«النقض»: لا يجوز الاعتماد على أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير إلا باعتبارها مجرد قرينة قضائية لا تصلح وحدها لإقامة الحكم عليها
كتب/ عبدالعال فتحي
قالت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٦١٩٦ لسنة ٨٥ قضائية ـ الدوائر المدنية – جلسة ٢٠٢١/٠٦/٢٠، إنه لا يجوز الاعتماد على أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير إلا باعتبارها مجرد قرينة قضائية لا تصلح وحدها لإقامة الحكم عليها .
الحكم
باسم الشـعب
محكمــة النقــض
دائرة الأحد (ب) المدنية
الطعن رقم ١٦١٩٦ لسنة ٨٥ قضائية
جلسة السبت الموافق ٢٠ من يونيه سنة ٢٠٢١
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضى / عبد الصبور خلف الله نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / محمد عبد المحسن منصور،هشام عبد الحميد الجميلي
عبد الناصر أحمد المنوفى ومحمد الشهاوى” نواب رئيس المحكمة “
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) نقض ” الخصوم فى الطعن بالنقض : الخصوم بصفة عامة ” .
الاختصام فى الطعن بالنقض . شرطه . كون الخصم حقيقياً وذو صفة فى الخصومة .
(٢ ، ٣) أشخاص اعتبارية ” أشخاص القانون العام : وحدات الحكم المحلى : صاحب الصفة فى تمثيلها أمام القضاء ولدى الغير ” . دعوى ” شروط قبول الدعوى : الصفة الإجرائية : صاحب الصفة في تمثيل وحدات الحكم المحلى ” . نقض ” الخصوم في الطعن بالنقض ” من له حق الطعن ” .
(٢) اكتساب إحدى الجهات الشخصية الاعتبارية . مؤداه . تمتعها بذمة ماليــة مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات والتقاضى وفقاً لسند إنشائها . وجوب مخاطبة الشخص الاعتبارى فى مواجهة النائب القانونى عنه المحدد بسند إنشائه . مؤداه . عدم محاجاته بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره . المادتان ٥٢ ، ٥٣ مدنى .
(٣) ثبوت الشخصية الاعتبارية لكل من وحدات الإدارة المحلية . مؤداه . رئيس الوحدة المحلية هو وحده صاحب الصفة فى تمثيل وحدته أمام القضاء ولدى الغير . المادتان ١ ، ٤ ق ٤٣ لسنة ١٩٧٩ المعدلتين بق ٥٠ لسنة ١٩٨١ ، ١٤٥ لسنة ١٩٨٨ . اختصاص الوحدات المحلية كل فى دائرة اختصاصها المحافظة على أملاك الدولة العامة والخاصة وإدارتها وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها . م ٧ من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ . تعلق النزاع المطروح بملكية الدولة للعقارات محل التداعى . أثره . اعتبار الطاعن الثانى بصفته رئيس الوحدة المحلية الكائن فى دائرتها النزاع هو صاحب الصفة فى تمثيلها . اختصام الطاعنين الأول والثالث والرابع بصفاتهم في الطعن بالنقض . غير مقبول .
(٤ ، ٥) حكم ” الطعن في الحكم : الصفة في الطعن ” . دعوى ” شروط قبول الدعوى : الصفة : الصفة الإجرائية : صاحب الصفة في تمثيل الأشخاص الاعتبارية ” . نقض ” شروط قبول الطعن : الصفة في الطعن بالنقض ” .
(٤) الوزير يمثل وزارته فيما ترفعه والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون . الاستثناء . منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية منها وإسناده صفة النيابة عنها للغير في الحدود التى يعينها القانون .
(٥) أمين عام السجل العينى . تابع لوزير العدل صاحب الصفة في تمثيل السجل العينى أمام القضاء . اختصام الأول في الطعن بالنقض . غير مقبول .
(٦ – ١٠) إثبات ” طرق الإثبات : البينة : سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود : أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير ” . أموال ” الأموال العامة للدولة : انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ” ” وضع اليد على الأموال العامة ” . حكم ” عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال : ما يعد كذلك”.
(٦) عدم جواز تملك الأموال العامة بالتقادم . الاستثناء . انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة . أثره . جواز تملكها بالتقادم بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية . شرطه . تمامه قبل العمل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ بتعديل المادة ٩٧٠ من القانون المدنى .
(٧) فقدان المال العام لصفته . تحققه . بقانون أو قرار أو بانتهاء الغرض الذى خصصت من أجله الأموال للمنفعة العامة . كيفيته . وجوب أن يكون هذا الانتهاء واضحاً لا لبس فيه . مجرد سكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير فى المال لا يؤدى إلى زوال تخصيصه للنفع العام .
(٨) أقوال الشهود أمام الخبير . اعتبارها قرينة قضائية . مؤداه . عدم صلاحيتها وحدها لإقامة الحكم عليها .
(٩) الفساد فى الاستدلال . ماهيته . انطواء الحكم على عيب يمس سلامة الاستنباط . تحققه . باستناد المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين تلك العناصر بأن كانت الأدلة التى قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها .
(١٠) قضاء الحكم المطعون فيه بتثبيت ملكية عقار التداعى جرن روك أهالى للمطعون ضده الأول استناداً لوضع يده عليه خلف عن سلف أكثر من خمسة عشر عاماً سابقة على ق ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ دون التحقق من شروط وضع اليد ودون بيان انتهاء تخصيصه للمنفعة العامة رغم تمسك الطاعن الثانى بصفته بأن العقار ما زال من أملاك الدولة العامة . قصور وخطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أنه لا يكفى فيمن يختصم فى الطعن أن يكون خصماً فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ، بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً فيها وذا صفة فى تمثيله بالخصومة .
٢- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن النص فى المادتين ٥٢ ، ٥٣ من القانون المدنى يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية ، فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالوجبات ، فضلاً عن أهليتها للتقاضى وذلك وفقاً للقواعد وفى الحدود المقررة لسند إنشائها ، ويتعين بالتالى أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري فى مواجهة النائب القانوني عنه .
٣- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن مفاد المادتين الأولى والرابعة من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر برقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ المعدلتين بالقانونين رقمى ٥٠ لسنة ١٩٨١ ، ١٤٥ لسنة ١٩٨٨ أن لكل من وحدات الإدارة المحلية الشخصية الاعتبارية ويمثلها رئيسها أمام القضاء ولدى الغير ، وكانت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ قد ناطت بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها المحافظة ـــــــ وفقا لأحكام القانون ـــــــ على أملاك الدولة العامة والخاصة وإدارتها وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها .(٣) لما كان ذلك ، وكان النزاع المطروح يدور حول ملكية الدولة للعقارات محل التداعي ، فإن صاحب الصفة يكون رئيس الوحدة المحلية …. مركز ميت غمر ـــــ الطاعن الثاني بصفته ـــــ صاحب الصفة فى تمثيل وحدته قبل الغير وأمام القضاء ، ومن ثم يضحى الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثالث والرابع بصفاتهم مقاماً من غير ذى صفة.
٤- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن الوزير هو الذى يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون ، إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة فى الحدود التى يعينها القانون .
٥- إذ كان المطعون ضده الثالث بصفته (أمين عام السجل العينى) تابع للمطعون ضده الثانى بصفته– وزير العدل- وكان الأخير هو صاحب الصفة فى تمثيل وزارته والمصالح والإدارات التابعة لها ومنها مصلحة السجل العينى ، ومن ثم يكون اختصام المطعون ضده الثالث بصفته (بالطعن بالنقض) غير مقبول .
٦- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، إذ إنه من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها ثم يثبت بعد ذلك وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية وذلك قبل تعديل المادة ٩٧٠ من القانون المدني بمقتضى القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ .
٧- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر به قانون أو قرار ، فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة ، وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة بالفعل يجب أن يكون واضحاً لا يحتمل لبساً ، ومن ثم فمجرد سكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يؤدى إلى زوال تخصيص هذا المال للمنفعة العامة .
٨- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أنه لا يجوز الاعتماد على أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير إلا باعتبارها مجرد قرينة قضائية لا تصلح وحدها لإقامة الحكم عليها .
٩- المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر ، كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى تثبت لديها بأن كانت الأدلة التى قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها.
١٠- إذ كان الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة استند فى قضائه لتقرير الخبير وما قرر به شاهدى المطعون ضده الأول دليلاً على ثبوت الملكية للأخير خلفاً عن سلف منذ أكثر من خمسة عشر عاماً سابقة على القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ وهو ما لا يكفى للتحقق من توافر سائر الشروط القانونية لوضع اليد المكسب لهذه الملكية ودون أن يبين ما إذا كان تخصيصها للمنفعة العامة قد انتهى وأداة ذلك بالفعل أو بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت للمنفعة العامة وتاريخ ذلك حتى يمكن القول بدخولها فى الملكية الخاصة للدولة وإمكان تملكها بالتقادم ملتفتاً عن دفاع الطاعن الثانى بصفته من أن عقار التداعى ما زال من أملاك الدولة العامة –جرن روك أهالى – تركتها للمزارعين للانتفاع بها فى تجرين المحاصيل ، مما يعيبه بالقصور فى التسبيب الذى جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون .
المحـكــمــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المــــــــــــقرر / محمد سراج الدين السكرى ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضدهما الثانى والثالث بصفاتهم الدعوى رقم ١٠٤٩ لسنة ٢٠١٠ أمام محكمة المنصورة الابتدائية – مأمورية ميت غمر – بطلب الحكم بتثبيت ملكيته لكامل أرض ومبانى العقار المبين بالصحيفة وكف منازعة الطاعنين الثانى والثالث بصفتيهما له فى ملكيته وانتفاعه بالعقار مع إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى ، وقال بياناً لذلك أنه يضع اليد على عقار التداعى المدة الطويلة المكسبة للملكية إلا أنه فوجئ بالطاعن الثانى بصفته ينذره بسداد مقابل انتفاع عن المساحة المملوكة له بوضع اليد فأقام الدعوى ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت المحكمة بالطلبات . استأنف الطاعنين بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ٦٦٧ لسنة ٦٧ ق المنصورة ، وبتاريخ ٢١/٧/٢٠١٥ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعنون بصفاتهم فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثالث والرابع بصفاتهم لرفعه من غير ذى صفة ، وللمطعون ضده الثالث بصفته لرفعه على غير ذى صفة ، وأبدت الرأى فى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأـيها .
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضدهم الأول والثالث والرابع بصفاتهم فى محله ، ذلك أنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفى فيمن يختصم فى الطعن أن يكون خصماً فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ، بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً فيها وذا صفة فى تمثيله بالخصومة ، وكما أن النص فى المادتين ٥٢ ، ٥٣ من القانون المدنى يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية ، فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالوجبات ، فضلاً عن أهليتها للتقاضى وذلك وفقاً للقواعد وفى الحدود المقررة لسند إنشائها ، ويتعين بالتالى أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري فى مواجهة النائب القانوني عنه ، وأن مفاد المادتين الأولى والرابعة من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر برقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ المعدلتين بالقانونين رقمى ٥٠ لسنة ١٩٨١ ، ١٤٥ لسنة ١٩٨٨ أن لكل من وحدات الإدارة المحلية الشخصية الاعتبارية ويمثلها رئيسها أمام القضاء ولدى الغير ، وكانت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ قد ناطت بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها المحافظة ـــــــ وفقا لأحكام القانون ـــــــ على أملاك الدولة العامة والخاصة وإدارتها وتنظيم استغلالها والتصرف فيها ومنع التعديات عليها . لما كان ذلك ، وكان النزاع المطروح يدور حول ملكية الدولة للعقارات محل التداعي ، فإن صاحب الصفة يكون رئيس الوحدة المحلية بأتميده مركز ميت غمر ـــــ الطاعن الثاني بصفته ـــــ صاحب الصفة فى تمثيل وحدته قبل الغير وأمام القضاء ، ومن ثم يضحى الطعن بالنسبة للطاعنين الأول والثالث والرابع بصفاتهم مقاماً من غير ذى صفة .
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته فى محله ، ذلك أنه المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن الوزير هو الذى يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون ، إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة فى الحدود التى يعينها القانون . لما كان ذلك وكان المطعون ضده الثالث بصفته تابع للمطعون ضده الثانى بصفته – وزير العدل- وكان الأخير هو صاحب الصفة فى تمثيل وزارته والمصالح والإدارات التابعة لها ومنها مصلحة السجل العينى ، ومن ثم يكون اختصام المطعون ضده الثالث بصفته غير مقبول .
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب ، إذ قضى الحكم المطعون فيه بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول لعقار التداعى دون أن يستظهر ما إذا كان تخصيص العقار – جرن روك أهالى – قد انتهى وأداة ذلك الانتهاء بالفعل أم بقانون أو بانتهاء الغرض الذى خصص من أجله ، وتاريخ ذلك الانتهاء حتى يمكن أن تدخل ضمن أملاك الدولة الخاصة وجواز تملكها بالتقادم قبل العمل بالقانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ فضلاً عن أنه لم يبحث توافر عناصر الحيازة المكسبة للملكية وشرائطها واعتد بتقرير الخبير وأقوال الشهود الذى سمعهم الأخير وخلت أقوالهم من تحديد مظاهر وضع اليد وتاريخها ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعي فى محله ، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة ـــــ أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، إذ إنه من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها ثم يثبت بعد ذلك وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية وذلك قبل تعديل المادة ٩٧٠ من القانون المدني بمقتضى القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ ، وأن الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر به قانون أو قرار ، فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة ، وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة بالفعل يجب أن يكون واضحاً لا يحتمل لبساً ، ومن ثم فمجرد سكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يؤدى إلى زوال تخصيص هذا المال للمنفعة العامة ، وأنه لا يجوز الاعتماد على أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير إلا باعتبارها مجرد قرينة قضائية لا تصلح وحدها لإقامة الحكم عليها ، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر ، كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى تثبت لديها بأن كانت الأدلة التى قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة استند فى قضائه لتقرير الخبير وما قرر به شاهدى المطعون ضده الأول دليلاً على ثبوت الملكية للأخير خلفاً عن سلف منذ أكثر من خمسة عشر عاماً سابقة على القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ وهو ما لا يكفى للتحقق من توافر سائر الشروط القانونية لوضع اليد المكسب لهذه الملكية ودون أن يبين ما إذا كان تخصيصها للمنفعة العامة قد انتهى وأداة ذلك بالفعل أو بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت للمنفعة العامة وتاريخ ذلك حتى يمكن القول بدخولها فى الملكية الخاصة للدولة وإمكان تملكها بالتقادم ملتفتاً عن دفاع الطاعن الثانى بصفته من أن عقار التداعى ما زال من أملاك الدولة العامة –جرن روك أهالى – تركتها للمزارعين للانتفاع بها فى تجرين المحاصيل ، مما يعيبه بالقصور فى التسبيب الذى جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لـــــذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة ، وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات .