المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المُسقط
كتب: علي عبدالجواد
قالت محكمة النقض إن مؤدى نص المادة ٣٨٣ من القانون المدني أن المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المُسقط هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يُراد اقتضاؤه، لهذا فإن صحيفة الدعوى المرفوعة للمطالبة بحق ما لا تقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يوجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، فمتى تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع مدة التقادم بالنسبة للحق الآخر.
جاء ذلك في الطعن رقم ١٢٢٤٧ لسنة ٩٠ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢١/١١/٢١ .
الحكم
جلسة ٢١ من نوفمبر سنة ٢٠٢١
برئاسة السيـد القاضي / منصــور العشــري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بهــاء صالــح ، وليــد رستم ، وليــد عمر ، السيد عامر
نواب رئيس المحكمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطعن رقم ١٢٢٤٧ لسنة ٩٠ القضائية
(١- ٣) إنهاء الخدمة: انهاء الخدمة بالإرادة المنفردة: إنهاء الخدمة بإرادة رب العمل”.
١- تقدير مبررات فصل العامل. استقلال محكمة الموضوع به. شرطه. الاستخلاص السائغ.
٢- الحكم بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم يكن الحكم مشمولاً بوقف التنفيذ. من أسباب انتهاء خدمة العامل. م ١٢٩ ق ١٢ لسنة ٢٠٠٣. اختلاف هذا الإنهاء عن الفصل التأديبي. م ٦٩ من ذات القانون. عدم اعتباره تطبيقاً لنظرية الفسخ للإخلال بالتزام يرتبه العقد. اعتباره حق استثنائي مقرر لصاحب العمل صيانة لسمعة المنشأة. علة ذلك.
٣- جريمة الانضمام لجماعة محظورة. عدم اعتبارها إخلالاً بالتزامات ناشئة عن عقد العمل. قرار الطاعنة بفصل المطعون ضده لمجرد اتهامه بها قبل صدور حكم نهائي بإدانته. تعسف يستوجب التعويض. عدم تأثير صدور حكم لاحق فيها على صحة وسلامة قرار الفصل. العبرة في سلامته بوقت صدوره.
(٤) نقض ” المصلحة في الطعن: السبب غير المقبول “.
سبب النعي الذي لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة. غير مقبول.
(٥) عمل ” الدعاوى الناشئة عن عقد العمل”.
الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. سقوطها بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد. م ٦٩٨ مدني. علة ذلك. سريانه على دعاوى المطالبة بمقابل رصيد الإجازات.
(٦) تقادم ” التقادم المسقط: قطع التقادم”.
المطالبة القضائية القاطعة للتقادم. ماهيتها. صحيفة الدعوى المتضمنة المطالبة بحق ما. قاطعة للتقادم في خصوص هذا الحق وحده وتوابعه. تغاير حقين أو تغير مصدرهما. أثره. رفع الدعوى بطلب أحدهما غير قاطع للتقادم بالنسبة للآخر.
(٧) إنهاء الخدمة: انهاء الخدمة بالإرادة المنفردة: إنهاء الخدمة بإرادة رب العمل”.
انتهاء خدمة المطعون ضده في ١٣/٩/٢٠١٤ وابداء طلب المقابل النقدي لرصيد الإجازات والفوائد القانونية بموجب صحيفة تعديل طلبات في ١/٤/٢٠١٧. أثره. سقوطه بالتقادم الحولي. عدم وجود ثمة أثر في هذا الخصوص في رفع دعواه بالطلبات الأصلية قبل انقضاء مدة التقادم لتغاير الحق بينهما. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.
(٨) نقض ” أثر نقض الحكم “.
نقض الحكم المطعون فيه في قضائه بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده المقابل النقدي لرصيد الإجازات. مقتضاه. نقضه فيما قضى به من إلزام الطاعن بالفوائد المستحقة عنه باعتباره مؤسساً عليه. م ٢٧١/١ مرافعات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تقدير مبررات فصل العامل من عمله مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً.
٢- النص في المادة ١٢٩ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ يدل على أن المشرع جعل الحكم على العامل بعقوبة جناية سبب لانتهاء الخدمة أياً كان نوع الجناية ولم يجعل الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية غير عقوبة الجناية سبب لانتهاء الخدمة إلا إذا صدر في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم يكن الحكم مشمولاً بوقف التنفيذ، هذا ولما كان الفصل لهذا السبب يختلف عن الفصل التأديبي الذي وردت حالاته بالمادة ٦٩ من القانون ١٢ لسنة ٢٠٠٣ ولا يعتبر تطبيقاً لنظرية الفسخ للإخلال بالالتزام لأنه لا يشترط أن تكون للجريمة التي ارتكبها العامل صلة بعمله أو بصاحب العمل فلا يكون هناك إخلال بالتزام يرتبه العقد وإنما الفصل في هذه الحالة لا يعدو أن يكون إلا ممارسة لحق استثنائي في الإنهاء قرره المشرع لصاحب العمل صيانة لسمعة المنشأة التي قد يُسيئ إليها أن يبقى بها عامل ثبت جرمه بحكم نهائي في جناية أو في جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة.
٣- إذ كان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن جريمة الانضمام لجماعة محظورة المنسوبة للمطعون ضده قد تم حبسه احتياطياً فيها اعتباراً من ٢٨/١٢/٢٠١٣ ثم أُخلىَ سبيله بتاريخ ٢٧/٣/٢٠١٤ فأصدرت الطاعنة قرارها بإنهاء خدمته اعتبارا من ١٣/٩/٢٠١٤ قبل أن يُقضىَ بإدانته فيها بحكم نهائي وكان ما نُسب إلى المطعون ضده لا يُعد إخلالاً منه بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل، ومن ثم فإن قرار الطاعنة بفصله من العمل لمجرد اتهامه في الجريمة سالفة البيان دون أن تتربص صدور حكم نهائي بإدانته فيها يكون مشوباً بالتعسف بما يوجب التعويض عنه، ولا ينال من ذلك إدانته فيها بحكم نهائي – فيما بعد – بتاريخ ٢١/٦/٢٠١٥، إذ لا يؤثر ذلك على صحة وسلامة قرار إنهاء خدمته وقت صدوره لما هو مقرر من أن العبرة في سلامة قرار إنهاء الخدمة وما إذا كان صاحب العمل قد تعسف في ذلك من عدمه هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت صدوره لا بعده، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون.
٤- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه إذا كان سبب النعي لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحته ولا يعود عليه منه أي فائدة فإنه يكون غير مقبول، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب المطعون ضده في استحقاق الحوافز ومنحة عيدي الفطر والأضحى وهو ما يستوي من حيث المآل والقضاء بسقوطهما بالتقادم الحولي ويتحقق به مقصد الطاعنة فإن ما تُثيره في هذا الشأن – أياً كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
٥- المقرر – في قضاء محكمـة النقض – أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد عملاً بأحكام المادة ٦٩٨ من القانون المدني، إنما راعي الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء، وهو يسري على دعاوى المطالبة بالمقابل النقدي عن رصيد الإجازات.
٦- مؤدى نص المادة ٣٨٣ من القانون المدني أن المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المُسقط هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يُراد اقتضاؤه، لهذا فإن صحيفة الدعوى المرفوعة للمطالبة بحق ما لا تقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يوجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، فمتى تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع مدة التقادم بالنسبة للحق الآخر.
٧- إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده انتهت خدمته في ١٣/٩/٢٠١٤ ولم يبد طلبه بالمقابل النقدي لرصيد الاجازات والفوائد القانونية إلا بموجب صحيفة تعديل الطلبات بتاريخ ١/٤/٢٠١٧ وبعد مضى أكثر من سنة على إنهاء خدمته، فان حقه في إبداء هذا الطلب يكون قد سقط بالتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة سالفة البيان، ودون أن يكون لرفع دعواه بالطلبات الأصلية قبل انقضاء مدة هذا التقادم ثمة أثر في هذا الخصوص لتغاير الحق بينهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدئ بهذا التقادم على ما تساند إليه من أن الطلبات الأصلية تعد قاطعة للتقادم بشأنها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
