الإدارية العليا: الأعمال الإرهابية ضد المنشآت الحيوية الخاضعة لتأمين الجيش تخضع للقضاء العسكري

أكدت المحكمة الإدارية العليا، أن المنشآت الحيوية المؤمنة بالقوات المسلحة خال تعرضها لعمل إرهابي تخضع للقضاء العسكري، وأن ضباط وأفراد القوات المسلحة يضحون بأرواحهم لحماية المنشآت الحيوية والإستراتيجية وتأمينهم لها يضفي عليها صفة حكم المنشآت العسكرية طوال مدة التأمين ولا تزول عنها تلك الصفة إلا بانتهاء تأمينها واختصاص القضاء العسكري يظل قائما على المنشآت الحيوية والإستراتيجية ما بقي سريان النص التشريعي ساريًا.

ورفضت المحكمة الإدارية العليا – فحص – بإجماع الآراء، برئاسة المستشار صلاح هلال نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ومحسن منصور نائيى رئيس مجلس الدولة، اليوم السبت، الطعن المقام من (ع.م.ع) رئيس قسم التعليم الإعدادي بإدارة دراو التعليمية بمحافظة أسوان سابقا بمعاقبته بغرامة تعادل ٥ أمثال الأجر الذى كان يتقاضاه في الشهر عن انتهاء خدمته ببلوغه سن الستين عام 2018 وأمرت بمصادرة الكفالة لقيامه عام 2016 بتخريب ممتلكات عامة ببرج الكهرباء رقم 191/194 خط نجع حمادي بمحافظة قنا وصدور حكم محكمة أسوان العسكرية عام 2016 بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات.

وأضافت: «بلوغ سن الستين للموظف العام وانتهاء خدمته لا تمنع من الحكم عليه بغرامة لا تجاوز عشرة أضعاف أجره الوظيفي وتستوفى من معاشه أو بطريق الحجز الإداري متى بدء التحقيق معه قبل انتهاء خدمته».

وقالت المحكمة، إنه يحظر على الموظف مباشرة الأعمال التي تتنافى مع الحيدة والتجرد، ويحظر ممارسة أي عمل حزبي أو سياسي أو جمع تبرعات أو مساهمات لصالح أحزاب أو جماعات أو نشر الدعاية أو الترويج لها، إذا كان ذلك داخل مكان العمل أو بمناسبة تأديته، كما يحظر عليه مباشرة أي نشاط أو إتيان أي سلوك من شأنه تكدير الأمن العام، أو التأثير على السلام الاجتماعي أو أي فعل يفقده حسن السمعة وطيب السيرة اللازمين لشغل الوظائف العامة أو الاستمرار في شغلها.

وأضافت أنه لا يمنع انتهاء خدمة الموظف لأي سبب من الأسباب عدا الوفاة من محاكمته تأديبيًا إذا كان قد بُدئ في التحقيق قبل انتهاء مدة خدمته، ومن ثم فإن انتهاء خدمة الموظف العام ببلوغه سن الستين لا يعصمه من المساءلة والحساب متى بُدئ في التحقيق قبل انتهاء مدة خدمته فلا عاصم له إلا التزامه في مسلكه حدود القانون، وأجاز المشرع أن يوقع على من انتهت خدمته غرامة لا تجاوز ١٠ أضعاف أجره الوظيفي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء الخدمة، مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية والتزامه برد قيمة الحق، واستثناءً من أحكام قانون التأمين الاجتماعي تستوفى الغرامة المشار إليها من المعاش بما لا يجاوز ربعه، أو بطريق الحجز الإداري.

وأشارت المحكمة إلى أن الثابت في الأوراق أن الطاعن (ع.م.ع) بوصفه رئيس قسم التعليم الإعدادي بإدارة دراو التعليمية بمحافظة أسوان خلال عام 2016 خرب ممتلكات عامة ببرج الكهرباء رقم 191/194 خط نجع حمادي بمحافظة قنا وقُدم للمحاكمة العسكرية حيث أصدرت محكمة أسوان العسكرية ضده حكما ضده في القضية رقم 16 لسنة 2016 ج.ع أسوان بجلسة 20/7/2016 بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات مما تكون تلك التهمة ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا، مما يشكل في حقه إخلالا جسيما بكرامة الوظيفة التي كان يشغلها وينتسب إليها، وإثمًا تأديبيا يستوجب العقاب، وإذ كان الثابت أيضًا أن النيابة الإدارية قامت بإجراء التحقيق مع الطاعن في تلك المخالفة بتاريخ 6 مارس 2018 ثم أنهيت خدمة الطاعن ببلوغه سن الستين في 24 أبريل 2018 فإن يتعين مجازاته بغرامة تعادل خمسة أمثال الأجر الذى كان يتقاضاه في الشهر عن انتهاء خدمته.

وأوضحت المحكمة، أن الدولة المصرية صمدت في مجابهة العمليات الإرهابية والتخريبية المنظمة ضد أبراج الكهرباء الإستراتيجية للتأثير على الشبكة القومية للكهرباء، وفى ذات الوقت أسرعت الدولة الخطى لتنفيذ استراتيجيتها القومية الهادفة إلى تحديث وتطوير منظومة الكهرباء والطاقة المتجددة بكل مكوناتها وبنيتها الأساسية لنقل الطاقة الكهربائية على نحو آمن يتسم بالجودة والسرعة بما يدعم المجالات التنموية ويؤدى إلى تحسين الخدمة للمواطنين برفع كفاءة الشبكة الكهربائية وتحسين مستوى الأداء، ولا يجوز المساس أو النيل من مكتسبات التنمية.

وتناولت المحكمة الرد على ما تذرع به الطاعن من أن الحكم الصادر من المحكمة العسكرية لا يعتد به لكونه شخصا مدنيا لا عسكريا، بأن القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية والمعمول به اعتبارا من 28 أكتوبر 2014 لمدة عامين من تاريخ سريانه وفقا لما تضمنته المادة الثالثة منه – والذى مُد العمل به بموجب القانون رقم 65 لسنة 2016 لمدة خمس سنوات اعتبارًا من الثامن والعشرين من شهر أكتوبر لعام 2016 تنتهى في 28 أكتوبر حتى 2021 – قد تضمن في المادة الأولى منه مع عدم الإخلال بدور القوات المسلحة في حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، تتولى القوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها، وتعد هذه المنشآت في حكم المنشآت العسكرية طوال فترة التأمين والحماية. ثم أخضعت المادة الثانية منه الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة المشار إليها في المادة الأولى لاختصاص القضاء العسكري، وأوجب على النيابة العامة إحالة القضايا المتعلقة بهذه الجرائم إلى النيابة العسكرية المختصة.

واختتمت المحكمة في أهم نقطة في الحكم عن تذرع الطاعن بأن المنشآت الحيوية ليست منشأة عسكرية بقولها إنه يبين من نص المادة 204 من الدستور أن القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة.

أما عن محاكمة مدني أمام القضاء العسكري فيكون وفقا للدستور في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها وهى تلك التي تتسع لتشمل المنشآت الحيوية والإستراتيجية المذكورة المؤمنة من ضباط وأفراد القوات المسلحة الذين يضحون بأرواحهم في سبيل حماية تلك المنشآت ويضفى تأمينهم عليها وما يصاحبه من أدوات ومعدات لازمة للحماية اكتسابها صفة ما في حكم المنشآت العسكرية طوال مدة التأمين ولا تزول عنها صفة ما في حكمها إلا بانتهاء قيامهم بتأمينها، ومن ثم فإن نصوص القانون رقم 136 لسنة 2014 والممدود العمل به بالقانون رقم 65 لسنة 2016 قد جاءت بحالات محددة حصرا يتم فيها إحالة الجرائم المرتكبة من المدنيين إلى القضاء العسكري، وهو ما يتوافق مع أحكام المادة 204 من الدستور، ويظل اختصاص القضاء العسكري قائما في تلك الحالات ما بقى سريان النص التشريعي ساريًا.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى