المحاماة رسالة ومهنة
بقلم: أ. عمر عبد ربه
إن المحامي يعيش في جو طليق دون أن يكون عبئاً ثقيلاً على وطنه، ليكرس وقته للكافة، دون أن يكون عبداً ذليلاً لأحد.
ديبــان ”نقيب محامين فرنسا الأسبق“.
إن المحاماة هي مهنة الحرية والكرامة والكفاح في مختلف مناحي الحياة وفي كل زمان ومكان.
المغفور له مصطفى مرعى المحامي.
”لو لم أكن ملكاً لفرنسا لوددت أن أكون محاميـــاً”
لويس الثاني عشر.
نشأت مهنة المحاماة منذ فجر التاريخ، فقد وجد عند المصريين القدماء منذ عام 2778ق.م جماعة من أهل العلم يسدون المشورة للمتخاصمين، وعند السومريين القدماء وفي عهد حمورابي عام 1750 ق.م كان لكل خصم في خصومة مدنية أو جنائية حق توكيل غيره للمطالبة بحقه أو ببراءته، ويرجع أول استعمال لمصطلح “advocates” ومعناه “من يستنجد به الناس ” إلى زمن “سيشرون ” وكان مضمونه ”صديق يساعد ويعضد المتهم بحضوره محاكمته”، وأصبح يستخدم هذا الاصطلاح بمعناه الحديث ”المحامي” في عصر الإمبراطورية الإغريقية الأولى، كما يرجع إنشاء أول نقابة إلي عهد “جوستنيان ” لتمييز الوكلاء بنوعيهم “الوكيل المدني والوكيل بالعمولة ”عن الصناع والتجار”، وكان لهم حق تكوين رابطة مهنية خاصة ولم يكن المحامون يؤدون قسم المهنة.
ويرجع أول تنظيم للمحاماة في البلاد الإسلامية إلي عام 1292ه – 1876م- حيث وضع في الدولة العثمانية نظام وكلاء الدعاوى، وفي مصر فإن أول لائحة لتنظيم المحاماة صدرت عام 1884 م، وأول قانون كان قانون رقم 26 لسنة 1912 الذي تم سنداً له تأسيس نقابة المحامين المصريين.
تعريف المحاماة:
المحاماة من الحماية، وترتبط المحاماة بالحياة القانونية، وتشكل الدعامة الأساسية لتحقيق العدل، فهي مهنة مستقلة تشكل مع القضاء سلطة العدل، وهي تشارك السلطة القضائية تحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون.
والفهم السليم للمحاماة يضعها في مكانها كجزء لا يتجزأ من سلطة العدل بإدراك الترابط العضوي بينها وبين القضاء وبإدراك أن المحامي أصبح جزء لا يتجزأ من المحكمة.
فالإنسان في صراعه من أجل الحياة وكفاحه المستمر في درء الأخطار عن حياته وماله وحريته وكرامته وعرضه بحاجة إلى حماية، والمحاماة وجدت لحماية أغلى ما لدى الإنسان حياته وكرامته وماله وحريته وعرضه، وحماية حقوق الأمة، والحياة لا تستقيم بدون حماية، ودون حماية المحاماة.
وما يؤكد ذلك، ما ذهب إليه المشرع في نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المحاماة بقوله: المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفى كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم.
وبذلك تعد المحاماة ند للسلطة القضائية، ولم يعد هـناك مجال للقول بان المحاماة من أعوان القضاء.