التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة نهائية تأسيساً على الغش المؤثر
من المتعارف عليه أن وقوع غش من الخصم من شأنه التأثير فى الحكم ، من الحالات التى يجوز فيها التماس إعادة النظر فى الأحكام الصادرة بصفة نهائية طبقا للقانون .
كما يجوز التماس إعادة النظر في حالات أخرى مثل : إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التى بنى عليها أو قضى بتزويرها، وإذا كان الحكم قد بنى على شهادة شاهد قضى بعد صدوره بأنها مزورة، وأيضًا إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها .
وتناولت محكمة النقض في الطعن رقم ٨٧١١ لسنة ٦٦ قضائية، الدوائر المدنية – جلسة ٢٠٠٩/٠٥/٢٣ ، حالة وقوع غش من الخصم من شأنه التأثير فى الحكم .
وجاء في القاعدة: « إذ كانت الطاعنة قد أقامت التماسها بإعادة النظر على سند من توافر حالة الغش من جانب المطعون ضده لتعمده توجيه إعلانات الدعوى إليها على غير محل إقامتها الدائم الكائن بالعقار … شارع ……….. بمدينة ……. ، وقيامه بإعلانها بهم على الفيلا الملحق بها عقار النزاع المملوكين لمورثها بمدينة ……. ، رغم علم المطعون ضده باعتباره حارساً للفيلا خلفاً لوالده المتوفى بعدم إقامتها في هذا العنوان لقيام مورثها بتأجيرها لمن تدعى …………. ، وقدمت المستندات التى استدلت بها على صحة دفاعها ، إلا أن الحكم المطعون فيه لن يفطن لدفاعها الجوهرى ولم يعن ببحثه وتحقيقه ولم يقل كلمته فيه وأقام قضاءه بعدم قبول التماسها لهذا السبب على أساس جواز تعدد الموطن للشخص دون أن يتحقق مما إذا كان هذا العنوان يُعد موطناً آخر للطاعنة بتوافر عنصر الاستقرار ونية الاستيطان لديها من عدمه وفقاً لنص المادة ٤٠ من القانون المدنى ، فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون ، وحجبه ذلك عن بحث دفاع الطاعنة الجوهرى المؤيد بالمستندات الذى لو صح لتغيير به وجه الرأى في الدعوى ، مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب».
ونقضت المحكمة الحكم الصادر فى الالتماس المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف قنا ” مأمورية أسوان ” وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
الحكم
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعنة ” عن نفسها وبصفتها الوارثة الظاهرة للمرحوم / أنيس عطية شنودة ” الدعوى رقم ٩١٨ لسنة ١٩٩٢ مدنى كلى أسوان بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقار الموضح بصحيفتها ، وقال بياناً لذلك إنه يمتلك العقار سالف البيان بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية خلفاً لوالده الذى اشتراه من مورث الطاعنة بموجب عقد البيع المؤرخ ١٤ / ٥ / ١٩٦٨ وإذ نازعته الأخيرة فى ملكيته . فأقام الدعوى . وبتاريخ ٢٧ / ١٢ / ١٩٩٣ حكمت المحكمة برفضها ….. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ٩٧ لسنة ١٣ قضائية قنا ” مأمورية أسوان ” ، وبتاريخ ١٧ / ٧ / ١٩٩٥ قضت المحكمة
بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضده لعقار النزاع . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق التماس إعادة النظر وقيدت الدعوى برقم ٣٦٣ لسنة ١٥ قضائية استئناف قنا تأسيساً على وقوع غش فى الإعلان وعدم صحة تمثيلها فى الدعوى وحصولها على أوراق قاطعة بعد صدور الحكم الملتمس فيه حال المطعون ضده دون تقديمها . وبتاريخ ٢٦ / ٦ / ١٩٩٦ قضت المحكمة بعدم قبول الالتماس . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن . عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق … وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى صحيفة التماسها بإعادة النظر بأن الحكم الملتمس فيه صدر عن غش مُتعمد من جانب المطعون ضده ، إذ أن محل إقامتها الدائم كائن بالعقار رقم ٢٣ شارع عبد الخالق ثروت بمدينة القاهرة ، ورغم ذلك قام المطعون ضده بتوجيه إعلانات الدعوى إليها بمدينة أسوان على الفيلا الملحق بها عقار النزاع المملوكين لمورثها المرحوم / أنيس عطية شنوده ، وسخر شخص آخر لاستلام هذه الإعلانات حتى لا يصل إليها العلم بالدعوى ولا بالحكم الصادر فيها ، وقدمت المستندات الدالة على أن المطعون ضده عمد إلى الغش لعلمه بعدم إقامتها فى الفيلا التى تمت فيها تلك الإعلانات ، وكذا لإخفاء السبب الحقيقى وراء حيازته العرضية لعقار التداعى وهو حراسته للفيلا خلفاً لوالده المتوفى المعين من قبل المستأجرة لها من مورثها ، وإذ لم يقل الحكم كلمته فى هذا السبب المقام عليه الالتماس والتفت عن دلالة هذه المستندات واكتفى رداً عليهما بقوله إن إعلانها على محل إقامتها تم وفق صحيح القانون الجائز تعدده ، وهو ما لا يواجه دفاعها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة ٢٤١ مرافعات يشترط فيه أن يتم بعمل احتيالى يقوم به الملتمس ضده ينطوى على تدليس يعمد إليه الخصم ليخدع المحكمة ويؤثر فى عقيدتها فتتصور الباطل صحيحاً وتحكم بناء على هذا التصور لصالح من ارتكب الغش ضد خصمه الذى كان يجهل أن هناك غشاً وكان يستحيل عليه كشفه أو دحضه،
كما أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاعدة الغش يبطل التصرفات ” هى قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجر بها نص خاص فى القانون ، وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية فى محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافرها فى التصرفات والإجراءات عموماً صيانة لمصلحة الأفراد والجماعات ، ولذا يبطل الإعلان إذا ثبت أن المعلن قد وجهه بطريقة تنطوى على غش ، رغم استيفائها ظاهرياً لأوامر القانون حتى لا يصل إلى علم المعلن إليه لمنعه من الدفاع فى الدعوى أو ليفوت عليه المواعيد ، وأن تقدير عناصر الغش إثباتاً ونفياً من المسائل التى تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض مادامت تستند فى هذا التقدير إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت ، ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها بما يكفى لحمل قضائها ، وأنه من المقرر أيضاً فى قضاء هذه المحكمة أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير فى الدعوى وتمسك بدلالتها ، فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما قد يكون لها من دلالة ، فإن يكون مشوباً بالقصور .
لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أقامت التماسها بإعادة النظر على سند من توافر حالة الغش من جانب المطعون ضده لتعمده توجيه إعلانات الدعوى إليها على غير محل إقامتها الدائم الكائن بالعقار ٢٣ شارع عبد الخالق ثروت بمدينة القاهرة ، وقيامه بإعلانها بهم على الفيلا الملحق بها عقار النزاع المملوكين لمورثها بمدينة أسوان ، رغم علم المطعون ضده باعتباره حارساً للفيلا خلفاً لوالده المتوفى بعدم إقامتها فى هذا العنوان لقيام مورثها بتأجيرها لمن تدعى منيرة ميخائيل فلتس ، وقدمت المستندات التى استدلت بها على صحة دفاعها ، إلا أن الحكم المطعون فيه لن يفطن لدفاعها الجوهرى ولم يعن ببحثه وتحقيقه ولم يقل كلمته فيه وأقام قضاءه بعدم قبول التماسها لهذا السبب على أساس جواز تعدد الموطن للشخص دون أن يتحقق مما إذا كان هذا العنوان يُعد موطناً آخر للطاعنة بتوافر عنصر الاستقرار ونية الاستيطان لديها من عدمه وفقاً لنص المادة ٤٠ من القانون المدنى ، فإنه يكون قد أخطأ فى فهم الواقع فى الدعوى مما أدى به إلى الخطأ فى تطبيق القانون ، وحجبه ذلك عن بحث دفاع الطاعنة الجوهرى المؤيد بالمستندات
الذى لو صح لتغيير به وجه الرأى فى الدعوى ، مما يعيبه أيضاً بالقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن .