ارتباط الدعوى الفرعية بالدعوى الأصلية متى كان الفصل في الأولى يتوقف على الحكم في الدعوى الأصلية

كتب/ عبدالعال فتحي

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٤٠٣٧ لسنة ٩١ قضائية ـ  الدوائر التجارية – جلسة ٢٠٢٢/٠٢/١٦، أن ارتباط الدعوى الفرعية بالدعوى الأصلية متى كان الفصل فى الأولى يتوقف على الحكم فى الدعوى الأصلية، ذلك بأن المشرع فى قانون المرافعات حرص على جمع أجزاء الخصومة وإن تغايرت عناصرها.

الحكم

باسم الشـعب

محكمــة النقــض

دائرة ” الأربعاء ” التجارية

الطعن رقم ١٤٠٣٧ لسنة ٩١ القضائية

جلسة الأحد الموافق ١٦ من فبراير سنة ٢٠٢٢

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القـاضى/ محمـد أبـو الليــل ” نائب رئيـس المحكمة “

وعضوية السادة القضاة/ أمين محمــد طموم،محمــد إبراهيم الشباسـى

وسامـح سميــر عامــر” نــواب رئيس المحكمة “ووليد الصواف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ١ ) اختصاص ” مخالفة قواعد الاختصاص ” . محاكم اقتصادية ” اختصاص المحكمة الاقتصادية ” ” الطعن على احكامها “. نقض ” جواز الطعن بالنقض : الأحكام الجائز الطعن فيها بالنقض ” .

الدعاوى الاقتصادية المستأنفة أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية . عدم جواز الطعن عليها بالنقض. شرطه . عدم مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى . علة ذلك .

( ٢ ) اختصاص ” الاختصاص الولائى ” ” الاختصاص النوعى ” ” الاختصاص القيمى ” . نظام عام.

مسائل الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى من النظام العام .

( ٣ ) نقض ” أسباب الطعن : الأسباب المتعلقة بالنظام العام ” . نظام عام .

المسائل المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها وللنيابة العامة وللخصوم إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن . شرطه .

(٤) محاكم اقتصادية ” اختصاصها : الاختصاص القيمى ” .

المحاكم الاقتصادية . تشكيلها . اختصاصها . الدوائر الابتدائية . نصابها . عدم مجاوزة قيمة الدعوى خمسة ملايين جنيه . الدوائر الاستئنافية . نصابها . مجاوزة قيمة الدعوى خمسة ملايين جنيه أو كونها غير مقدرة القيمة فضلا عن نظر استئناف الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية . المادتان الأولى والسادسة ق ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ قبل التعديل بق ١٤٦ لسنة ٢٠١٩ .

( ٥ ، ٦ ) دعوى ” نطاق الدعوى : الطلبات فى الدعوى : الطلبات العارضة ” ” أنواع من الدعاوى : الدعوى الفرعية ” .

(٥) الارتباط بين الدعوى الفرعية والدعوى الأصلية . شرطه . توقف الفصل فى الدعوى الأولى على الحكم فى الثانية. علة ذلك .

(٦) الارتباط بين الطلب العارض وبين الدعوى الأصلية الذى يخضع لتقدير المحكمة . مقصوده . قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة والحكم فيهما معاً . علة ذلك. توافر الارتباط . مناطه . أن يكون من شأن الفصل بينهما احتمالية الإضرار بحسن سير العدالة . اختلافه عن الارتباط الذى لا يقبل التجزئة ويوجب الجمع بين الطلبين . خضوع الأول دون الثانى لتقدير المحكمة بشأن الارتباط بينهما .

