السب والقذف فى العالم الافتراضى والقانون

دينا المقدم
إن مواقع التواصل الاجتماعى سلاح ذو حدين، يمكن استخدامها في الاتجاه الصحيح عند نشر الفضيلة، والقيم، والأخلاق، والتواصل من خلالها، واكتساب صداقات ومعارف جديدة، لكنها قد تحمل جانباً خبيثاً ربما يفوق بخبثه حسناته هذه، وذلك عند استخدامه في نشر الرذيلة، والانحطاط، وتبادل عبارات السب، والشتم، والقذف، والتشهير، والاستهزاء، والسخرية من الآخر.
لقد أصبحت بعض المجموعات العربية التي تهتم بالشأن المصرى ساحة للمنازعات، وتصفية الحسابات، ولم يعد غريباً أن نرى الشتائم والعبارات المسيئة والقذف متداولة بينهم، وبمختلف الفئات دون خوف من الله، أو مراعاة لصلة الدين، والإنسانية، والأخلاق، والعروبة، لدرجة بتنا فيها نشعر بأن الوضع أصبح اعتيادياً، رغم أن نظام الجرائم المعلوماتية في مصر يجرم هذه الأفعال لحفظ حقوق الناس، وصيانة أعراضهم، وتعاقب من يثبت قيامهم بمثل هذه الأفعال بأنه لن يفلت من العقاب.
وقد عرفت ظاهرة السب والشتم، في السنوات الثلاث الأخيرة، انتشارا واسعا في مصر، حيث كثيراً ما نرى بعض الأشخاص الجهلة الذين يسبون، ويشتمون، ويقذفون الناس على أي خبر إعلامي، أو صورة، أو فيديو معين بدون سبب، سوى أن المنشور لا يوافق هواه، وأحيانا حسدا من عند أنفسهم. وفي غالب الأمر، تكون مجرد شتيمة وكأنه في الشارع يكتبها على الناس بدون أن يشعر بالآخرين الذين سيقرءون السب من بعده، حيث طال السب الجميع، سواء كانوا رجالا أو نساء. ومما يحز في النفس أن جل المتخاصمين والمختلفين يتهربون من المواجهة، والنقاش الجاد، والنقد البناء على أرض الواقع، ويلجأون لاستعمال الفيسبوك لتبادل التهم، والقذف، والشتم، وممارسة بعض الأفعال الصبيانية التي تضر بالفرد والمجتمع ، بعيدين كل البعد عن عالم الأخلاق العظيمة، وعن المدينة الفاضلة، يخوضون معارك وحروبا كلامية طاحنة في تلك القرية الكونية الافتراضية التى أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم.
من جهة أخرى، أصبح موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) غطاء يتخفى به كثير من المستخدمين، من خلال توظيف حساب شخصي بأسماء مغالطة، وصور أخرى، يوظف من خلالها المستعمل شخصية أخرى في باطنه، ربما تكون شخصية عدائية، شرسة تعتمد على لغة السب، والشتم، والجدال الحاد، بمبدأ معي أو ضدي، مما يقتل مبدأ الحوار والمحاورة بالتي هي أحسن.

ولعل سلبيات الفيسبوك لا تقف عند هذا الحد، بل هناك فئات أخرى تتعلَّق بعدم تقبُّل الرأي الآخر، والنقاشات الحادة، والمشاحنات بين الشباب على تلك المواقع، فهذا سني، وشيعي، وبعثي لا يقبل إلا رأي زميله، وذاك علماني يظن أنه يملك الحقيقة المطلقة، ولا مكان لمن يخالفه الرأي، بل ينعته بالرجعي والمتخلف، حتى أصبح العداء في الفيسبوك مثل الركيزة الأساسية في كل التعليقات، فلا مكان لخبر، أو فيديو، أو صورة، أو كتابات دون تطفلات بعض المستخدمين بطابع عدائي يبنى على السب والشتم.

الإجراءات القانونية:
الإجراءات القانونية التي يجب اتخاذها عند التعرض للسب أو القذف في فيسبوك أو يوتيوب: يجب أولا الاحتفاظ بالتدوينات التي تحتوي على السب أو القذف، ثم التوجه إلى قسم الشرطة، أو النيابة العامة، وتقديم بلاغ بالواقعة، وإثبات نص هذه الرسائل بالمحضر. وإن أمكن طبعا صورة لهذه التدوينات، ستتم إحالة المحضر إلى النيابة العامة. وإذا ثبت وقوع الجريمة، فتتم إحالة المتهم إلى المحاكمة بتهمة السب والقذف.
يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذئ”.
كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى