الحرص على مصلحة الموكل في أصعب الظروف.. مقتبسات من حياة «الهلباوي»
بقلم/ أشرف زهران
دائما ما تكون مصلحة الموكل مقرونة بحرص المحامي عليها، فالموكل يسلم نفسه وأسراره التي قد لا يعلمها المقربون إليه، وكل ما يملك لوكيله ليتكلم باسمه ويدافع عنه فهو يرى المحامي طوق النجاة له، والحائط الذي يستند إليه إذا غلبه كل شئ في قضيته.
ويحرص المحامي من منطلق الأمانة التي حملته إياها مهنته ورسالته على مصلحة موكله حتى في أصعب الظروف وأقهرها، ويفضل مصلحة موكله عن نفسه حتى وإن أصابه مكروه، وهذا ما ذكره إبراهيم الهلباوي أول نقيب للمحامين، في مذاكراته عن الحادثة الخطيرة التي تعرض لها، وأول قرار اتخذه بعد إفاقته من إغمائه .
“حدث لي في سنة 1915 حادث أوشك أن يذهب بحياتي ذلك أنى كنت في يوم الإثنين 5 أبريل من تلك السنة أقضي مع بعض أصحابي في يوم شم النسيم في عزبتي الكائنة بالبحيرة، وكنت مضطرا لأن أسافر عصر ذلك اليوم إلى المنصورة لقضية عندي هناك في اليوم التالي، والمسافة التي يصل العزبة عن محطة “دسونس” نحو 16 كيلو، والطريق إليها يجب أن يكون بالركايب أو العربات فركبت عربتي وركب معي المرحوم عثمان بك محمد وعند اجتياز كوبري مصرف “دسونس”، جفلت الخيل التي تجر العربة، فشعر صاحبي بهذه الحركة، وبهذا الخطر وقفز من الجهه اليمنى، ونجى من الخطر، أما أنا فقد نزلت من الجهة اليسرى بعد أن ضمنت فرصة للنجاة إذ تدحرجت العربة بخيلها إلى اليسار، ومرت العجلتان الخلفية والأمامية على ساقي الأيمن فانكسر إلى ثلاث قطع ثم جرتني معها وألقتني في المصرف فسقطت من ارتفاع ثلاثة أمتار وسقطت العربة فوقي بخيلها، وسائق العربة عندما رآني على هذه الحالة استغاث بصيادين كانوا هناك في هذه الجهة وساعدوه على انقاذي مغمى علي، ولا حراك بي وبعد نحو الساعة استيقظت وبمجرد شعوري بعودة الحياة طلبت ورقا وقلما لأبعث (تلغرافا) إلى محكمة المنصورة أنبئها بما أصابني، وأطلب تأجيل القضية، فقام خفير بالتلغراف إلى المحطة، وذهب سائق العربة راكبا إحدى فرسي العربة إلى العزبة ينبئ امرأتي والعائلة، وأول من أدركتني على هذه الحاله هي أمرأتي وشقيقي الشيخ علي”.
والشاهد في هذه الحادثة إنه رغم الظروف القهرية التي وقع فيها إلا أن أول قرار اتخذه إبراهيم الهلباوي بعد إفاقته من غيبوبته هي مصلحة الموكل وإرسال تلغراف للمحكمة يطلب تأجيلا للقضية بسبب ما ألم به من حادث أليم.