التوكيل العام والخاص والفرق بينهما.. وهل يعاقب المحامي إذا تجاوز حدود الوكالة؟
تقرير: علي عبدالجواد
دائما ما يسمع الكثيرون أسئلة من قبيل: “قمت بعمل توكيل رسمي عام للقضايا لمحام، به بند بأنه يستطيع تمثيلي في الشهر العقاري، هل يستطيع بهذا البند التصرف في ممتلكاتي دون الرجوع إلي”، ومثل: “هل لو قمت بعمل توكيل عام في القضايا لقضية بدل انتقال مثلا، يحق للمحامي بعد الحكم في صرف المبلغ المنصوص بالحكم دون علمي”.
غالبا ما يكون هناك مشكلة عند البعض في التفريق بين التوكيل العام والخاص وقد يتشكك البعض في التوكيل العام ويظن أنه بمقدور الشخص الذى تم عمل التوكيل له (الوكيل) التصرف بالبيع أو الشراء في كافة ممتلكات صاحب التوكيل (الموكل).
والحقيقة أنه لا أهمية لاسم التوكيل (عام أو خاص) بقدر الأهمية للبنود الواردة في التوكيل فمن الممكن أن يكون توكيلا خاصا يبيح للوكيل التصرف في بعض أو كل أملاك الموكل والعكس صحيح فمن الممكن أن يكون توكيلا عاما ولا يبيح إلا تصرفات معينة، بحسب ما ذكره إسلام على سلامة المحامي.
تعريف التوكيل
التوكيل هو هوية أو بطاقة الحركة ورخصة المحامي أو غيره، وذلك في التعبير عن الشخص الموكل وتدبير شئونه وأموره، خصوًصا إن كان غير قادر على الحركة مثل مسافر أو مسجون أو غيره، فعندما تذهب لأي محامي للترافع في قضية ما يطلب أول شيء توكيل حتى يستطيع أن يتحرك بتصريح من شخصيتك للدفاع عنه ولأهمية التوكيل.
الفرق بين التوكيل الرسمي العام والخاص
التوكيل الرسمي العام للقضايا
يصدر من الموكل لمحاميه لمباشرة الدعاوي، من وعلى الشخص الذي أصدر التوكيل لمحاميه، وكذلك التنازل عن القضايا، والحضور إما النيابة واستلام الأوراق الخاصة بالدعاوي، والتعامل مع الجهات الحكومية، وإقرار التصالح.
ويجب أن تكون مثل هذه التصرفات منصوص عليها بالتوكيل عند صدوره، وفي حالة عدم النص عليها في التوكيل فيقتصر التصرف من الشخص الموكل على الحضور في القضايا وتجهيز واستلام أوراقها من المحضرين وخبراء وزارة العدل.
التوكيل الرسمي العام الشامل
يكون مخصص للبيع والشراء، وقد يصدر لمحامي أو وكيل أعمال الشخص مصدر التوكيل أو أحد أقاربه.
التوكيل الخاص
يصدر لأحد الأشخاص للقيام بعمل معين، على سبيل المثال قد يصدره الأب لابنه لاستلام ابن معاش الأب، وقد يصدره للتعامل أمام أي جهة حكومية خدمية، وقد يصدره الشخص لمحاميه للإقرار بالتصالح في جنحة، أو لاستخراج سجل تجاري للشخص التي يمتلكها هذا الشخص.
الفرق بين الخاص والعام
ينتهي التوكيل العام بوفاة أحد طرفيه أو بإلغاء الطرف المصدر له للتوكيل ويجب في هذه الحالة إخطار الشخص الصادر له التوكيل بإلغائه بموجب خطاب موصي عليه بعلم الوصول.
ينتهي التوكيل الخاص بانتهاء الغرض الصادر بشأنه .
المشرع رفض عقوبة المحامي إذا تجاوز حدود الوكالة
القانون في مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان
عند التطرق إلى إشكالية أحقية المحامي أن يتجاوز حدوده من عدمه – يجب أن نعلم أن القانون في مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته، وإنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وأن المناط في وقوع تلك الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس الشيء الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المجني عليه بالتسليم.
ولما كانت الالتزامات التي يرتبها عقد الوكالة على عاتق الوكيل هي تنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة طبقا للمادة 703 من القانون المدني، وبذل العناية الواجبة في تنفيذ الوكالة طبقا للمادة 704 من القانون المدني، وتقديم حساب عنها إلى الموكل طبقا للمادة 705 من القانون المدنيـ وذلك بحسب تصريحات المحامي بالنقض ممدوح العوادلي.
وقال العوادلي: فضلاَ عن رد ما للموكل في يده والالتزام الأخير هو الذي تقوم به خيانة الأمانة ذلك أن الوكيل يرتكب هذه الجريمة إذا اعتدى على ملكية الأشياء التي سلمت له بصفته وكيلاً لكي يستعملها في مصلحة موكله ولحسابه، أو كي يسلمها للموكل فيما بعد.
ويعني ذلك أن فعله يجب أن يتخذ صورة الاستيلاء على الشيء الذي اؤتمن عليه لحساب موكله أما إذا أخل بالتزام آخر تولد عن الوكالة ولم يكن متضمناً هذا الاستيلاء فهو لا يرتكب خيانة الأمانة، كما لو تقاعس عن القيام بالعمل الذي كلف به ولو كان دافعه إلى ذلك الإضرار بموكله، أو لم يبذل فيه القدر من العناية الذي تطلبه، أو لم يقدم الحساب إلى موكله، أو جاوز نطاق وكالته.
حكم سابق لمحكمة النقض: لا عقوبة على المحامي إذا تجاوز حدود الوكالة
سبق لمحكمة النقض المصرية وأن تصدت لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 32750 لسنة 73 قضائية جلسة 30/9/2004، حيث ألغت محكمة النقض في حكم لها حكماً صادراً بحق محام بحبسه ثلاث سنوات، وقضت ببراءته بعد أن قدمته النيابة للمحاكمة على سند من القول بأنه أقر بالصلح والابراء دون أن يخوله التوكيل ذلك متجاوزاً لحدود الوكالة.
وجاء بأسباب الحكم أن الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه لم تتضمن أن الطاعن تسلم أموالاً ما بمقتضى عقود الوكالة التي أبرمها مع المدعين بالحقوق المدنية ثم عبث بملكيتها وأن ما وقع منه هو تجاوز لحدود وكالته مما ينهار به الركن المادي لجريمة التبديد وتظل حقيقة العلاقة بين الطاعن والمطعون ضدهم علاقة مدنية بحتة فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة خيانة الأمانة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه والحكم ببراءة الطاعن مما أسند إليه.
حق الموكل في رد الأوراق والمستندات
في حكم لمحكمة النقض صدر بجلسة 28-4-2015 تناول تقادم حق الموكل في مطالبة محاميه برد الأوراق والمستندات، حيث وضعت محكمة النقض مبدأ مهما مؤداه أن المشرع لم يورد في قانون المحاماة نصاً خاصاً لانتهاء وكالة المحامي، فإنه يتعين الرجوع في ذلك القواعد العامة الواردة في القانون المدني فتنقضي وكالة المحامي بأسباب انقضاء الوكالة وأخصها ما نصت عليه المادة 714 من القانون المدني من أنه تنتهى الوكالة بإتمام العمل الموكل فيه، لأنه بعد انتهاء العمل لا يصبح للوكالة محل تقوم عليه ولا يبقى إلا حق المحامي في الاتعاب التي لم يقبضها وحق الموكل في استرداد الأوراق والمستندات التي لم يسلمها.
وفي حيثيات الحكم المقيد برقم 5713 لسنة 76، قالت المحكمة إن تقادم حق الموكل في مطالبة محاميه برد الأوراق والمستندات والحقوق المترتبة على عقد الوكالة لما كان النص في المادة 91 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أن: “يسقط حق الموكل في مطالبة محامية برد الأوراق والمستندات والحقوق المترتبة على عقد الوكالة بمضي 5 سنوات من تاريخ انتهاء وكالته وتنقطع هذه المدة بالمطالبة بها بكتاب موصى عليه”.