المعاينة التي تجريها الجهات الشرطية
بقلم: أ. عمرو عادل هدية
المعاينة بمعناها الواسع هي إدراك الشيء بالوقوف على حالته بقصد الإثبات أو النفي، فهي إدراك الشيء بالعين فيقال عاين الشيء أي أدرك وجوده وحالته وهو ما يلزم الانتقال إلى مكان معين لفحصه وإثبات حالته، والانتقال مصطلح مرتبط بالمعاينة وهو الذهاب إلى المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة حيث توجد أثار أدلتها.
وقد عرفت المادة/٢٩٤ من التعليمات القضائية للنيابات المعاينة بأنها إثبات مباشر ومادي لحالة الأشخاص والأشياء والأمكنة ذات الصلة بالحادث ويكون ذلك من خلال رؤيتها أو فحصها فحصا مباشرا، وتتضح أهمية المعاينة كأحد إجراءات الإثبات سواء كانت معاينة مدنية أو جنائية.
والمعاينة الجنائية قد تجريها الجهات الشرطية كجزء من صلب اختصاصها والتزاماتها القانونية وقد تجريها جهات التحقيق (النيابة العامة – قاضى التحقيق) بحثا عن الأدلة، وقد تجريها محكمة الموضوع وسوف نخصص هذا المقال عن المعاينة التي تجريها الجهات الشرطية فقط.
ونصت المادة/٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يبعثوا بها فوراً إلى النيابة العامة ويجب عليهم وعلى مرؤوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات ويجروا المعاينة اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم…….إلخ”.
فيما نصت المادة/ ٢٩ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسألوا المتهم عن ذلك ولهم أن يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ويطلبوا رأيهم شفهيا أو بالكتابة….. إلخ”.
ومن نص المادتين السابقتين يتضح أن المشرع المصري أوجب على مأمور الضبط القضائي إجراء المعاينة صراحة لكون المعاينة الشرطية أحد إجراءات جمع الاستدلالات حيث أن فحوى الاستدلال وإجراءاته هي مجرد جمع المعلومات وتوضيح الأمور لسلطة التحقيق كي تتصرف، أي تصدر قرارها بالتصرف وليست غايته توضيح عناصر الدعوى للقاضي لكى يحكم على نحو معين فتلك هي مهمة التحقيق الابتدائي وعلى ذلك فإن إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل من الإجراءات الأولية السابقة على تحريكها (د/ جلال ثروت – نظم الإجراءات الجنائية – مرجع سابق – ص١١٩، د/مصطفى عبدالحليم محمود – الحق في طلب المعاينة – طبعة ٢٠٠٩).
وقضت أيضاً محكمة النقض بأن إجراءات جمع الاستدلالات ليست من إجراءات الخصومة القضائية لكنها مستقر ومستودع للأدلة الجنائية متى صحت هذه الإجراءات، وذلك بالطعنين الأول رقم/٢٠٤٥ لسنة ٧٥ ق جلسة ٢ / ٣ / ٢٠٠٦، والثاني رقم/ ١٢٨٤ لسنة ٣٨ مكتب فني ١٩ صفحة رقم ٨٩٩ بتاريخ ٤ / ١١ / ١٩٦٨.
وأما عن مدى صحة بطلان محضر جمع الاستدلالات لعدم إجراء معاينة لمكان الحادث فقد قضت محكمة النقض أنه لم يعيب التحقيقات في خصوص ما يتمسك به من بطلان محضر جمع الاستدلالات لعدم إجراء معاينة لمكان الحادث فإنه لا يقبل منه إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم وأنه لا يحق للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها – (الطعن رقم / ١٥١٤٤ لسنة ٦٤ ق جلسة ٢٤ / ١ / ٢٠٠٢).
وعن مدى صحة الدفع ببطلان محضر معاينة الشرطة فقد قضت محكمة النقض في ذلك بأنه (…. لا محل للمعاينة إذ المعاينة التي أجراها البوليس واضحة فذلك لا يقدح في حكمها فإن كون المعاينة قد حصلت بعد تخزين الترام لا يبطلها والمتهم لم يقل ببطلانها إلا على هذا الأساس وطلب معاينة الطريق ليس فيه ما يفيد أنه كان مستقلا عن طلب المعاينة السابق الذكر) – الطعن رقم/ ٢٩٤ لسنة ١٨ ق مجموعة عمر ٧ ع صفحة رقم ٥٣٤.
ومما سبق يتضح أن المعاينة الشرطية كأحد مراحل جمع الاستدلال تتضمن جمع معلومات لتوضيح الأمور لسلطة التحقيق كي تتصرف في شأن الدعوى الجنائية وهى على علم وبينه كافيين بحقائق الأمور.