(٧ ، ٨) دعوى ” نطاق الدعوي : الطلبات في الدعوي : انطواء الدعوى على طلبين مختلفين وجهان لنزاع واحد : الطلبات الأصلية ” ” الطلبات العارضة ” ” تقدير قيمة الدعوي ” ” الاختصاص القيمى” . نظام عام . . محاكم اقتصادية ” اختصاصها : الاختصاص القيمى : قانون المحاكم الاقتصادية ” ” قانون المرافعات “

( ٧ ) عدم الفصل بين الطلب العارض والطلب الاصلى . علة ذلك . عدم الاضرار بحسن سير العدالة . تطبيق ذات حكم المواد ٤٦ ، ٤٧ في فقرتيهما الأخيرتين من قانون المرافعات على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الاقتصادية . وتطبيق م٦ فقرة ٢ ق ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ . مؤداه . الالتزام بالقواعد الواردة بقانون المرافعات في المواد آنفة البيان بشأن الاختصاص القيمى أمام المحاكم الاقتصادية . هدف ذلك. الاقتصاد في الاجراءات وجمع شتات المنازعة المتداخلة.

( ٨ ) وجوب إحالة الطلب الأصلي الأقل من نصاب الدائرة الاستئنافية والعارض غير مقدر القيمة المرتبطان للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية . تطبيق حكم المواد ٤٦ ، ٤٧ في فقرتيهما الأخيرتين من قانون المرافعات . اختصاص الدائرة الاستئنافية م٦ فقرة ٢ ق ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ . تعلق ذلك بالنظام العام . قضاء الدائرة الاستئنافية في المحكمة الاقتصادية في موضوع الاستئناف ينطوى على اختصاص محكمة الدرجة الأولى . خطأ . إحالة الطعن الى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١- مؤدى النص فى المادة ١١ من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ الخاص بإنشاء المحاكم الاقتصادية أن الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية القابلة للطعن بالنقض هى التى تصدر ابتداءً من الدوائر الاستئنافية أما الدعاوى التى تنظر أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون الفصل فى الطعن عليها أمام المحكمة – بهيئة استئنافية – فلا يجوز الطعن عليها بطريق النقض – دون الإخلال بحكم المادة ٢٥٠ من قانون المرافعات المدنية والتجارية – إلا أن مناط إعمال هذه القاعدة القانونية التى اختص بها المشرع الدعاوى أمام المحاكم الاقتصادية وهى استثناء من القواعد العامة عند تحديد الاختصاص النهائى للمحاكم ألا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى التى رسمها وألا تخرج صراحةً أو ضمناً على ما كان من تلك القواعد متعلقاً بالنظام العام فإن وقع الحكم مخالفاً لتلك القواعد فلا يتحصن من الطعن عليه أمام محكمة النقض وبالتالى إن خرجت المحكمة الاقتصادية على هذه المبادئ القانونية فلا محل معه للقول بأن يفلت حكمها المخالف من رقابة محكمة النقض بحجة أن الحكم صادر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية بصفتها محكمة درجة ثانية والقول بغير ذلك يعد مخالفاً لتحقيق العدالة والتى لا يتعين إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى الأنزعة الاقتصادية.

٢-إذ كان من المعلوم قانوناً أن مسائل الاختصاص بأنواعها الولائى والنوعى والقيمى مما يتعلق بالنظام العام.

٣- يحق لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بهذا الاختصاص ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن بالنقض متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.

٤- مؤدى نص المادتين الأولى والسادسة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية- قبل تعديله بالقانون رقم ١٤٦ لسنة ٢٠١٩ – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن المشرع بموجب هذا القانون نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائى خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية بتشكيلها من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية حدد اختصاصهما بمنازعات لا تدخل فى اختصاص أى من جهة المحاكم العادية أو جهة القضاء الإدارى وميز فى اختصاص تلك الدوائر بحسب قيمة الدعوى وبحسب المنازعات والدعاوى التى تنشأ عن تطبيق قوانين معينة نصت عليها المادة السادسة منه فخص الدوائر الابتدائية – دون غيرها – بنظر المنازعات والدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتى تنشأ عن تطبيق القوانين المنصوص عليها فى المادة سالفة الذكر وخصص الدوائر الاستئنافية بالنظر ابتداءً فى ذات المنازعات والدعاوى إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة كما أناط بها – دون غيرها – نظر استئناف الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية.

