الاعتذار بالجهل بالقانون
بقلم/ أشرف الزهوي المحامي
تناول المؤرخ القانوني الأمريكي لورنس فريدمان في كتابه ” الأثر” كيف يؤثر القانون في السلوك.
تحدث الكتاب عن وسائل اتصال، ومعرفة الناس العاديون والمؤسسات بنصوص القانون وعدم علمهم بتفاصيله، ودلل على ذلك بمستوي علم المحامين والقضاة بهذه القوانين التي تتألف من آلاف الصفحات. أكدت الدراسات التي أجراها الباحثون لقياس المعرفة القانونية، أن نسبة الجهل على الإجمال، أكثر من المعرفة، ففي ألمانيا صدر قانون ضد التمييز في مكان العمل، وفي استفتاء أجرى بعد سنتين، اتضح أن نحو ثلث العينة من الناس سمعوا بذلك القانون و ١٥٪ ربما سمعوا به ولكنهم ليسوا متأكدين. غالبا ماتكون أفكار الناس عن القانون بصورة عامة مختصرة ومشوشة أو خاطئة بنحو واضح.
الناس لديهم أفكار عامة عن حقوق الملكية، والطلاق، وبعض القوانين الأخرى.
إن الجهل بالقانون شائع ومنتشر في كل مكان، لكن الجهل بالقانون ليس عذرا لخرق القانون. هذا الواقع يبدو واضحا في الأخطاء الطبية كمثال، في كل يوم، هناك الملايين من الناس يذهبون إلى الأطباء للاستشارة، والملايين يخضعون لإجراءات الطبية والعمليات الجراحية، ومن الطبيعي أن تقع نسبة من الأخطاء الجسيمة، الا ان معظم المرضى لايشتكون بل يذهبون إلى طبيب آخر.
يناقش الكتاب دراسة الأثر الذي يحدثه القانون في المجتمع سلبا أو إيجابا، ويعرض للدوافع التي تجعل الناس يستجيبون للقوانين واللوائح والأوامر من عدمه. في المجتمع هناك نوع من الطاعة يأتي من احترام السلطة، أو من الشعور بأن نصوص القانون هي الشئ الصحيح الذي ينبغي أن نفعله أخلاقيا واجتماعيا. إلا أن الطاعة لتنفيذ القانون أو مخالفته، يعتمد في البداية على التوصيل وعلم المخاطب بالقانون بما هو مطلوب منه.
ثم يكون قرار التقبل أو الرفض وعدم الطاعة حسب المستوى السيكولوجي، ويلخص الكاتب، دوافع الاستجابة والأمتثال للقانون في ثلاثة عوامل رئيسية هي؛ الثواب والعقاب الذي يمثل الكثير من أنماط السلوك البشري، والثاني يعتمد على مايسمى ضغط الأقران، وهو تأثير المجتمع من الأصدقاء والعائلة والجيران، وغيرهم، التي تدفع الشخص الي تجنب الفضيحة والشعور بالخجل اما العامل الثالث، فهو النداء الداخلي أو الضمير. ان الخلاصة من المعلومات التي يقدمها هذا المؤلف، اننا بحاجة إلى إطلاق الأبحاث والدراسات الاجتماعية والنفسية، لبيان كيف يؤثر القانون في السلوك، ومدى الإلمام بتفاصيله وإعادة النظر إلى دور الإعلام في نشر الثقافة القانونية، لأن نشر القانون في الجريدة الرسمية يفترض علم المخاطبين به بنصوص والخضوع لاحكامه فلا يعذر احد بجهله بالقانون.