا – أن اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط في مكان معين ، هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ، ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء صلته بالمخدر المضبوط واطرحه برد كاف وسائغ ، فإن ما يعيبه الطاعن على هذا الرد لا يكون له من وجه .

 

لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بإعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلا أساسيا على ثبوت الجريمة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن جاء مقصورا على أقوال شاهد الإثبات وما أسفر عنه التفتيش من حيازة المخدر المضبوط وما أوری به تقرير المعمل الكيماوي ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التي لم يعول عليها إلا كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش فحسب ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .

 

لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .

 

لما كان ذلك ، وكان ليس هناك ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية في أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوع الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن ، ولا ترى فيهما ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.

 

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة المخدر في حق الطاعن وانتهي في منطق سليم إلى استبعاد قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حقه ، فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل .

 

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ، ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، كما أن ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ولو كانت مواد الاتهام التي بينها في صدره وأسبابه قد شملت كذلك فقرة غير ما طبقه من مواد العقاب .

وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل جناية إحراز جوهر مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي المعاقب عليها بالمادة 38 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المستبدلة بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ بفقرتيها الأولى والثانية.

 

وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة بفقرتيها ، فإن خطأ الحكم بإغفاله إضافة الفقرة الثانية من المادة 38 سالفة الذكر إلى الفقرة الأولى لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذى وقع فيه الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المستبدلة بالقانون رقم ۱۹۸۹ .

عملا بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة ١٩٥٩ . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهــذه الأسبــاب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً رفضه موضوعاً.

أميــن الســر نائب رئيس المحكمــة

زر الذهاب إلى الأعلى