إشكاليات وتساؤلات في المجتمعات العربية حول بدل الخلع
يقول الدكتور أحمد عبد الظاهر، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، أنه نظراً لأن الأعراف ذات الصلة بالزواج في بعض المجتمعات العربية قد استحدثت بعض المسائل التي لم تكن معروفة في العصر النبوي، كما هو الشأن بالنسبة للشبكة وقائمة منقولات الزوجية وغيرها من الأمور المستحدثة، لذا فقد ثارت بعض التساؤلات عما إذا كان بدل الخلع يشمل هذه المسائل المالية المستحدثة أم يقتصر على المهر أو الصداق بالمعنى الحرفي له. وفيما يتعلق بالصداق أو المهر، يثور التساؤل عن الحالات التي يتم فيها كتابة مهر صوري، لا يتسق مع المهر الحقيقي. ولذلك، سنحاول فيما يلي بيان وجه الرأي في شأن هذه التساؤلات والإشكاليات المستحدثة.
وتناول أستاذ القانوني الجنائي بجامعة القاهرة هذا الموضوع المهم، كالآتي:
المهر الحقيقي والمهر الصوري
بمناسبة الحديث عن إعداد مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، وفي إطار البحث عن حلول لظاهرة زيادة حالات الطلاق في المجتمع المصري، يؤكد البعض أن أسباب الزيادة التي دمرت الكثير والكثير من الأسر المصرية تكمن قولاً واحداً في قانون الخلع. وبياناً لذلك، يسلم صاحب هذا الرأي بأن «الخلع ثابت بالشريعة الإسلامية الغراء التي تعد هي المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن تطبيقه في القانون المصري يحتوي على قصور يتوجب على المشرع المصري تعديله فقد ورد عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس: أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة. فما على الزوجة وفقا للشريعة الإسلامية إلا أن تقول في دعواها أخشى ألا أقيم حدود الله وتتنازل عن كافة حقوقها الشرعية من نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر الصداق وترد جميع ما قدمه لها زوجها من مهر وهدايا وخلافه. أما الخلع في القانون، أن تتنازل عن نفس الحقوق ولكن الكارثة أن المهر يكتب على خلاف حقيقة فيكتب مبلغ صوري مثلا واحد جنيه وأضف إلى ذلك أن المصوغات الذهبية لا تقدم على أنها مهر وإنما تدرج في قائمة أعيان الجهاز، ومعنى ذلك أن الذهب ملك للزوجة ودخلت به مسكن الزوجية ولم يقدمه الزوج لزوجته وهذا على خلاف الحقيقة. وهنا تظهر الكارثة حيث إن الزوجة حينما تريد الخلع ترد للزوج المهر عن طريق محضر انذار عرض بمبلغ واحد جنيه على أساس أنه هو المهر وتسترد الزوجة في قانون الخلع الحالي قائمة أعيان الجهاز بالكامل وهنا يظهر الخلاف بين الشريعة الإسلامية وقانون الخلع المصري الحالي حيث إن الشريعة الإسلامية تقول الزوجة ترد كل شيء للزوج في حالة الخلع بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم قال (خذ الحديقة وطلقها تطليقة). ونحن لا نلوم على المشرع فحسب في هذا الصدد لان جرى العرف ان تكتب المصوغات الذهبية في قائمة أعيان الجهاز. لو طبقنا خلع الشريعة الإسلامية وهو أن تقدم الزوجة لزوجها المهر الحقيقي الذي قدم لها سواء أموال أو مصوغات أو حتى هدايا أو خلافه. في هذه الحالة، ستفكر الزوجة مئات المرات قبل القدوم على الخلع حيث ان الخلع مكلف ماديا بالنسبة للزوجة وأن البعض احترف ذلك وكأنها تجارة وإساءة استخدام قانون الخلع وهذا هو دور المجتمع في ضرورة كتابة المهر الحقيقي في عقد الزواج. هناك سائل يسأل ربما تكون الزوجة في حالة استحالة المعيشة وتبغض الحياة مع زوجها؟؟؟ أقول قول واحدا كل ما عليها أن تقيم دعواها وتطلب الخلع وتتنازل عن كافة حقوقها الشرعية بالإضافة أن ترد عليه ما قدمه الزوج لها بهذا الشكل نعمل على الحد من انتشار حالات الخلع والحفاظ على الأسرة المصرية. أما أن الزوجة تخلع زوجها بكل بساطه، وتسترد قائمه أعيان الجهاز، وتقدر في الوقت الحالي بما يقرب 100 ألف جنيه، فهذا ليس من باب العدل والإنصاف، ونحن لم نطالب المشرع والمجتمع إلا بتطبيق نص الخلع وفقا للشريعة الإسلامية الغراء. أما إذا أرادت الزوجة الحصول على كافة حقوقها بالكامل عليها اثبات سبب الطلاق عن طريق رفع دعوى الطلاق للضرر أو الغيبة، فإذا أثبت ذلك فإنها لها كافة حقوقها (راجع: عبد الوارث قاسم، الخلع والقانون والشريعة الإسلامية، موقع نقابة المحامين المصرية، القاهرة، 29 أبريل 2022م).
رد الشبكة عند الخلع
في السادس عشر من يناير 2005م، ورداً على سؤال أحد الآباء بأن ابنه خَالَعَتْهُ زوجتُه التي عقد عليها ولم يدخل بها، وكان قد قدَّم لها مبلغ عشرة آلاف جنيه، وشبكةً قيمتها 21600 جنيه، فهل ترد له الشبكة؟ وهل هي جزء من المهر؟، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك، بأنه: «جرى العرف على أن الشبكة جزء من المهر؛ لأن الناس يتفقون عليها في الزواج، وهذا يخرجها من دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر، وقد جرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وقد جاء في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “ما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ الله حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ الله سَيِّئٌ”. أخرجه أحمد والطيالسي في “مسنديهما”. فالشبكة من المهر، حتى إن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل أحدهما أو كلاهما عن عقد الزواج، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الرجل أو المرأة؛ لأن الشبكة جزء من المهر، وهذا ما عليه الفتوى. ومما ذكر يعلم الجواب».
وبعد عام تقريباً من الفتوى سالفة الذكر، وتحديداً في الخامس عشر من يناير 2006م، ورداً على السؤال عما إذا كانت الشبكة ترد أو لا ترد عند رفع دعوى طلاق خلعاً، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك بأن «المقرر شرعاً أن الزوجة إذا طلبت الطلاق خلعاً، فعليها أن تتنازل عن باقي مؤخر صداقها وأن ترد مقدم الصداق؛ لأن الحديث الشريف الوارد في ذلك فيه: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْس أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ، وَطلقها تَطْلِيقَةً رواه البخاري، وقد كانت الحديقة مهرها، فعُلِم منه أن المختلعة ترد مهرها لزوجها عند الخلع. والمهر في أعرافنا، والعرف الذي لا يعارض الشرع الشريف من أدلة الشرع الإجمالية يجعل المهر شاملًا للشبْكة، وعليه فيجب رد الشبكة عند الخلع؛ لأنها داخلة في المهر الواجب رده. ومما ذكر يعلم الجواب».
وبعد أقل من شهر على هذه الفتوى، وفي الثالث عشر من فبراير 2006م، ورداً على السؤال عن الحكم الشرعي في الشبْكة المقدَّمة عند عقد الزواج من الزوج لزوجته في حالة قيامها برفع دعوى طلاق للخلع من زوجها، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك، بأنه: «إذا ما تراضى الزوجان على الخُلع أو حكم القاضي به فإن على المرأة أن تردَّ للزوج المهرَ الذي قبضته بما في ذلك الشبكة؛ لأن العرف قد جرى على أنها من المهر، ودليلُ رَدِّ المهر عند الخلع قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لامْرَأَة ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حين طَلَبَت الخُلعَ منه: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ، وَطلِّقها تَطْلِيقَةً رواه البخاري». وفي تفاصيل هذه الفتوى، أكد فضيلة المفتي أن «الخُلع شرعًا هو إزالة ملك النكاح بعِوضٍ بلفظ الخلع، وهو جائزٌ شرعًا عند عامة الفقهاء سلفاً وخلفاً، ودليل جوازه قولُه تعالى في محكم كتابه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229]، وحديثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ، وَطلِّقها تَطْلِيقَةً» رواه البخاري. ومن الثابت والمقرر أن العُرف الذي لا يخالف الشرع الشريف هو أحدُ أركان التشريع الإسلامي؛ لما جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: “مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ” رواه أحمد. وقد جرى العرف على أن الشَّبكة جزءٌ من المهر. وبناءً على ذلك، وفي واقعة السؤال: فإذا ما تراضى الزوجان على الخُلع أو حَكم به القاضي عند عدم التراضي كان على المرأة أن تردَّ للزوج المهرَ الذي قبضته، ومنه الشبكة».
وفي العشرين من سبتمبر سنة 2011م، ورداً على السؤال عن حكم الشبكة عند الخلع، أجابت دار الإفتاء المصرية بأن: «المقرر شرعاً أن المرأة تستحق بالعقد نصف المهر، وتستحق بالدخول المهر كله، والشبكة التي قدمها الخاطب لمخطوبته جرى العرف على أنها جزء من المهر؛ لأن الناس يتفقون عليها قبل الزواج، وهذا يُخرِجها عن دائـرة الهدايا ويُلحِقها بالمهر، وقد جـرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وقد جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه: “ما رَأى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عند اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عند اللهِ سَيِّئٌ”. أخرجه أحمـد والطيالسي في “مسنديهما”، فالشبْكة من المهـر. وبناءً على ذلك: فالمرأة التي تختلع مِن زوجها عليها أن تَرُدَّ له ما قدَّمه إليها من مهر بما يشمل الشبكة والهدايا غير المستهلكة التي قدمها لها قبل العقد وبعد الخطبة».
وفي الثامن من أكتوبر 2012م، ورداً على السؤال عن حكم الشبكة عند الخلع، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك، بأن: «الذي يرد عند الخلع هو كل ما يثبت كونُه مهرًا، والمتعارَف عليه أن الشبكة من المهر ما لم يكن قد تم الاتفاق على كونها هدية. وعلى ذلك، ولأن الخلعَ محلُّه التقاضي: فالحكم بأن الشبكة هي المهر أو جزء منه هو أمر موكول إلى القاضي بما يترجح عنده من الأدلة والقرائن والبينات؛ فإذا ثبت عنده أن الشبكة أو بعضها هي المهر أو جزء منه قضى بردها للزوج». وفي تفاصيل هذه الفتوى، يقول فضيلة المفتي إن: «ما عليه الفتوى وهو المعمول به في القضاء المصري أن على المرأة المختلِعة من زوجها أن تَرُدَّ له مهرها الذي أمهرها إياه، وأن تتنازل عن حقوقها الشرعية المالية عند الحكم لها بالخلع؛ اختيارًا من آراء بعض أهل العلم فيما يخصُّ هذه المسألة؛ وذلك تقليلًا للأعباء المالية والتكاليف الواقعة على الزوج بسبب هذا الانفصال الواقع عن غير اختياره. وأما حقوق الزوجة المالية الشرعية التي تتنازل عنها عند طلبها الخلع والتي وردت في نص المادة العشرين من القانون رقم 1 لسنة 2000م: [للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخُلْع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية ورَدَّتْ عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه] اهـ. فالمقصود بها: المهرُ بكامله (مقدَّمُه ومؤخَّرُه) وهو ما كان عِوَضًا عن البُضع ومقابلًا للتسليم؛ فكل ما ثبت كونه مهرًا وجب ردُّه للزوج، وكذلك تدخل فيها نفقة المتعة فتسقط بالخلع، وكذا نفقة العدة تسقط به أيضًا؛ لأن غرض المشرع من تنظيم قانون الخلع هو رحمة المرأة من زواج لا تطيق الاستمرار فيه مع عدم إثقال كاهل الزوج بالتكاليف والأعباء، غير أن الحقوق المالية الشرعية التي تسقط بالخلع لا تشمل حقها في الحضانة ولا حقوق المحضونين. وقد سعى المشرِّع المصري في اختياره لأحكام الخلع من فقه الشريعة الإسلامية إلى تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة؛ فَقَيَّد العِوض المقابل للخلع بعد أن كان مطلقًا في أقوال الفقهاء وخصَّه بالحقوق الشرعية المالية الثابتة للزوجة بالعقد؛ حمايةً لها من استغلال الزوج، وحتى لا يكر إطلاق العِوَض على مقصود الخلع بالبطلان، وسد في ذات الوقت باب استغلال الخلع من قِبَلِ الزوجات في استيلائهن على أموال أزواجهن وإثقال كاهلهم بالتكاليف والأعباء المالية المُدَّعاة والتي قد تكون مبالغًا فيها. وبالنسبة للشبْكة فقد جرى العرف على أنها جزء من المهر؛ لأن الناس يتفقون عليها قبل الزواج، وهذا يُخرِجها عن دائرة الهدايا ويُلحِقها بالمهر. وقد جرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي؛ لقول الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وقد جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه: “ما رَأى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عند اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عند اللهِ سَيِّئٌ”، أخرجه أحمد والطيالسي في مسنديهما. فالشبْكة من المهر، والمرأة التي تختلع مِن زوجها عليها أن تَرُدَّ له ما قدمه إليها من مهر بما يشمل الشبكة التي قدمها لها ما لم يكن قد تم الاتفاق على كونها هدية لا جزءًا من المهر. وبناءً على ذلك، وفي واقعة السؤال: فالذي يُرَدُّ عند الخلع هو كل ما يثبت كونه مهرًا، وما لم يكن مهرًا فإنه لا يُرَدُّ عند الخلع، والحكم بأن الشبْكة أو غيرها هو المهر أو جزء منه هو أمر موكول إلى القاضي بما يترجح عنده من الأدلة والقرائن والبينات التي هو مُخَوَّل بالنظر فيها والترجيح بينها عند تعارضها؛ فإذا ثبت عنده أن الشبكة أو بعضها هي المهر أو جزء منه قضى بردها للزوج كما سبق إيضاحه».
حكم قائمة عفش الزوجية عند الخلع
بتاريخ السادس عشر من فبراير 2008م، وفي الفتوى رقم (13003)، ورداً على السؤال عن حكم قائمة العفش في حالة الخلع من حيث استحقاق المختلعة لها من عدمه، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك بأن: «المعمول به في القضاء المصري – وعليه الفتوى – أن على المرأة المختلعة أن تَرُدَّ لزوجها مهرها الذي أمهرها إياه عند الحكم لها بالخلع؛ اختياراً من آراء بعض أهل العلم فيما يخصُّ هذه المسألة. والقائمة حق مدني للزوجة على زوجها بمثابة الدَّين لها عليه، فإن لم يكن في القائمة ما يشير إلى أنها كلَّها أو بعضها هو مهر الزوجة المقدم لها من زوجها، فتكون حقًّا خالصًا للزوجة: اختلعت أو لم تختلع، ولا يجب عليها ردها للزوج عند الخلع. وإن كان في القائمة ما يشير إلى أن بعض القائمة أو كلها هي مهر الزوجة المقدم لها من زوجها، فيجب على الزوجة حينئذٍ أن تَرُدَّ للزوج عند الخلع ما تم النصُّ عليه في القائمة أنه مهرها أو بعض مهرها؛ لخروجه حينئذٍ عن كونه دَينًا إلى كونه عِوضًا للبُضع ومقابِلًا للتسليم، فيجب رَدُّه عند الخلع بموجب المعمول به إفتاءً وقضاءً».
وفي التاسع من ديسمبر 2010م، ورداً على السؤال عما إذا كان من حق الزوج المطلق خلعًا إبراء ذمته من المنقولات التي أعدها لها بقائمة منقولاتها بحسبان كونها مقدم صداق -مهر-؟، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك، بأن: «الواجب على المرأة المختلعة ردُّ كلِّ ما يثبت أنه مهرٌ أو جزءٌ منه، والحكم في قائمة المنقولات مرده إلى القاضي؛ فإن ثبت عنده كونها مهراً أو جزءاً منه حكم بردِّها، وإلَّا كانت حقًّا خالصًا للزوجة». وفي تفاصيل هذه الفتوى، أكد فضيلة المفتي أن: «ما عليه الفتوى وهو المعمول به في القضاء المصري أن على المرأة المختلِعة من زوجها أن تَرُدَّ له مهرها الذي أمهرها إياه، وأن تتنازل عن حقوقها الشرعية المالية عند الحكم لها بالخلع اختيارًا من آراء بعض أهل العلم فيما يخص هذه المسألة؛ وذلك تقليلًا للأعباء المالية والتكاليف الواقعة على الزوج بسبب هذا الانفصال الواقع عن غير اختياره. وأما حقوق الزوجة المالية الشرعية التي تتنازل عنها عند طلبها الخلع، والتي وردت في نص المادة العشرين من القانون رقم 1 لسنة 2000م: [للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخُلْع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية ورَدَّتْ عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه] اهـ.
فالمقصود بها: المهرُ بكامله مقدَّمُه ومؤخَّرُه، وهو ما كان عِوَضًا عن البُضع ومقابلًا للتسليم؛ فكل ما ثبت كونه مهرًا وجب ردُّه للزوج، وكذلك تدخل فيها نفقة المتعة فتسقط بالخلع، وكذا نفقة العدة تسقط به أيضًا؛ لأن غرض المشرع من تنظيم قانون الخلع هو رحمة المرأة من زواج لا تطيق الاستمرار فيه مع عدم إثقال كاهل الزوج بالتكاليف والأعباء، غير أن الحقوق المالية الشرعية التي تسقط بالخلع لا تشمل حقها في الحضانة ولا حقوق المحضونين.
وقد سعى المشرع المصري في اختياره لأحكام الخلع من فقه الشريعة الإسلامية إلى تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة؛ فقيد العوض المقابل للخلع بعد أن كان مطلقًا في أقوال الفقهاء وخصَّه بالحقوق الشرعية المالية الثابتة للزوجة بالعقد؛ حماية لها من استغلال الزوج، وحتى لا يكرَّ إطلاق العِوَض على مقصود الخلع بالبطلان، وسد في ذات الوقت باب استغلال الخلع من قبل الزوجات في استيلائهن على أموال أزواجهن وإثقال كاهلهم بالتكاليف والأعباء المالية المُدَّعاة والتي قد تكون مبالغًا فيها.
والمتعارف عليه في صياغة القائمة بين الناس أنها في ظاهرها استيثاق لحق الزوجة تحت يد الزوج، فإذا ما قامت المرأة بإعداد بيت الزوجية بمقدَّم صَدَاقها سواء أمهرها الزوج الصَّداق نَقدًا أو قدمه إليها في صورة جهاز أعده لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة ملكا تامًّا بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول.
وعادة ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج أو يؤجره من الغير، فيكون الجهاز تحت يد الزوج وقبضته، فلما ضَعُفَت الديانةُ وكثر تضييع الأزواج لحقوق زوجاتهم رأى المجتمع كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية -قائمة العفش-؛ لتكون مطلَق ضمان لحق المرأة لدى زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما، وتعارف كثير من الناس على ذلك، وصيغ هذا الضمان بكون القائمة حقًّا مدنيًّا للزوجة على زوجها بمثابة الدَّين لها عليه.
غير أن هذا الاستيثاق صار في كثير من الأحيان ذريعةً للاستغلال؛ حين تنكر الزوجة كون القائمة مهرًا لها مع اختلاف ذلك عن الواقع ونفس الأمر؛ فقد تكون القائمة كلها هي المهر الحقيقي الذي دفعه الزوج للزوجة ويكون المثبَت في قسيمة الزواج مهرًا صوريًّا يُكتَب فيه أقلُّ مُتموَّل تهربًا من النسبة التي تُدفَع رُسُومًا على قيمة المهر المثبت في قسيمة الزواج، وقد تكون مشتركة بينهما بنسب متفاوتة، وفي بعض الأحيان تكون الزوجة هي التي قامت بشراء المنقولات كلها من مالها أو من مال أهلها.
وعلى هذا التفصيل يجري الحكم: فإن ادعى الزوج كون القائمة أو بعضها مهرًا وثبت ذلك بما يثبت به الحق قضاءً بالبينات أو الشهود أو القرائن التي يطمئن القاضي إلى صحتها حُكِم له به، ويجب على الزوجة حينئذٍ رَدُّه عند الخلع بموجب المعمول به إفتاءً وقضاءً؛ لخروجه حينئذٍ عن كونه دَيْنا إلى كونه عِوَضًا للبُضع ومقابِلًا للتسليم، فكان بذلك مهرًا واجب الرد، أما إن لم يثبت ذلك عند القاضي فإنها تكون حقًّا خالصًا للزوجة اختلعت أو لم تختلع، ولا يجب عليها ردها للزوج عند الخلع.
وبناءً على ذلك، وفي واقعة السؤال: فالحكم بأن القائمة هي المهر أو جزء منه موكول إلى القاضي بما يترجح عنده من الأدلة والقرائن والبينات التي هو مُخَوَّل بالنظر فيها والترجيح بينها عند تعارضها؛ فإذا ثبت عنده أن القائمة أو بعضها هي المهر أو جزء منه قضى برده للزوج كما سبق إيضاحه».
وفي السابع عشر من نوفمبر 2016م، وفي الفتوى رقم (13423)، ورداً على السؤال عن حكم الشبْكة وقائمة المنقولات عند الخلع؟، أجابت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية بأن: «ما عليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً أن الواجب على المرأة المختلعة ردُّ كلِّ ما يثبت أنه مهرٌ أو جزءٌ منه، والحكم في ذلك مرده إلى القاضي؛ فكل ما يثبت كونه مهرًا أو جزءًا منه يحكم بردِّه إلى الزوج، وإلَّا كان حقًّا خالصًا للزوجة». وفي تفاصيل هذه الفتوى، أكدت الأمانة أن: «ما عليه الفتوى – وهو المعمول به في القضاء المصري – أن على المرأة المختلِعة مِن زوجها أن تَرُدَّ له مَهرَها الذي أَمهرها إياه، وأن تتنازل عن حقوقها الشرعية المالية عند الحكم لها بالخلع؛ اختيارًا مِن آراء بعض أهل العلم فيما يخصُّ هذه المسألة؛ وذلك تقليلًا للأعباء المالية والتكاليف الواقعة على الزوج بسبب هذا الانفصال الواقع عن غير اختياره.
وأما حقوقُ الزوجةِ الماليةُ الشرعيةُ التي تتنازل عنها عند طلبها الخُلْع – والتي وَرَدَت في نص المادة العشرين مِن القانون رقم 1 لسنة 2000م: [للزوجين أن يَتراضَيَا فيما بينهما على الخُلْع، فإن لم يَتراضَيَا عليه وأقامت الزوجةُ دعواها بطَلَبِه وافتَدَت نفسها وخالَعَت زوجَها بالتنازُل عن جميعِ حقوقِها الماليةِ الشرعيةِ ورَدَّتْ عليه الصداقَ الذي أعطاه لها، حَكَمَت المحكمةُ بتطليقها عليه] اهـ.- فالمقصود بها: المهرُ بكامله (مقدَّمه ومؤخَّره) وهو ما كان عِوَضًا عن البُضع ومقابِلًا للتسليم؛ فكل ما ثَبَتَ كونُه مَهرًا وجب ردُّه للزوج، وكذلك تدخل فيها نفقة المُتعة فتَسقط بالخُلْع، وكذا نفقة العِدَّة تَسقط به أيضاً؛ لأنَّ غرض المشرع مِن تنظيم قانون الخُلْع هو رحمةُ المرأةِ مِن زواجٍ لا تُطيق الاستمرارَ فيه مع عَدَم إثقالِ كاهِلِ الزوجِ بالتكاليف والأعباء.
وقد سعى المُشرِّعُ المصري في اختياره لأحكام الخُلْع مِن فقه الشريعة الإسلامية إلى تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة؛ فقَيَّد العِوَضَ المقابِلَ للخُلْع – بعد أن كان مُطْلَقًا في أقوال الفقهاء – وخَصَّه بالحقوق الشرعية المالية الثابتة للزوجة بالعقد؛ حمايةً لها مِن استغلال الزوج، وحتى لا يَكِرَّ إطلاق العِوَضِ على مقصودِ الخُلْعِ بالبُطلان، وسَدَّ في ذات الوقت بابَ استغلال الخُلْع مِن قِبَل الزوجات في استِيلَائهن على أموال أزواجهن وإثقال كاهلهم بالتكاليف والأعباء المالية المُدَّعاة والتي قد تكون مبالغًا فيها.
والمتعارف عليه في صياغة القائمة بين الناس أنها في ظاهرها استيثاقٌ لِحَقِّ الزوجة تحت يد الزوج، فإذا ما قامت المرأة بإعداد بيت الزوجية بمقدَّم صَدَاقها؛ سواء أمهرها الزوجُ الصَّداقَ نَقدًا أو قدَّمه إليها في صورة جهازٍ أعَدَّه لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة ملكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالكةً لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول، وعادةً ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج أو يؤجره مِن الغير، فيكون الجهاز تحت يد الزوج وقبضته، فلما ضَعُفَت الديانةُ وكَثُرَ تَضييع الأزواج لحقوق زوجاتهم رأى المجتمعُ كتابةَ قائمةٍ بالمنقولات الزوجية (قائمة العَفْش)؛ لتكون مُطْلَقَ ضمانٍ لِحَقِّ المرأة لدى زوجها إذا ما حدث خلافٌ بينهما، وتعارف كثيرٌ مِن الناس على ذلك، وصِيغَ هذا الضمانُ بِكَونِ القائمةِ حقًّا مدنيًّا للزوجة على زوجها بمثابة الدَّين لها عليه.
غيرَ أنَّ هذا الاستيثاقَ صار في كثيرٍ مِن الأحيان ذَرِيعةً للاستغلال؛ حين تُنكِر الزوجةُ كَونَ القائمةِ مَهرًا لها مع اختلاف ذلك عن الواقع ونفس الأمر؛ فقد تكون القائمةُ كلها هي المَهر الحقيقي الذي دفعه الزوجُ للزوجة، ويكون المُثبَت في قسيمة الزواج مَهرًا صوريًّا يُكتَب فيه أقلُّ مُتموَّل؛ تهرُّبًا من النسبة التي تُدفَع رُسُومًا على قيمة المَهر المُثبَت في قسيمة الزواج، وقد تكون مشتركةً بينهما بنسبٍ متفاوتة، وفي بعض الأحيان تكون الزوجة هي التي قامت بشراء المنقولات كلها مِن مالها أو مِن مال أهلها.
وعلى هذا التفصيل، يجري الحُكمُ؛ فإن ادعى الزوجُ كونَ القائمة أو بعضَها مَهرًا وثَبَتَ ذلك بما يَثبُتُ به الحقُّ قضاءً بالبينات أو الشهود أو القرائن التي يطمئن القاضي إلى صحتها حُكِم له بها، ويجب على الزوجة حينئذٍ رَدُّها عند الخُلْع بموجب المعمول به إفتاءً وقضاءً؛ لخروجها حينئذٍ عن كونها دَيْنا إلى كونها عِوَضًا للبُضع ومقابِلًا للتسليم، فكانت بذلك مَهرًا واجب الرد.
أما إن لم يَثبُت ذلك عند القاضي، فإنها تكون حقًّا خالصًا للزوجة؛ سواء اختلعَت أو لم تَختلع، ولا يجب عليها ردُّها للزوج عند الخُلْع.
أما الشبكة: فإذا كان العُرف قد جرى على أنها جزءٌ مِن المَهر فإنها تُرَدُّ عند الخُلْع، أما إذا كان قد اتُّفقَ على كونها هديةً فإنها تأخذ حُكمَ الهدايا، والهدايا ليست مَهرًا؛ فلا تُرَدُّ عند الخُلْع.
وبِناءً على ذلك، وفي واقعة السؤال: فالذي يُرَدُّ عند الخُلْع هو كل ما يَثبُتُ كونه مَهرًا، وما لم يكن مَهرًا فإنه لا يُرَدُّ عند الخُلْع، والحُكمُ بأن القائمة أو الشبكة أو غيرهما هو المَهر أو جزءٌ منه هو أمرٌ موكولٌ إلى القاضي بما يَترجح عنده مِن الأدلة والقرائن والبينات التي هو مُخَوَّلٌ بالنظر فيها والترجيح بينها عند تعارضها؛ فإذا ثَبَتَ عنده أن القائمة أو الشبكة أو بعضهما هو المَهر أو جزءٌ منه قَضى بِرَدِّه للزوج كما سبق إيضاحه».
الحقوق التي تردها الزوجة عند الخلع
في الرابع من أبريل 2006م، ورداً على السؤال عن ماذا يجب على المرأة من حقوق إذا اختلعت من زوجها؟، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك، بأن: «على الزوجة التي ترغب الخُلع من زوجها أن ترُد إليه المهر الذي أخذته منه بسبب الزوجية، ومنه الشَّبْكَة، ومقدم الصداق، ومتاع الزوجية الذي أتى به، كما أنها تتنازل عن حقوقها في نفقتي العدة والمتعة والمؤخر». وفي تفاصيل هذه الفتوى، قال فضيلة المفتي: «الخلع شرعاً: هو إزالة ملك النكاح بعِوضٍ بلفظ الخلع، وهو جائزٌ شرعاً عند عامة الفقهاء سلفاً وخلفاً، ودليل جوازه قوله تعالى في محكم كتابه: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229]، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيسٍ أتت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيسٍ ما أعتب عليه في خُلُق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» قالت: نعم. قال: «اقْبَل الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» رواه البخاري.
ومن الثابت والمقرر أن العُرف الذي لا يخالف الشرع الشريف هو أحد أركان التشريع الإسلامي؛ لما جاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: “فَمَا رأى المسلمون حَسَنًا فهو عِندَ الله حَسَنٌ، وما رَأَوْا سَيِّئًا فهو عِندَ الله سَيِّئٌ” رواه أحمد. وقد جرى العُرف على أن الشَّبْكَة جزءٌ من المهر.
وبناءً على ذلك: فعلى الزوجة التي ترغب في أن تَخْتَلِع من زوجها أن ترُد إليه المهر الذي أخذته منه بسبب الزوجية – الشَّبْكَة، ومقدم الصداق، ومتاع الزوجية الذي أتى به – وأن تتنازل عن حقوقها المستقبلية في نفقتي العدة والمتعة وفي المؤخر».
هل الخلع اللاحق للحكم بمتجمد النفقة يسقطها؟
في السابع من فبراير 2008م، وفي فتوى منشورة على موقع دار الإفتاء المصرية، قالت السائلة: حكم لي القضاء بمتجمد نفقة عن ثلاث سنوات لم يكن ينفق عليَّ فيها، ثم لاحقًا أقمت دعوى خلع قضى به القضاء، فهل الخلع اللاحق للحكم بمتجمد النفقة يسقط هذا المتجمد؟ ورداً على هذا السؤال، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية آنذاك، بأن: «متجمد النفقة هو دَين من الديون، والدَّين لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، والخلع المعمول به في القضاء المصري أخذاً من أقوال بعض أهل العلم يتضمن تنازلاً عن المهر: مقدَّمِه ومؤخره، وعن المتعة، وعن نفقة العدة، ولا يتضمن تنازلاً عن ديون الزوج لزوجته المختلعة منه، ومنها نفقة زوجيتها التي طالبَت بها، وحكم المحكمة بمتجمد النفقة يعني أن الزوجة طالبت بها، وصارت في إطار الديون التي لا تسقط بمجرد الخلع، بل بالأداء أو بإبراء الزوجة قبل خلعها أو بعده.
وعليه: فلا يُسقِط الخلعُ الذي حَكَمَ القضاء لكِ به مُتَجَمِّد نفقتِكِ، إلا أن تُسقطيه أنتِ».