«النقض» توضح شرط تحقق القصد الجنائي في جرائم المخدرات.. وتذكر حالة تجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود
كتب: أشرف زهران
أكدت محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم ٣٠٠٦ لسنة ٨٩ قضائية – الدوائر الجنائية – بجلسة 6 نوفمبر 2021 أن القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز مخدر يتحقق بعلم الجاني بأن ما يحوزه او يحرزه هو من المواد المخدرة، كما أكدت أن للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً، ولها الاعتماد في حكمها على أقوالهم بالتحقيقات، ما دامت مطروحة على بساط البحث.
قواعد من الحكم
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر
للمحكمة أن تفصل في الدعوى دون سماع شهود النفي . ما دام أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب سماعهم ولم يسلك ما رسمته المادة ٢١٤مكرر / ٢ إجراءات
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ….. لسنة ٢٠١٧ قسم الجناين ” والمقيدة بالجدول الكلى برقم …… لسنة ٢٠١٧ “.
بأنه في يوم ١٥ من أكتوبر سنة ٢٠١٧ بدائرة قسم الجناين – محافظة السويس :-
– أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ” نبات الحشيش الجاف ” في غير الأحوال المصرح به قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٥ من نوفمبر سنة ۲۰۱٨ عملاً بالمواد ١ ، ٢ ، ٣٨/١ ، ٤٢/١ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ٥٦ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرارى وزير الصحة رقمي ٤٦ لسنة ١٩٩٧ ، ٢٦٩ لسنة ٢٠٠٢ بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه مع مصادرة المخدر المضبوط ، وذلك باعتبار أن الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح به قانوناً .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ١٣ من نوفمبر سنة ٢٠١٨ .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في ٣ من يناير سنة ٢٠١٩ موقعاً عليها من الأستاذ المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يورد مؤدي الأدلة التي عول عليها في قضائه لوضعها في عبارات عامة ، ولم يستظهر القصد الجنائي وعلمة بكنه المخدر ، اطرح دفعه بعدم علمه بالمخدر المضبوط بالسيارة وبانتفاء صلته بالمضبوطات برد قاصر وغير سائغ ، وعول في قضائه على أقوال الملازم أول / …… الذي قام بالضبط رغم أن محضر الضبط حرره شخص آخر غيره لم يشاهد الواقعة بما يترتب عليه بطلان الإجراءات ، ولم يعرض إيراداً أو رداً لدفاعه باختلاف الأحراز المضبوطة عما تم عرضه علي النيابة وجرى تحليله ، وقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم الأمر بضبط وإحضار الفاعلين الأصليين وهم مالك السيارة ومن عاونه في تفريغ حمولة السيارة ووضع المخدر بصندوقها ، ولم تجر المحكمة تحقيقاً بشأن توافر قصد الاتجار في حقه ولم تجبه لمناقشة شهود الاثبات واستدعاء شهود النفي ، وأخيراً خالف الحكم الضوابط الإجرائية ، ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الملازم أول / ….. الضابط بحرس الحدود والرائدين / ….. ، و…… المفتشين بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مضمون الأدلة – خلافاً لقول الطاعن ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز مخدر يتحقق بعلم الجاني بأن ما يحوزه او يحرزه هو من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدر ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الحكم من قصور في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم علمه بوجود المخدر في السيارة المضبوطة وانتفاء صلته بالمضبوطات ورد عليه في قوله :” … وحيث إنه عن قالة الدفاع الحاضر مع المتهم بانتفاء صلة المتهم بالمضبوطات وعدم علمه بها فمردود عليه بأنه من المقرر قانوناً أنه يلزم لقيام الكيان القانوني لجريمة إحراز أو حيازة المواد المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً هو اتصال الجاني بهذه المواد المخدرة اتصالاً مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطان إرادته عليها مع علمه بطبيعتها ومدى مخالفة هذا النشاط لأحكام القانون العقابي . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهد الإثبات الأول من ضبط المتهم وبحوزته المواد المخدرة المضبوطة مخفاة على الثلاجة بداخل صاجها المتواجد على السيارة الجامبو التي يقودها عابراً بها نفق الشهيد أحمد حمدي وخضوعها لسلطان إرادته مع علمه بطبيعتها وكون هذا النشاط يتعارض مع إرادة الشارع الجنائي الأمر الذي يقتضي أن تنهض معه المسئولية الجنائية ولا سيما وأن ما تشدق به الدفاع في هذا الشأن جاء قولاً مرسلاً لا دليل عليه في الأوراق أو التحقيقات ومن ثم فهو غير سديد وتلتفت عنه المحكمة بل إن ظروف الدعوى وملابساتها تنبئ عن علم المتهم بتواجد المواد المخدرة ومكان ضبطها بالسيارة قيادته ” ، ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالمخابئ السرية التي أعدت بسيارته وعلى علمه بكنهها ورددت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافر فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا مجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها على ثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقديره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تساند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات وتقرير المعمل الكيميائي ولم يتساند إلى ما دون بمحضر الضبط – وكان لا ينال من سلامة الضبط عدم قيام الضابط الذي أجراه بتحرير محضر بذلك ، إذ أن إفراد محضر للضبط ليس بلازم لصحته ولا يترتب على فرض عدم حصوله البطلان ، وقد أفصح الحكم في مدوناته عن كيفية إتمام إجراءات الضبط وتحديد مكان العثور على المضبوطات ، فإن ما يثير الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بشأن اختلاف الأحراز التي أرسلت للتحليل عن تلك التي تم ضبطها ولم يطلب إجراء تحقيق في شأنه فليس له أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، هذا فضلا عن أن قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا تثريب عليها أن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجه . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن الأمر بضبط وإحضار مالك السيارة ومن عاونه في تفريغ حمولة السيارة ووضع المخدر بصندوقها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز المخدر في حق الطاعن وانتهى في منطق سائغ إلى استبعاد قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حقه ، فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره أن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشان توافر قصد الاتجار في حقه ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم عن مسئوليته عنها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن سماعهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ولم يسلك من جانبه الطريق الذي رسمه القانون في المادة ٢١٤ مكرراً أ/٢ من قانون الإجراءات الجنائية فلا تثريب على المحكمة إن فصلت في الدعوى دون سماعهم ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه مخالفة الحكم المطعون فيه الضوابط الإجرائية بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .