الحقوق والمسؤولية في قانون الأحوال الشخصية.
بقلم: الأستاذ/ محمود أحمد راغب
تستمد أحكام الأحوال الشخصية في مصر من الشريعة الإسلامية، ومنذ بدايات القرن العشرين والمشرع المصري لم يتوقف عن تعديل قوانين الأحوال الشخصية لمسايرة التطور في العلاقات الاجتماعية وإقرار المزيد من الحقوق الإنسانية للمرأة والرجُل، ومحاولة إقامة التوازن العادل في مجال العلاقات الأسرية.
وكانت تلك الجهود تواجه بالكثير من العقبات التي ينجم أغلبها عن سوء الفهم لطبيعة ومضمون المساواة بين الجنسين، أو عن ثقافات تعتنق مفهوم التمييز وتحاول ترسيخه عن طريق محاربة كل تغيير في القوانين، أو عن خلط متعمد بين الأحكام الشرعية الملزمة والآراء الفقهية الاجتهادية في المسائل الاجتماعية المتغيرة بطبيعتها، فهناك نوعان من القواعد في مجال الأحوال الشخصية قواعد موضوعية وقواعد إجرائية.
فالقواعد الموضوعية ينظمها أساسًا القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، والمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، ثم القانون 100 لسنة 1985، وبعض الأحكام في قوانين أخرى متفرقة.
والقواعد الإجرائية يتضمنها أساسًا القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والقانون رقم 10 لسنة 2004 الذي أنشأ محاكم الأسرة.
وتصدر الأحكام القضائية في منازعات الأحوال الشخصية طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة. وتصدر الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتَّحدي الطائفة والملة طبقًا لشريعتهم فيما لا يخالف النظام العام (م3 من قانون 1 لسنة 2000).
والحق في الزواج من حقوق الإنسان يتمتع به الرجل والمرأة وقد حدد القرآن الكريم أغراض الزواج في قوله تعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}، لكن يثور هنا التساؤل ماذا أن كان الزواج بعقد عرفي وأنكر أحد الأطراف الزواج في هذه الحالة يمكن إثبات الزواج إما بشهادة الشهود أو أن يقر الطرف الذي أنكر الزواج به أو أن يطلب من الطرف المنكر أن يؤدى اليمين بأنه غير متزوج فيرفض تأدية اليمين، و كذلك تقبل دعوى إثبات النسب أو نفيه من الزواج العرفي لكن لا يرتب الزواج العرفي المنكور توارث بين الزوجين.
أما الطلاق فيحق للزوجة طلب الطلاق دون المساس بحقوقها في الحالات الآتية:
إهانة الزوجة أو التعرض لها بالضرب، عدم الإنفاق، حبس الزوج مدة تزيد عن ثلاث سنوات يحق لها رفع الدعوى بعد سنة، بسبب العنة (عدم القدرة الجنسية) ومرض البرص، الزواج من أخرى.
والضرر المقصود في القانون لم يرد على سبيل الحصر بمعنى أن أي ضرر تستطيع الزوجة إثباته يحق لها طلب التطليق.
ولا يجوز رد المهر إلا في حالة الخلع فقط والمهر هو المال الذي يدفعه الرجل للمرأة عند الزواج بها وهو ليس ركنا من أركان الزواج.
ولا يتوجب للزوجة نفقة إلا إذا كانت في طاعة زوجها وأن تسلم نفسها إليه وقت طلبه، إن دين النفقة لا يسقط ولو لم يتم الاتفاق على النفقة بين الزوجين أو يصدر بها حكم، ويجوز للزوجة أن تطالب بنفقه سابقة على رفع الدعوى شريطة ألا تجاوز سنة سابقة على تاريخ رفع الدعوى، و كذلك دين النفقة لا يسقط بموت أحد الزوجين ولا بالطلاق، فإذا مات الزوج كان للزوجة الحصول على متجمد نفقتها من تركته وإذا ماتت الزوجة كان متجمد نفقتها تركه عنها تورث، كما أن للمطلقة الحق فيما تجمد لها من النفقة حال قيام الزوجية ما لم يكن زوجها قد طلقها خلعا في مقابل هذا المتجمد من النفقة، وتجب النفقة للزوجة غير المدخول بها من تاريخ عقد الزواج لأن عدم دخول الزوج بزوجته ليس مانعاَ من فرض نفقتها.
وتعد تقدير النفقة حسب حالة الزوج المادية وحالته الاجتماعية في الوقت الذي يجب عليه فيه الإنفاق على زوجته ولا يمنع غياب الزوج من فرض النفقة عليه.
وشروط استحقاق الزوجة للنفقة أن يكون عقد الزواج صحيحا وتحقق الاحتباس لمصلحة الزوج أو الاستعداد للاحتباس وإن لم يتحقق بسبب ليس قبل الزوجة، ولا يمنع مرض الزوجة أو يسارها أو اختلافها في الدين مع الزوج من استحقاقها لنفقة الزوجة.
يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج حق الدراسة أو العمل ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للزوج الاستناد إلى كونها ناشزا إلى خروجها من مسكن الزوجية للعمل أو للدراسة، إلا إذا كان خروجها للعمل فيه ضرر لمصلحة الأسرة أو فيه إنهاك لقوى الزوجة أو مرضها.
أما نفقة العدة هي في حقيقتها نفقة زوجية لأن المطلقة تعد، وتشمل المأكل والملبس والمسكن في حكم الزوجة خلال فترة العدة، وتجب على جميع المطلقات، عدا المطلقة قبل الدخول أو الخلوة، فهي وحدها التي لا يتعين عليها الانتظار لانقضاء المدة الزمنية فيما بين الطلاق والزواج.
وعدة المطلقة رجعيا أو بائنا ثلاث حيضات لمن تحيض، أو ثلاثة أشهر عربية لمن لا ترى الحيض لصغر في السن أو بلوغها سن اليأس أما المطلقة الحامل فعدتها حتى تضع حملها ولو توفي عنها زوجها، و تبدأ من تاريخ الطلاق، أي من تاريخ إيقاعه وليس من تاريخ العلم بالطلاق، وتستحق المطلقة نفقة العدة لمدة لا تقل عن ستين يوما وهى أقل مدة للعدة ولا تزيد عن سنة ميلادية وهى أقصى مدة للعدة و تسقط نفقة العدة في حالات نشوز الزوجة أو ارتدادها عن الإسلام أو وفاة المطلقة بعد القضاء بها ولا يجوز التنازل عنها إلا إذا كان التنازل عن النفقة مقابل للخلع.
وهنا يجب أن نفرق بين نفقة العدة ونفقة المتعة هي تعويض للمطلقة على ما أصابها بسبب الطلاق من ألم وليرفع عنها وصف الإساءة وبمثابة شهادة بأن الطلاق ليس لعلة فيها، وإنما لعذر يخص المطلق، وسبب وجوب المتعة هو الطلاق المستبد به من الزوج والحكمة من تشريعها هي جبر خاطر المطلقة من إساءة استعمال الزوج لحقه في الطلاق.
ويشترط لاستحقاق المتعة توافر 4 شروط هي:
• أن تكون الزوجة مدخول بها في زواج صحيح
• وقوع الطلاق بين الزوجين أيا كان نوعه
• أن يكون الطلاق قد وقع بغير رضا من الزوجة (استخلاص توافر الرضا مسألة موضوعية يستقل بها القاضي).
• ألا تكون الزوجة المتسببة في الطلاق
ولكن لا يكون للمطلقة الحق في المطالبة بالمتعة في الطلاق على الإبراء، إلا بادعاء أنها أكرهت على التنازل عن حقها في المتعة.
وتقدر المتعة بنفقة سنتين على الأقل ويجوز أن تفرض المتعة لمدة أكبر من ذلك حسب حالة المطلق المالية والاجتماعية وظروف الطلاق ومدة الزوجية.
ولابد ألا نغفل وجوب نفقة الصغير على أبيه و يلزم أن تتوافر بها ثلاث شروط هي:
• أن يكون الابن فقيرا لا مال له، فإذا كانت له بعض الأموال إلا أنها لا تكفي نفقته التزم الأب بتكملة الباقي منها.
• أن يكون الابن عاجزًا عن الكسب لصغر أو أنوثة أو عاهة أو لطلب العلم.
• أن يكون الأب قادرا على الكسب.
ويكون الملتزم بنفقة الصغير حال وفاة الأب أو عجزه عن الكسب من يوجد من أصوله ذكرا كان أو أنثى ويلتزم الأب بالمصروفات الدراسية للصغير، ويلتزم كذلك بالمصروفات الدراسية مثلها مثل نفقة الصغير على أبيه بمنزلة الطعام والملبس.
ويجوز، لأن قيمة النفقة يمكن زيادتها أو نقصانها وفقا للظروف الاقتصادية، وكذا لظروف الملزم بالنفقة وأيضا ظروف المفروضة النفقة لصالحه.
وللزوج دعوى تكون فحوها إبطال المفروض من نفقة أو إسقاطها فحالة انتهاء سبب استحقاق النفقة.
و للحاضنة الحق بالمطالبة بأجر حضانة وهو المبلغ النقدي الذي يدفعه الملتزم بالنفقة للحاضنة نظير قيامها بعمل هو خدمة المحضون و، ينشأ حق الحاضنة في أجر الحضانة من تاريخ بدء الحضانة إذا لم تكن أم للمحضون ومن تاريخ انقضاء عدتها على الأب إذا كانت هي أم المحضون حتى بلوغ الصغير أقصى سن الحضانة المقررة قانونا، و يظل استحقاق الحاضنة لأجر الحضانة قائما طالما كان الصغير معها بشرط ألا يستمر فرض هذا الأجر بعد بلوغ الصغير أقصى السن المقررة للحضانة، لأن اليد بعد هذه السن تكون يد حفظ وليس لها صفة الحضانة، و يجوز للمدعية المطالبة بمتجمد أجر الحضانة من تاريخ استحقاقه غير مقيدة بمدة محددة ولها أن تقيم الدليل على الامتناع باعتبار أن أجر الحضانة من الأجور التي لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء، وتستحق الحاضنة أجر الحضانة حتى لو فقدت صلاحيتها لها طالما كان الصغير معها.