القوة القاهرة وأثرها على تنفيذ الالتزامات في عقود الإنشاءات الدولية

بقلم الدكتور / وليد محمد وهبه المحامي

القوة القاهرة وأثرها على تنفيذ الالتزامات في عقود الإنشاءات الدولية دارسة مقارنة لنظرية القوة القاهرة في القانونين المصري والانجليزي ونماذج عقود الإنشاءات الدولية ( الفيديك )

تعريف القوة القاهرة لم يستقر الفقه والقضاء علي تعريف القوة القاهرة وقد تنشأ القوة القاهرة بسبب حادث من فعل الطبيعة أو حوادث القضاء والقدر ومنها علي سبيل المثال الزلازل والبراكين والفيضانات والسيول والحريق وإلي غير ذلك ومنها ما قد ينشأ بفعل الانسان أو الأحداث السياسية مثل الحروب والنزاعات المسلحة والإضرابات المدنية والعمالية وإلي غير ذلك من الأحداث ينطبق عليها شروط القوة القاهرة فالحوادث الاستثنائية أو الأحداث في حد ذاتها قد لا تكون قوة قاهرة بل فيما خلفته من آثار ناشئة عن حدوثها من أحداث واضطرابات ولم يستقر تلك المفاهيم التي تتسم بالعمومية والشمول لنظريات الحوادث الاستثنائية التي تطرأ بعد إبرام العقد حتي تناول الفقه والقضاء استقلالها وتفريدها وذلك بوضع الشروط الواجب توفرها لأعمال تطبيقاتها واختلاف أثرها علي تنفيذ الالتزامات

الشروط الواجب توافرها في القوة القاهرة
الشرط الأول أن يطرأ بعد إبرام العقد حادث استثنائي لا دخل لإرادة الأطراف في حدوثه
تنقضي المسؤولية العقدية بالاعفاء من تنفيذ الإلتزام إذا كان راجعا لحادث استثنائي خارجا عن إرادة أطراف العقد وهذا السبب أما أن يكون حادثا بفعل الداءن نفسه أو حادثا جبريا أو قوة قاهرة
والقوة القاهرة تفيد بأن الحادث الذي حال دون التنفيذ يرجع لقوة أجنبية عن المدين أما الحالة الجبرية ترجع لسبب داخلي

وقضت المحكمة الإدارية العليا في إعمال تطبيقات هذا الشرط بأن تسبب جهة الإدارة في وقف الأعمال مما أدي إلي استطالة مدة التنفيذ دون دخل لإرادة المطعون ضده وجوب استحقاقه للتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة هذا التأخير يدخل فيه فروق أسعار المواد والأعمال وأجور العمالة
كما قضت بأن المشرع قد حدد كاصل عام مدة بدء عقد مقاولة الأعمال بتاريخ التسليم الفعلي للموقع إذا لم يحضر المقاول أو مندوبه هذا التسليم في الموعد الذي حددته جهة الإدارة اعتبر عدم حضوره بمثابة تسليم حكمي للموقع واعتبر بدءا لتنفيذ العمل وأن الأسباب التي تؤدي إلي امتداد مدة التنفيذ ولا تدخل ضمن مدة التأخير التي يتم حساب غرامة التأخير عنها هي الأسباب التي ترجع إلي جهة الإدارة ذاتها أو تلك التي لا يمكن للمتعاقد مع الإدارة توقعها ولا صلة له في وقفها

ويتضح بأنه لاعتبار الحادث قوة قاهرة يجب أن يطرأ حادث استثنائي خارجي لا دخل لإرادة الأطراف في حدوثه ولا يرجع سببه لأي منهما

الشرط الثاني أن تكون هذا الحادث غير متوقع ولا يمكن توقعه أو دفعه
وتعد العبرة في قياس درجة التوقع هي عدم إمكانية التوقع من أشد الناس يقظة فإذا أمكن توقع الحادث لوقوعه في مواعيد دورية حتي وإن كانت متباعدة مثل الفيضان أو الأمطار لا يعد حينها حادثا غير متوقع وفي تحقق شرط التوقع من عدمه هو وقت إبرام العقد فإذا كان الحادث غير متوقع وقت إبرام العقد توافر شرط التوقع حتي لو أمكن توقعه بعد إبرام العقد وقبل التنفيذ
أما عدم القدرة علي دفع الحادث فهو أن يكون من المستحيل تجنب أثر هذا الحادث حتي ولو بتضحيات كبيرة ويعد هذا شرطا بديهيا في تطبيق نظرية القوة القاهرة فإذا توقع الشخص الحادث أو كان في الإمكان توقعه أو دفعه فلا مجال لتطبيق النظرية لإمكانية تفادي أثر الحادث

الشرط الثالث أن يترتب علي هذا الحادث استحالة تنفيذ الالتزامات ويعد استحالة التنفيذ هو فيصل التفرقة بين نظرية القوة القاهرة وغيرها من نظريات الحوادث الاستثنائية وباعتباره الشرط المتفق عليه من أغلب الفقه والقضاء في تحديد إذا ما كان الحادث قوة قاهرة من عدمه وفي التفرقة بين نظرية القوة القاهرة والنظريات المشابهة لها من الحوادث الاستثنائية
وقضت المحكمة النقض في إعمال شرط استحالة التنفيذ بأنه علي ما جري به قضاء المحكمة وفقا لنص المادة ١/٥٦٩ من القانون المدني بهلاك العين المؤجرة هلاكا كليا علي هذا الهلاك أنفساخ العقد من تلقاء نفسه لاستحالة التنفيذ بانعدام المحل أيا كان السبب في هذا الهلاك سواء كان راجعا إلي القوة قاهرة أو خطأ المستأجر أو الغير ولا يجيز للمؤجر في أي من هذه الحالات علي إعادة العين إلي أصلها ولا يلتزم إذا أقام بناء جديد في مكان البناء الذي هلك كليا أن يبرم عقد إيجار جديد مع المستأجر وأن القوة القاهرة التي ينقضي بها التزام المدين يشترط فيها أن تكون أمرا لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه ويترتب عليه استحالة مطلقة وإذ كان الحكم قد استخلص عدم استحالة تنفيذ التزام الشركة

القوة القاهرة والنظريات المشابهة لها
نظرية الظروف الطارئة الأصل في القواعد المدنية التقليدية أن العقد شريعة المتعاقدين ولا يعفي أحد من المتعاقدين من التزامه قبل الطرف الآخر إلا في حالة القوة القاهرة وهي الحادث غير المتوقع الذي لا يمكن وقوعه والذي يجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلا

موقف الفقه والقضاء تجاه نظرية الظروف الطارئة وتصد القضاء الإداري المصري وعرفها بأنها الصعوبات المادية الاستثنائية التي تطرأ في تنفيذ العقد الإداري خصوصا عقود الأشغال العامة ولم تدخل في حساب طرفي العقد وتقديرهما عند التعاقد وتؤدي إلي أن يكون التنفيذ أشد وأطاة علي المتعاقد وأكثر كلفة

وبناء علي ذلك يتبين أن الظرف الطاري والقوة القاهرة إذا كانا يشتركان في أن كلا منهما لا يمكن توقعه ولا يستطاع دفعه إلا أنهما يختلفان بأن القوة القاهرة تجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلا أما الظرف الطاري فيجعل التنفيذ مرهقا فحسب ويترتب علي هذا الفرق في الشروط فرق في الأثر إذ القوة القاهرة تجعل الإلتزام ينقضي فلا يتحمل المدين تبعة تنفيذه أما الحادث الطاري فلا يقضي الإلتزام بل يرده إلي الحد المعقول فتتوزع الخسارة بين المدين والداءن ويتحمل المدين شيئا من تبعة الحادث

(ب) السبب الأجنبي والحادث الفجاءي أو الجبري
يعد السبب الأجنبي والحادث الفجاءي أو الجبري من أكثر نظريات الحوادث الاستثنائية مشابهة في تطبيقات القوة القاهرة باعتباره الأساس في انعدام رابطة السببية ما بين الخطأ والضرر
ونصت المادة ١/٦٥٥ من القانون المدني المصري بأنه إذا هلك الشي بسبب حادث مفاجئ قبل تسليمه لرب العمل فليس للمقاول أن يطالب لا بثمن عمله ولا برد نفقاته ويكون هلاك المادة علي من قام بتوريدها من الطرفين ونصت المادة ١٦٥ مدني مصري بأنه إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو إتفاق علي غير ذلك كما نصت المادة ٢١٥ مدني مصري بأنه إذا استحال علي المدين أن ينفذ الإلتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه ونصت المادة ١/٢١٧ مدني مصري بأنه يجوز الإتفاق علي أن يتحمل المدين تبعة الحادث المفاجئ والقوة القاهرة
موقف الفقه والقضاء تجاه نظرية السبب الأجنبي والحادث الفجاءي أو الجبري
قضت المحكمة الإدارية العليا من اللائحة التنفيذية من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات والتي تسري علي النزاع المطروح أمامها أنه يجب علي المقاول إنهاء الأعمال موضوع التعاقد بحيث تكون صالحة تماما للتسليم المؤقت في المواعيد المحددة ويجوز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة منح المقاول مهلة إضافية لإتمام التنفيذ مع توقيع غرامة تأخير عليه عن المدة التي تأخر فيها حتي ميعاد التسليم المؤقت وهذه الغرامة طبقا للمستقر عليه في قضاء هذه المحكمة هي جزاء يقصد منه ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته في المواعيد المتفق عليها حرصا علي سير المرفق العام بانتظام ومناط توقيعها أن يكون التأخير راجعا إلي فعل المتعاقد مع الإدارة وتراخيه في إتمام تنفيذ الأعمال خلال المدة المقررة ويعفي منها إذا كان التأخير في تسليم الأعمال لأسباب ترجع للجهة الإدارية المتعاقدة أو لقوة قاهرة لا دخل له فيها

(ج) الخطأ العقدي
من المستقر عليه أن الخطأ العقدي هو عدم تنفيذ المتعاقد لالتزامه الناشي عن العقد ويستوي في ذلك أن يكون عدم قيام المدين بالإلتزام ناشءا عن عمده أو إهماله أو عن فعله دون عمد أو إهمال
ونص المادة ٨٤ من اللائحة التنفيذية من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات بأنه إذا أخل المقاول بأي من شروط العقد أو أهمل أو أغفل القيام بأحد بالتزاماته المقررة ولم يصلح أثر ذلك خلال ١٥ من تاريخ انذاره بكتاب موصي عليه بعلم الوصول علي عنوانه المبين بالعقد بالقيام بإجراء هذا الإصلاح كان للسلطة المختصة الحق في إتخاذ أحد الإجراءين التاليين وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة فسخ العقد أو سحب العمل من المقاول وتنفيذه علي حسابه بنفس الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها وذلك باحدي طرق التعاقد المقررة بقانون المناقصات والمزايدات.

موقف الفقه والقضاء تجاه نظرية الخطأ العقدي
ينقسم الخطأ العقدي في تنفيذ أعمال عقود الأشغال العامة إلي نوعين من الخطأ حيث يتمثل أحدهما في خطأ المقاول المتعاقد مع الإدارة والآخر في الخطأ المتمثل من جانب الجهة الإدارية وحق المادة ٨٤ من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات حق الجهة الإدارية في حالة خطأ المقاول بفسخ العقد أو سحب العمل من المقاول وتنفيذه علي حسابه وحقها في خصم ما تستحقه من غرامات وقيمة الخسارة التي تلحق بها بما في ذلك فروق الأسعار والمصروفات الإدارية ومقابل التأخير علي أرصدة الدفعات وفقا لسعر الائتمان والخصم المعلن من البنك المركزي وذلك من أية مبالغ مستحقة أو تستحق للمتعاقد لديها وفي عدم كفايتها تلجأ إلي خصمها من مستحقاته لدي أي جهة إدارية أخري أيا كان سبب الاستحقاق دون الحاجة إلي إتخاذ أية إجراءات قضائية وذلك مع عدم الإخلال بحقها في الرجوع بما لم تتمكن من استيفاءه من حقوق بالطريق الإداري ولسلطة الإدارة في نطاق العقود الإدارية الحق في إنهاء العقد الإداري بإرادتها المنفردة قبل انتهاء مدته علي الرغم من عدم ارتكاب المتعاقد معها لأي خطأ وذلك متي اقتضت المصلحة العامة وفقا لحسن سير المرفق العام بانتظام
أما الخطأ المتمثل من جانب الجهة الإدارية في تنفيذ التزاماتها تجاه المتعاقد معها وفقا لنص المادة ٧٨ من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المصري فإن سلطة الإدارة في تعديل التزامات المقاول بالزيادة أو النقص بإرادتها المنفردة يرد عليها عدة قيود وهي إلا يتجاوز التعديل نسبة آل ٢٥% لكل بند من بنود العقد وإلا يترتب علي هذا التعديل الإخلال باقتصاديات العقد والحصول المسبق علي موافقة السلطة المختصة علي إجراء التعديل ووجود الاعتماد المالي اللازم وصدور التعديل خلال فترة سريان العقد وإلا يؤثر ذلك علي أولوية المتعاقد في ترتيب عطاءه ويجب علي الجهة الإدارية بأن تلتزم بالقيود والضوابط عند ممارسة سلطتها في تعديل شروط العقد بإصدار أوامر التغيير أثناء تنفيذ العقد فإذا تجاوزت هذه القيود والضوابط عند إصدار أوامر التغيير فإنها تكون قد ارتكبت خطأ عقديا يستوجب حق المقاول في التعويض وزيادة قيمة العقد وإضافة مدة إلي الوقت المحدد لإتمام تنفيذ الأعمال

نظرية القوة القاهرة في القانون الانجليزي
طبقت الشريعة العامة الإنجليزية حتي عام ١٨٦٣ مبدأ إلزام المتعاقدين بمسؤولية تنفيذ التزاماتهم العقدية بدون أي تعذر أو تحجج لعدم القدرة علي الوفاء بالإلتزام ولكن مع تطور الفقه والقضاء الانجليزي تم التنبه إلي ضرورة إقرار وقبول نظرية القوة القاهرة وتطبيقاتها في الشريعة العامة الإنجليزية
الشروط الواجب توافرها في القوة القاهرة

الشرط الأول أن يطرأ بعد إبرام العقد حادث استثنائي خارجي لا دخل لإرادة الأطراف في حدوثه أو توقعه ولا يمكن دفعه
استقر أغلب الفقه الانجليزي علي عدم إمكانية توقع السبب الخارجي كسبب لفسخ العقد ويشمل ذلك السبب الخارجي القوة القاهرة أو الأحداث غير المتوقعة التي تحول دون تنفيذ الالتزامات وأعطي الفقيه تريتل مثالا علي ذلك بأن استئجار سفينة للذهاب لمنطقة الحرب وهلاكها لا يمكن اعتباره ضمن القوة القاهرة ويرجع السبب في ذلك لأنه من الممكن توقع الهلاك نظرا لظروف الحرب

الشرط الثاني استحالة تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد
أن المستقر عليه في فقه الشريعة العامة الإنجليزية وجود بعض الافتراضات التي تعد سببا لتطبيق معيار استحالة تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في العقد ونذكر منها علي سبيل المثال هلاك محل التنفيذ أو الوفاة أو العجز أو المرض في عقود الخدمات الشخصية وفي الغالب نري تضمن العقد بند تعليق التنفيذ علي قدرة المدين في تنفيذ التزامه ويقاس علي ذلك إذا كان سبب الاستحالة يرجع لمنع السلطات العامة بشكل نهائي أو يتجاوز مدة تنفيذ العقد المتفق عليها

ويتبين أن معيار استحالة التنفيذ في فقه الشريعة العامة الإنجليزية والقضاء الانجليزي قد جمع بين الاستحالة المطلقة والعارضة أو بمعني آخر فإن الفقه والقضاء الانجليزي قد جمع نظريات الحوادث الاستثنائية تحت نظرية القوة القاهرة أو البند المتعلق بها
الشرط الثالث نص العقد علي البند المتعلق بالقوة القاهرة
تفرد فقه الشريعة العامة الإنجليزية والقضاء بإلزام نص العقد علي البند المتعلق بالقوة القاهرة لأعمال أثرها علي تنفيذ الالتزامات حيث عرف معجم يورك القوة القاهرة علي أنها حدوث شي خارج عن إرادة المتعاقدين مثل الإضراب أو الحرب أو العاصفة أو ما يحول دون الوفاء بالتزامات العقد وعرفها معجم الحارثي بأنها علي سبيل المثال وليس الحصر الحروب أو الإضرابات أو أفعال القضاء والقدر أو ما يؤول إليها
القوة القاهرة والنظريات المشابهة لها وفقا لما استقرت عليه اجتهادات فقه الشريعة العامة الإنجليزية والقضاء فإن البند المتعلق بالقوة القاهرة في العقد يجمع بين كل من نظرية القوة القاهرة والظروف الطارءة وتعد نظرية الإحباط في التنفيذ هي الأقرب في تماثلها في تطبيقاتها والشروط الواجب توافرها في القوة القاهرة

نظرية الإحباط في التنفيذ تنبه فقه الشريعة العامة الإنجليزية في حالة عدم نص العقد علي البند المتعلق بالقوة القاهرة حيث أوجد الحل القانوني لمثل هذا الفرض بإقرار حالة من التخيل بوجود البند المتعلق بالقوة القاهرة في العقد وذلك كمحاولة للتخفيف من حدة اعباء المسؤولية الصارمة لتنفيذ الالتزامات وهو ما يطلق عليه نظرية الإحباط في التنفيذ وأضاف اللورد كليف شرطا لتطبيق هذه النظرية وهو عدم ثبوت الخطأ في جانب أي من الأطراف وحينها يستحيل تنفيذ الالتزامات بناء علي الحادث الاستثنائي الخارجي الذي غير بطريقة جذرية الالتزامات عن وقت إبرام العقد ويتطلب تطبيق نظرية الإحباط في التنفيذ أن يكون الحادث غير متوقع باعتبار أن التوقع يؤدي إلي إمكان الدفع وحينها لا يوجد مبرر لتطبيق النظرية وعلي خلاف ذلك قد تم تطبيق نظرية الإحباط في التنفيذ في بعض الحالات الخاصة مع إمكان التوقع المسبق للأحداث وتجمع تطبيقات القوة القاهرة الإحباط في التنفيذ من حيث شروط تطبيق أي منهما وذلك بأن يقع حادث استثنائي لا دخل لإرادة الأطراف في حدوثه ولا يمكن توقعه أو دفعه ويترتب علي هذا الحادث استحالة تنفيذ الالتزامات ويكمن الإختلاف الجذري في تطبيق القوة القاهرة بإلزام نص العقد علي البند المتعلق بها وقت إبرام العقد
ويعتبر الغرض من تطبيق القوة القاهرة علي العقد في الأساس هو تضييق المسئولية المطلقة لتنفيذ الالتزامات وحصرها في مسؤولية الخطأ العقدي وبالتالي فإن شروط تطبيق نظرية القوة القاهرة لا تعني استبعاد نظرية الإحباط في التنفيذ ويضيف الفقيه مكيندرك بأن تطبيق القوة القاهرة لا يستتبع استبعاد تطبيق الإحباط في التنفيذ نظرا لإمكانية مشاركتهما نفس الأحداث العامة علي أنه في حالة عدم النص في العقد لا يتم تطبيق نظرية القوة القاهرة ويتم اللجوء لتطبيق نظرية الإحباط في التنفيذ

تطبيقات عملية للمحاكم الإنجليزية
قضت المحكمة في قضية بانك ضد هولبود المحدودة بأنه علي الرغم من فرض العقوبات الدولية فإن ذلك لا يستتبع بالضرورة استحالة تنفيذ الالتزامات ومما لا يعتبر بالاحقية لإنهاء العقد علي أساس توافر القوة القاهرة وقضت محكمة والاس بتعريف القوة القاهرة في العقد بأنها حدث غير طبيعي وغير متوقع الحدوث ولا يمكن السيطرة عليه من جانب الطرف المتاثر بها وذلك مع بذله أقصي عناية ممكنة لتفاديه وتأكيدا لما تقدم قضت محكمة الإستئناف الإنجليزية بأن الاضرابات وأعمال الشغب تعد من بنود القوة القاهرة التي ينتج عن أثرها بطبيعة الحال إعفاء المتعاقدين من تنفيذ التزاماتهم وذلك بناء علي الدفع بحدوث القوة القاهرة مما استحال معه تنفيذ الإلتزام كما ورد بالعقد وإذ كانت المشكلة محل النزاع بسبب التأخير في الميناء نتيجة إضرابات رسمية وغير رسمية فإن هذا الوقت يخرج من حساب وقت العقد المتفق عليه والدفع ببند القوة القاهرة يلقي محله حينها وإن كان التأخير ناتجا عن الازدحام التابع للإضراب مما يؤدي بالمحكمة إلي قبول دفع القوة القاهرة وامتداد أثرها علي العقد حتي بعد انتهاء حدوثها وإن الخطأ العقدي لا يعتد به كحادث من تطبيقات القوة القاهرة وتأسيسا علي ذلك فإن الدفع المقدم من المدعي نظرا لفساد الأسمنت نتيجة تأخر اتخاد والإجراءات الواجب اتباعها لمطابقة والمواصفات والقبول لا يعد دفعا أساسه الخطأ وليس القوة القاهرة وإن ترتب ذلك بناء علي خطءه في اختيار المورد وفي تقصيره في عدم اختيار مورد يضمن له توصيل البضاعة سليمة في ميعادها بدون تأخير حتي ولو كانت تكلفة ذلك أكثر من المتبع دفعه وباعتبار أن زيادة التكاليف أو تغير الوضع المالي لأحد الأطراف لا يعد سببا قانونيا للتمسك بدفع القوة القاهرة لاستحالة التنفيذ والأساس في معيار قبول الإدعاء بحدوث القوة القاهرة يتطلب توافر شرط استحالة التنفيذ والدفع بأن ارتفاع أسعار الغاز أدت بالمدعي إلي عدم إمكانية توفير امداده بالغاز لا يعتد بقبوله من أحداث القوة القاهرة لعدم استحالة التنفيذ

نستخلص مما تناوله فقه الشريعة العامة والقضاء الانجليزي بشأن تعريف القوة القاهرة والشروط الواجب توافرها للاعتداد بحدوثها أنه علي الرغم من تنوع المصادر القانونية في التشريع الإنجليزي بقبول تطبيقات نظرية القوة القاهرة وأثرها علي تنفيذ الالتزامات وذلك بوضع الشروط الواجب توافرها في القوة القاهرة لأعمال تطبيقاتها بأن يطرأ بعد إبرام العقد حادث استثنائي لا دخل لإرادة الأطراف في حدوثه وغير متوقع ولا يمكن دفعه وما يترتب علي هذا الحادث من آثار تؤدي بدورها لاستحالة التنفيذ الالتزامات

عقود الإنشاءات الدولية::( الفيديك )
التعريف ::: هي بنود عقدية معدة الصياغه من قبل واضعيها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين للالتزام بالعمل علي ما نصت عليه بنودها بحسب ما تم الاتفاق عليه وتتنوع إصدارات هذه النماذج وفقا لخصائص وطبيعة كل نموذج عقدي والغرض الذي أعد له في مجال الهندسة المدنية ومنها علي سبيل المثال عقد التشيد، ،،،، وعقد التجهيز والتصميم والتنفيذ وعقد المشروع المتكامل وعقد المقاولة المختصر
وعقد المقاولة من الباطن واتفاقية الخدمات النموذجية

المطالبات الناشئة عن حدوث القوة القاهرة في نماذج عقود الإنشاءات الدولية(الفيديك )
الشروط العامة للمطالبات في نماذج عقد المقاولة الرئيسية تشمل نماذج عقود الإنشاءات الدولية في أغلب إصداراتها علي الشروط العامة وإرشادات إعداد الشروط الخاصة وكتاب العرض واتفاقية العقد واتفاقيات فض النزاع والخلافات حول العقد وترجع الحكمة من ذلك لرغبة الإتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين بتقديم أقصي مساعدة ممكنة في شتي نماذجها العقدية في مجال الإنشاءات وتسهيلا لعملية إعداد وثائق العطاءات وتوفير المرونة المتاحة في صياغة الشروط العامة وايضاحها فيما ينبغي الأخذ به وبيانه في الشروط الخاصة وتبسيط الصياغه القانونية لنماذجها العقدية لسهولة إستخدامها

