المحاماة ما بين التعديل والتطوير
ماهر الحريري
سجينة هي أفكاري، حبيسة تلك كلماتي، وبداخلي صراع نفسي ورغبة عارمة في الكتابة ع ماذا؟ لست أدري وانتابتني حالة من المزاج المتقلب، ولا عجب فهذه طبيعة مؤكدة لبرج الجوزاء فلا شيء بالكون بثابت. كل يتغير ويتبدل وتلك سنة الحياة ليلا ونهارا، صيفا وشتاء، ربيعا وخريفا، واحتسيت كوبا من الشاي، وأشعلت سيجارة تلو الأخرى لترتيب أفكاري وألملم كلماتي. ففي الأفق، تبدو ملامح تعديلات دستورية ننتظر عليها الاستفتاء، وبقاعات المحاماة وأروقة المحاكم حديث عن تعديل لقانون المحاماة، نتعجل مناقشته بعد أن أصبح صدوره ضرورة تقتضيها ظروف الحال، ليس طمعا في نظام انتخابي يبيح للنقيب العام فرصة الترشح دورة أخرى، كما يروج البعض، لكن تفاديا لعوار أصاب قانوننا الحالي، بعد أن أبطلت المحكمة الدستورية بعض نصوصه وفقرات مواده، فأصاب حياتنا المهنية النقابية عوار بات يهدد المحامين والمحاماة.
وظهر هذا واضحا جليا، قانون يعالج كل قصور، ويتوافق مع مكتسبات دستورية تمتد لمجتمع بأسره تسود فيه عدالة ناجزة تقتص لكل مظلوم، وتقهر كل ظالم.
قانون ترتقي فيه المحاماة، فكرا وأداء، تشارك فيه المحاماة السلطة القضائية في تحقيق العدالة وكفالة حق الدفاع، يمارس فيه المحامي عمله دون خوف أو تهديد، ويحميه من كل اعتداء أمام الجهات، وفي أثناء وبسبب ممارسته لحق الدفاع.
قانون يحظر فيه القبض على محام أو احتجازه في غير حالات التلبس، ما دام يؤدي حق الدفاع، وتقف فيه المحاماة مع السلطة القضاية على قدم المساواة، ما دمنا بنص الدستور شركاء، وتدار فيه نقابة المحامين على أساس ديمقراطي تتمتع فيه بالاستقلال.
قانون يحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، وضبط جداولها لما تقتضيه ظروف الحال، يبيح لنقابة المحامين مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقا لمواثيق شرف ومهنية وأخلاقية، قانون تنفرد فيه نقابة المحامين بقيد أعضائها في كل المراحل بداية من الجدول العام حتى النقض.
قانون يتوافق ويواكب تطورات العصر، ترتفع فيه المعاشات، ونظام علاج تتحمل الدولة جزءا منه، وفقا لقواعد وأصول المواطنة، فهذه لنا أبسط الحقوق، فمتى إذن يخرج للنور هذا القانون؟