«النقض»: حكم الإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 3000 لسنة 91 قضائية، أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، ولم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، وأطرح برد غير سائغ دفوعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها مما يبطل الدليل المستمد منه وشهادة القائم بهذا الإجراء الباطل ، وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما بدلالة التلاحق الزمني في الإجراءات ، وانقطاع صلة الطاعن بالواقعة والمخدر.
وعول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة رغم عدم معقولية تصويرهما للواقعة وانفرادهما بالشهادة وحجب القوة المرافقة عنها ثم عاد ولم يطمئن إليها بشأن القصد من إحراز المخدر مما يصم الحكم بالتناقض، وأخيراً قضت المحكمة في الدعوى بعلمها الشخصي ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة مما قرره ضابطي الواقعة ومن تقرير المعامل الكيماوية.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، ولم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر بغير قصد من القصود المسماة المسندة إلى الطاعن ، وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة كما سلف بيانه فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم.
لما كان ذلك ، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك ، وكان الدفع بانقطاع صلة الطاعن بالواقعة والمخدر من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له وانفراده بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت المحكمة قد أطمأنت إلى أقوال ضابطي الواقعة وصحة تصويرهما للواقعة فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة الضابطين على النحو الذي أثاره في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن ، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الإتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يرمي به الحكم من أنه صدر بعلم شخصي من القضاة الذين أصدروه ، إذ أنه نعي ينطوي على منازعة في صلاحيتهم لنظر الدعوى والحكم فيها ، وهو نعي غير مقبول ، ذلك أن النص في المادة 247 مـن قانون الإجراءات الجنائيـة علـى أنه يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً ، أو إذا قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو المدافع عن أحد الخصوم أو أدى فيها شهادة ، أو باشر عملاً من أعمال الخبرة ، ويمتنع عليه كذلك أن يشترك في الحكم إذا كان قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أو أن يشترك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه .
يدل على أن المشرع قد حدد على سبيل الحصر الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض جماعها أنه يجب عليه الامتناع عن نظر الدعوى لقيامه بعمل يجعل له رأياً فيها أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليزن حجيج الخصوم وزناً مجرداً.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تحديد وجه الطعن تحديداً واضحاً مطلوب ابتداءً على سبيل الوجوب ، وكان الطاعن قد أطلق القول إطلاقاً ، وكان الثابت من الحكم ومحاضر جلسات المحاكمة خلوهما مما يظاهر زعم الطاعن ، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه فضلاً عن عدم قبوله غيـر صحيح. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
أمين الســـر رئيس محكمة النقض