أولا نموذج شروط تنفيذ أعمال عقد إنشاءات الهندسة المدنية إصدار عام ١٩٨٧ والتعديلات التي أدخلت عليه حتي عام ١٩٩٢
خصص هذا النموذج العقدي الفصل الثالث والخمسين للإجراءات الواجب إتباعها لكافة المطالبات التي تنشأ عن تنفيذ أعمال عقد إنشاءات الهندسة المدنية حيث نص البند ١/٥٣ الإخطار بالمطالبات بأنه يجب علي المقاول بخلاف أي حكم من أحكام هذا العقد في حالة المطالبة بأية مبالغ إضافية وفقا لأحكام هذه الشروط أو غيرها أن يخطر المهندس رغبته في المطالبة وإرسال صورة من الإخطار المشار إليه إلي صاحب العمل وذلك خلال ال ٢٨ يوما لظهور الحدث الذي يعد حقا للمطالبة به
ونص البند ٢/٥٣ التسجيلات المعاصرة علي أن يحتفظ المقاول في حالة قيام الحدث المشار إليه في البند الفرعي ١/٥٣ بتسجيلات معاصرة الأحداث التي تدعم تأييد أي مطالبة قد يرغب في تقديمها وعلي المهندس بمجرد تسلمه الإخطار وفقا للبند الفرعي ١/٥٣ دون أن يضطر إلي التسليم بمسؤولية صاحب العمل بفحص هذه التسجيلات المعاصرة وإن يصدر تعليمات إلي المقاول للاحتفاظ بتسجيلات معاصرة إضافية تكون معقولة وتؤيد المطالبة موضوع الإخطار وعلي المقاول السماح للمهندس بفحص كل التسجيلات التي يحتفظ بها المقاول أعمالا للبند الفرعي وإعطاء المهندس صور التسجيلات في حالة تلقي التعليمات منه

ثانيا نماذج شروط تنفيذ أعمال عقد الإنشاءات وعقد تجهيزات التصميم والتنفيذ وعقد التصميم والاستراء تسليم المفتاح ونموذج عقد الإنشاءات لبنوك التنمية متعددة الأطراف تماثلت أحكام بنود تلك النماذج العقدية بتخصيص الفصل العشرين للمطالبات والنزاعات والتحكيم حيث نص البند ١/٢٠ مطالبات المقاول بأنه إذا كان المقاول يعتبر نفسه مستحقا لأي تمديد في مدة الإتمام أو أي دفعة إضافية بموجب أي بند من هذه الشروط أو لغير ذلك من الأسباب مما يتصل بالعقد فإنه علي المقاول أن يرسل إلي المهندس إخطارا مبينا فيه الحدث أو الظرف المؤدي للمطالبة ويجب إرسال هذا الإخطار في أقرب وقت ممكن عمليا خلال فترة زمنية لا تتجاوز آل ٢٨ يوما من تاريخ علم المقاول أو وجوب علمه بالحدث أو الظرف المؤدي للمطالبة وفي حالة إخفاق المقاول في إرسال الإخطار خلال ٢٨ يوما فإنه لن يتم تمديد مدة الإتمام ولن يكون من حق المقاول تقاضي أية دفعة إضافية ويعتبر صاحب العمل أنه قد أخلي مسؤولية فيما يتعلق بتلك المطالبة

المراجع المنقول منها
الدكتور إسلام جمعه القوة القاهرة وأثرها في تنفيذ الالتزامات في عقود الإنشاءات

الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين الفيديك
الأستاذ الدكتور عبدالرازق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني
الأستاذ الدكتور سليمان محمد الطماوي
الأسس العامة للعقود الإدارية

الأستاذ الدكتور عبدالعزيز عبدالمنعم خليفة
المسؤولية التعاقدية في تنفيذ العقود الإدارية

زر الذهاب إلى الأعلى