٥- الأصل – على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – هو ارتباط الدعوى الفرعية بالدعوى الأصلية متى كان الفصل فى الأولى يتوقف على الحكم فى الدعوى الأصلية، ذلك بأن المشرع فى قانون المرافعات حرص على جمع أجزاء الخصومة وإن تغايرت عناصرها.

٦- المقصود بالارتباط بين أى طلب عارض وبين الدعوى الأصلية الذى يخضع لتقدير المحكمة هو قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة لتحققهما وتحكم فيهما معاً قصراً فى الوقت والجهد والنفقات والإجراءات، مما مفاده أن الارتباط يتوافر كلما بدا للمحكمة أن من شأن فصل الطلب العارض أو المرتبط عن الدعوى الأصلية احتمال الإضرار بحسن سير العدالة، ولا يجوز الخلط بين هذا النوع من الارتباط وبين الارتباط الذى لا يقبل التجزئة الذى يوجب الجمع بين الطلبين دون أن تكون للمحكمة سلطة تقديرية فى هذا الخصوص فى حين أن الارتباط الذى يخضع لتقدير المحكمة يبرر الجمع بينهما ولا يوجبه.

٧- إذ كانت المطعون ضدها الأولى وجهت دعوى فرعية للحكم على البنك الطاعن بإلزامه برفع الحجز والتعامل المقرر على حساباتها لديه وتجميدها دون وجه حق، رداً على مطالبته لها بأداء المبلغ موضوع الدعوى الأصلية فإن الدعوى الفرعية بهذه المثابة تضحى غير مقدرة القيمة وتكون مرتبطة بالدعوى الأصلية وينعقد الاختصاص بنظرهما ابتداءً أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ السالف البيان واستهداءً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة ٤٦ من قانون المرافعات التى أوجبت على المحكمة الجزئية أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة -إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل فى اختصاصها- وكان من شأن الفصل بينه وبين الطلب الأصلى الإضرار بحسن سير العدالة -، والفقرة الأخيرة من المادة ٤٧ من ذات القانون التى عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالحكم فى سائر الطلبات العارضة وكذلك المرتبطة بالطلب الأصلى مهما تكن قيمتها أو نوعها وذلك لجمع شتات المنازعة المتداخلة واقتصاداً فى الإجراءات وتيسيراً للفصل فيها جملة واحدة وتوقياً من تضارب الأحكام .

٨- إذ قضى الحكم المطعون فيه فى موضوع الاستئناف منطوياً – بذلك – على اختصاص محكمة الدرجة الأولى – ضمناً – بنظر الدعوى الفرعية- غير مقدرة القيمة – المرتبطة بالدعوى الأصلية فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص القيمى المتعلقة بالنظام العام مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجه لبحث أسباب الطعن . وحيث إن المحكمة وبعد أن نقضت الحكم المطعون فيه للسبب المتعلق بالنظام العام والذى أثارته من تلقاء ذاتها، يتعين عليها الفصل فى موضوع الدعويين الأصلية والفرعية وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة ١٢ من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم ١٤٦ لسنة ١٣ ق استئناف القاهرة الاقتصادية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص الدائرة الابتدائية بمحكمة القاهرة الاقتصادية قيمياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتهما للدائرة الاستئنافية بذات المحكمة لنظرهما أمامها طبقاً لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية وغيرها بمحكمة النقض الصادر بتاريخ ٢٤ من يونيو سنة ٢٠١٤ فى الطعن رقم ٢٠٥٠ لسنة ٧٤ ق ” هيئة عامة “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــــة

بعد الإطلاع على الأوراق، وعلى رأى دائرة فحص الطعون الاقتصادية، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/ وليد الصواف، والمرافعة وبعد المداولة:-

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع ـــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــ تتحصل فى أن البنك الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم ١١٧٩ لسنة ٢٠٢٠ اقتصادى القاهرة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن ترد إليه مبلغ ١٥٠٠٠ دولار أمريكى والفوائد القانونية بواقع ٥٪ من تاريخ ١٥/٣/٢٠٢٠ وحتى تمام السداد على سند من قيامها بسحب المبلغ محل المطالبة من حساب المطعون ضده الثانى بموجب توكيل مصرفى رغم إلغائه وعلى إثر شكوى الأخير قام البنك برد قيمته للمطعون ضده الثانى ومن ثم أقام الدعوى. أدعت المطعون ضدها الأولى فرعياً بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن برفع الحجز والتعامل المقرر على حساباتها لديه وتجميدها دون وجه حق. بتاريخ ٣١/١٢/٢٠٢٠ حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدى للبنك الطاعن المبلغ المطالب به ورفضت طلب الفوائد وفى الدعوى الفرعية بالطلبات. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٤٦ لسنة ١٣ ق اقتصادى القاهرة كما استأنف البنك الطاعن فرعياً أمام ذات المحكمة وبتاريخ ٢٦/٦/٢٠٢١ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المطعون ضدها بأداء المبلغ محل المطالبة إلى البنك الطاعن ورفض الدعوى فى هذا الشق والتأييد فيما عدا ذلك. طعن البنك الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وأحالته لهذه المحكمة فحددت جلسة لنظره، وفيها ألتزمت النيابة رأيها.

وحيث إنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان مؤدى النص فى المادة ١١ من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ الخاص بإنشاء المحاكم الاقتصادية أن الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية القابلة للطعن بالنقض هى التى تصدر ابتداءً من الدوائر الاستئنافية أما الدعاوى التى تنظر أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون الفصل فى الطعن عليها أمام المحكمة – بهيئة استئنافية – فلا يجوز الطعن عليها بطريق النقض – دون الإخلال بحكم المادة ٢٥٠ من قانون المرافعات المدنية والتجارية – إلا أن مناط إعمال هذه القاعدة القانونية التى اختص بها المشرع الدعاوى أمام المحاكم الاقتصادية وهى استثناء من القواعد العامة عند تحديد الاختصاص النهائى للمحاكم ألا تكون المحكمة قد خالفت قواعد الاختصاص الولائى والنوعى والقيمى التى رسمها وألا تخرج صراحةً أو ضمناً على ما كان من تلك القواعد متعلقاً بالنظام العام فإن وقع الحكم مخالفاً لتلك القواعد فلا يتحصن من الطعن عليه أمام محكمة النقض وبالتالى إن خرجت المحكمة الاقتصادية على هذه المبادئ القانونية فلا محل معه للقول بأن يفلت حكمها المخالف من رقابة محكمة النقض بحجة أن الحكم صادر من المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية بصفتها محكمة درجة ثانية والقول بغير ذلك يعد مخالفاً لتحقيق العدالة والتى لا يتعين إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى الأنزعة الاقتصادية، ولما كان من المعلوم قانوناً أن مسائل الاختصاص بأنواعها الولائى والنوعى والقيمى مما يتعلق بالنظام العام بما يحق لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بهذا الاختصاص ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن بالنقض متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان مؤدى نص المادتين الأولى والسادسة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بإنشاء المحاكم الاقتصادية- قبل تعديله بالقانون رقم ١٤٦ لسنة ٢٠١٩ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع بموجب هذا القانون نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائى خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية بتشكيلها من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية حدد اختصاصهما بمنازعات لا تدخل فى اختصاص أى من جهة المحاكم العادية أو جهة القضاء الإدارى وميز فى اختصاص تلك الدوائر بحسب قيمة الدعوى وبحسب المنازعات والدعاوى التى تنشأ عن تطبيق قوانين معينة نصت عليها المادة السادسة منه فخص الدوائر الابتدائية – دون غيرها – بنظر المنازعات والدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتى تنشأ عن تطبيق القوانين المنصوص عليها فى المادة سالفة الذكر وخصص الدوائر الاستئنافية بالنظر ابتداءً فى ذات المنازعات والدعاوى إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة كما أناط بها – دون غيرها – نظر استئناف الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية، وكان الأصل – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – هو ارتباط الدعوى الفرعية بالدعوى الأصلية متى كان الفصل فى الأولى يتوقف على الحكم فى الدعوى الأصلية، ذلك بأن المشرع فى قانون المرافعات حرص على جمع أجزاء الخصومة وإن تغايرت عناصرها، وأن المقصود بالارتباط بين أى طلب عارض وبين الدعوى الأصلية الذى يخضع لتقدير المحكمة هو قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة لتحققهما وتحكم فيهما معاً قصراً فى الوقت والجهد والنفقات والإجراءات، مما مفاده أن الارتباط يتوافر كلما بدا للمحكمة أن من شأن فصل الطلب العارض أو المرتبط عن الدعوى الأصلية احتمال الإضرار بحسن سير العدالة، ولا يجوز الخلط بين هذا النوع من الارتباط وبين الارتباط الذى لا يقبل التجزئة الذى يوجب الجمع بين الطلبين دون أن تكون للمحكمة سلطة تقديرية فى هذا الخصوص فى حين أن الارتباط الذى يخضع لتقدير المحكمة يبرر الجمع بينهما ولا يوجبه. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى وجهت دعوى فرعية للحكم على البنك الطاعن بإلزامه برفع الحجز والتعامل المقرر على حساباتها لديه وتجميدها دون وجه حق، رداً على مطالبته لها بأداء المبلغ موضوع الدعوى الأصلية فإن الدعوى الفرعية بهذه المثابة تضحى غير مقدرة القيمة وتكون مرتبطة بالدعوى الأصلية وينعقد الاختصاص بنظرهما ابتداءً أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ السالف البيان واستهداءً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة ٤٦ من قانون المرافعات التى أوجبت على المحكمة الجزئية أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة -إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل فى اختصاصها- وكان من شأن الفصل بينه وبين الطلب الأصلى الإضرار بحسن سير العدالة -، والفقرة الأخيرة من المادة ٤٧ من ذات القانون التى عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالحكم فى سائر الطلبات العارضة وكذلك المرتبطة بالطلب الأصلى مهما تكن قيمتها أو نوعها وذلك لجمع شتات المنازعة المتداخلة واقتصاداً فى الإجراءات وتيسيراً للفصل فيها جملة واحدة وتوقياً من تضارب الأحكام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى فى موضوع الاستئناف منطوياً – بذلك – على اختصاص محكمة الدرجة الأولى – ضمناً – بنظر الدعوى الفرعية- غير مقدرة القيمة – المرتبطة بالدعوى الأصلية فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص القيمى المتعلقة بالنظام العام مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجه لبحث أسباب الطعن .

وحيث إن المحكمة وبعد أن نقضت الحكم المطعون فيه للسبب المتعلق بالنظام العام والذى أثارته من تلقاء ذاتها، يتعين عليها الفصل فى موضوع الدعويين الأصلية والفرعية وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة ١٢ من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم ١٤٦ لسنة ١٣ ق استئناف القاهرة الاقتصادية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص الدائرة الابتدائية بمحكمة القاهرة الاقتصادية قيمياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتهما للدائرة الاستئنافية بذات المحكمة لنظرهما أمامها طبقاً لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية وغيرها بمحكمة النقض الصادر بتاريخ ٢٤ من يونيو سنة ٢٠١٤ فى الطعن رقم ٢٠٥٠ لسنة ٧٤ ق ” هيئة عامة”.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت البنك الطاعن المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم ١٤٦ لسنة ١٣ ق استئناف القاهرة الاقتصادية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص الدائرة الابتدائية بمحكمة القاهرة الاقتصادية قيمياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتهما للدائرة الاستئنافية بذات المحكمة لنظرهما أمامها وأبقت الفصل فى المصروفات.

زر الذهاب إلى الأعلى