٨- من المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة ٢٧١ من قانون المرافعات أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها فإن نقض الحكم في قضائه بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده المقابل النقدي لرصيد الإجازات يترتب عليه نقض الحكم فيما قضى به من إلزام الطاعن بالفوائد المستحقة عنه باعتباره مؤسساً عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه الســيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده تقدم بشكوى لمكتب العمل المختص يتضرر فيها من إنهاء خدمته دون مبرر ولتعذر التسوية أُحيلت الأوراق إلى محكمة أسوان الابتدائية وقيدت أمامها برقم … لسنة ٢٠١٤ عمال، وحـدد المطعون ضده طلباته الموضوعية بطلب الحكم ببطلان قرار إنهاء خدمته وعودته للعمل وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الطاعنة أن تؤدي له مبلغ ٩٩٩٦٠٠ جنيه قيمة مكافأة نهاية الخدمة ومبلغ ١٧٦٤٠٠٠ جنيه أجره عن باقي مدة خدمته حتى بلوغه سن التقاعد ومبلغ ١٤٧٠٠٠ جنية قيمة المستحق له عن الشهر الثالث عشر عن باقي سنوات الخدمة والتعويض المادي والأدبي الذي تقدره المحكمة، وبتاريخ ١/٤/٢٠١٧ طلب الحكم بأحقيته في المقابل النقدي لرصيد الإجازات والتعويض المنصوص عليه بالمادة ١٢٢ من قانون العمل، ومنحة عيدي الفطر والأضحى، والفوائد القانونية. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريريه الأصلي والتكميلي قضت بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ٢٤٩٩٠ جنيهاً المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية، ومبلغ ٢٧٤٨,٩٠ قيمة الفوائد المستحقة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف المطعون ضده والطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا – مأمورية أسوان – بالاستئنافين رقمي …، … لسنة ٣٧ ق وبعد أن أمرت بضمهما ندبت لجنة ثلاثية من الخبراء وبعد أن أودعت تقريرها حكمت بتاريخ ٢/٦/٢٠٢٠ في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضی به من رفض طلب بطلان قرار الفصل والتعويض عنه وبإلزام الطاعنة أن تودى للمطعون ضده مبلغ ٤٨٢٧٢٤ جنيهاً تعويضاً عن فصله تعسفاً، وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم فيما قضى به من مقابل إجازات بجعله مبلغ ٧٣١٤ جنيهاً وجعل الفوائد المستحقة عنه مبلغ ٨٤٨ جنيهاً. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه جزئياً، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان الأوجه الأول والثاني والثالث منه تقول: إنها استعملت حقها في إنهاء علاقة العمل بالإرادة المنفردة طبقاً لنص المادة ١١٠ من قانون العمل رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ ووفقاً للضوابط المقررة بالمادة ٦٩ منه والتي أوردت حالات الخطأ الجسيم على سبيل المثال وليس الحصر – لإخلاله بالتزاماته الجوهرية بأن وضع نفسه موضع الشك والريبة وعدم الثقة في تصرفاته إذ تم اتهامه بالانتماء إلى جماعة محظورة وهي من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة وقُضي بإدانته عنها بحكم نهائي بالحبس بما يدعم ويؤكد سلامة قرارها وانتفاء التعسف من جانبها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى للمطعون ضده بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية وبدل مهلة الإخطار على سند من مخالفتها لقواعد التأديب بصدور قرارها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة ٥٩ من قانون العمل المشار إليه ودون العرض على المحكمة العمالية المختصة وأن ما نُسب للمطعون ضده لا يعد خطأ جسيماً يبرر فصله فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير مبررات فصل العامل من عمله مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً، وأن النص في المادة ١٢٩ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ على أنه ” لصاحب العمل أن يُنهي عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرماً لإنجاز عمل معين إذا حُكم على العامل نهائياً بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة وذلك ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ” يدل على أن المشرع جعل الحكم على العامل بعقوبة جناية سبب لانتهاء الخدمة أياً كان نوع الجناية ولم يجعل الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية غير عقوبة الجناية سبب لانتهاء الخدمة إلا إذا صدر في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم يكن الحكم مشمولاً بوقف التنفيذ، هذا ولما كان الفصل لهذا السبب يختلف عن الفصل التأديبي الذي وردت حالاته بالمادة ٦٩ من القانون ١٢ لسنة ٢٠٠٣ ولا يعتبر تطبيقاً لنظرية الفسخ للإخلال بالالتزام لأنه لا يشترط أن تكون للجريمة التي ارتكبها العامل صلة بعمله أو بصاحب العمل فلا يكون هناك إخلال بالتزام يرتبه العقد وإنما الفصل في هذه الحالة لا يعدو أن يكون إلا ممارسة لحق استثنائي في الإنهاء قرره المشرع لصاحب العمل صيانة لسمعة المنشأة التي قد يُسيئ إليها أن يبقى بها عامل ثبت جرمه بحكم نهائي في جناية أو في جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن جريمة الانضمام لجماعة محظورة المنسوبة للمطعون ضده قد تم حبسه احتياطياً فيها اعتباراً من ٢٨/١٢/٢٠١٣ ثم أُخلىَ سبيله بتاريخ ٢٧/٣/٢٠١٤ فأصدرت الطاعنة قرارها بإنهاء خدمته اعتبارا من ١٣/٩/٢٠١٤ قبل أن يُقضىَ بإدانته فيها بحكم نهائي وكان ما نُسب إلى المطعون ضده لا يُعد إخلالاً منه بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل، ومن ثم فإن قرار الطاعنة بفصله من العمل لمجرد اتهامه في الجريمة سالفة البيان دون أن تتربص صدور حكم نهائي بإدانته فيها يكون مشوباً بالتعسف بما يوجب التعويض عنه، ولا ينال من ذلك إدانته فيها بحكم نهائي – فيما بعد – بتاريخ ٢١/٦/٢٠١٥، إذ لا يؤثر ذلك على صحة وسلامة قرار إنهاء خدمته وقت صدوره لما هو مقرر من أن العبرة في سلامة قرار إنهاء الخدمة وما إذا كان صاحب العمل قد تعسف في ذلك من عدمه هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت صدوره لا بعده، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحي النعي بأسباب الطعن على غير أساس.
وفي بيان الوجه الرابع تقول: إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضده في المقابل النقدي لرصيد الإجازات والحوافز المستحقة له عن عام ٢٠١٤ ومنحة عيدي الفطر والأضحى والفوائد القانونية بالتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة ٢٩٨ من القانون المدني لإضافة هذا الطلبات في الدعوى بتاريخ ١/٤/٢٠١٧ بعد مضي أكثر من سنة على إنهاء خدمته في ٢٠/٧/٢٠١٤، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى برفض هذا الدفع على ما تساند إليه من أن الطلبات الأصلية تعتبر قاطعة للتقادم بشأنها رغم أن الحق في الطلبات المضافة يغاير الحق في الدعوى الأصلية ولا يعتبر من توابعه فإنه يكون معيباً ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في خصوص الحوافز المستحقة عن عام ٢٠١٤ ومنحة عيدي الفطر والأضحى غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه إذا كان سبب النعي لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحته ولا يعود عليه منه أي فائدة فإنه يكون غير مقبول، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب المطعون ضده في استحقاق الحوافز ومنحة عيدي الفطر والأضحى وهو ما يستوى من حيث المآل والقضاء بسقوطهما بالتقادم الحولي ويتحقق به مقصد الطاعنة فإن ما تُثيره في هذا الشأن – أياً كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن النعي في خصوص المقابل النقدي لرصيد الإجازات والفوائد المستحقة عنه فهو سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمـة – أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد عملاً بأحكام المادة ٦٩٨ من القانون المدني، إنما راعي الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء، وهو يسري على دعاوى المطالبة بالمقابل النقدي عن رصيد الإجازات. وأن مؤدى نص المادة ٣٨٣ من القانون المدني أن المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المُسقط هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يُراد اقتضاؤه، لهذا فإن صحيفة الدعوى المرفوعة للمطالبة بحق ما لا تقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يوجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، فمتى تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع مدة التقادم بالنسبة للحق الآخر، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده انتهت خدمته في ١٣/٩/٢٠١٤ ولم يبد طلبه بالمقابل النقدي لرصيد الاجازات والفوائد القانونية إلا بموجب صحيفة تعديل الطلبات بتاريخ ١/٤/٢٠١٧ وبعد مضى أكثر من سنة على إنهاء خدمته، فان حقه في إبداء هذا الطلب يكون قد سقط بالتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة سالفة البيان، ودون أن يكون لرفع دعواه بالطلبات الأصلية قبل انقضاء مدة هذا التقادم ثمة أثر في هذا الخصوص لتغاير الحق بينهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدئ بهذا التقادم على ما تساند إليه من أن الطلبات الأصلية تعد قاطعة للتقادم بشأنها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة ٢٧١ من قانون المرافعات أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها فإن نقض الحكم في قضائه بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده المقابل النقدي لرصيد الإجازات يترتب عليه نقض الحكم فيما قضى به من إلزام الطاعن بالفوائد المستحقة عنه باعتباره مؤسساً عليه.