المحكمة الذكية ومواكبة التطور الإلكتروني
بقلم /عمرو فتحى المحامى بالنقض
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه الذي عقد مؤخرا بوزيري العدل والمالية توجيهاته بتعزيز جهود خطة تطوير المنظومة القضائية وميكنتها عن طريق الإسراع فى الميكنة والتحول الرقمي، وتطوير ورفع كفاءة مقرات المحاكم، للتسهيل على المواطنين وذلك بعد تجدد مطالب عديدة بالأوساط القانونية، بعقد جلسات المحاكم بنظام إلكتروني يسمح بحضور الأطراف وعموم الجمهور للجلسات «عن بعد»، للحد من التجمعات البشرية ومواكبة الحداثة والتطور الالكتروني لاسيما في ظل أزمة جائحة كورونا على غرار محاكم دبي والكويت والسعودية والعديد من دول العالم التي سبقتنا الى هذا المجال .
ومما لا شك فيه ان خطة التحول الرقمي للمنظومة القضائية هو أمر محمود تقتضيه الحاجة لمواكبة التطور العالمى الا انه ومن جهة أخرى يكتنفه العديد من الصعوبات التي ينبغي العمل على تزليلها من اجل الى الوصول الى مستوى راق في تقديم هذه الخدمة ونؤكد على أن الاعتماد على النظام الرقمي فى عقد جميع جلسات المحاكم إلكترونيا سيكون أمرا صعبا في البداية فى ظل عدم امتلاك معظمها لمواقع الكترونية بالأساس، فضلا عن عدم وجود بنية تحتية مؤهلة للعمل التكنولوجي، والحقيقة أن التحول الإلكتروني الرقمي يرتكز على بناء البنية التحتية للتحول الإلكتروني وهو مشروع ضخم لابد أن ترصد له ميزانيات كبيرة يضاف لها برامج التدريب على مستوى الدولة للمتعاملين مع التقنية الحديثة الإلكترونية ابتداء من القضاء والمحامون وأعضاء النيابة والشرطة في مختلف درجات المحاكم والسكرتارية ومسئولي الأرشفة وكذلك قلم المحضرين وكذلك العاملين بالشهر العقاري والتوثيق وذلك من أجل الوصول الى الاستخدام الإلكتروني في معظم الإجراءات تسهيلا على المواطنين و اختصارا للوقت و الجهد وصولا للصورة المثالية في تقديم الخدمة.
ولا شك أن تحويل أعمال المحاكم والنيابة و الشرطة و الشهر العقاري عبر التقنية الرقمية الحديثة والاستعانة بالتحقيقات المصورة في النيابة ثم إحالة قرارات الإحالة و الاتهام آليا ليبدأ بعدها التقاضي إلكترونيا من خلال مدققات (اليو إس بي والسي دي) والتبليغ الإلكتروني عن طريق الرسائل النصية والبريد الإلكتروني، وبالمقابل لابد وأن تواكب السجون هذا التطور ببناء البنية التحتية الإلكترونية استعدادا لإجراء المحاكمات من بعد عبر دوائر مرئية تحفظ للسجناء كرامتهم ونفسيتهم ونفسية ذويهم، حيث كان في الماضي يأتي السجناء من السجون مسلسلي الأيدي والأرجل محاطين بحراسة أمنية ليدخلوا المحكمة وسط الجميع بشكل مؤلم ومؤثر.
لقد توافرت الإرادة السياسية لمشروع التحول الرقمى للمنظومة القضائية في مصرو لم يعد هناك مجالا للتراجع في ظل عالم يتطور الكترونيا كل يوم و في ظل محيط عربى و عالمى سبقنا بخطوات كبيرة الى هذا المجال وعليه فلابد من أن تتوافر لهذا المشروع الطموح كافة الإمكانيات و ان تذلل له كافة العقبات وصولا الى مجتمع متطور يقدم خدمة مميزة للمواطن وتنقل بها المجتمع المصري نقلة حضارية بقفزة نحو المستقبل الالكترونى الذي بات واقعا يعيش فيه العالم.
عمرو فتحى – المحامى بالنقض