أهمية بند الخطر الظني في عقود تأمين السفن
بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبه أستاذ القانون التجاري بكلية الحقوق الجامعة العربية المفتوحة
تعد عقود التأمين من الخطر الظنى أهم الإجراءات القانونية التى تتخذها شركات الملاحة البحرية للمحافظة على حقوق شركات التوريد أطراف علاقة بيع وإستيراد البضائع للتأمين أية حوادث محتملة أثناء ملاحة السفينة.
وبعد وقوع حادثة السفينة”إيفرجيفن” والتى شحطت أثناء عبورها المجرى المائى لقناة السويس و محاولة ربان السفينة الخروج من الشحط بأسلوب غير مهنى مما أدى إلى جنوح السفينة بعرض المجرى الماحى للقناة مما أدى إلى غلقه وإيقاف عبور السفن المتتالية للسفينة.
الأمر الذى تسبب فى إقاع الكثير من الأضرار المادية التى لحقت بالعديد من شركات الملاحة البحرية و أيضا المطالبة بتعويض من قبل هيئة قناة السويس فيما يتعلق بتأخر حركة الملاحة و إنسداد المجرى الملاحى و كان من الضرورى إعادة التدقيق فى ضبط تعاقدات التأمين على السفن فيما يتعلق بصياغة شرط التأمين عن الخطر الظنى.
ولقد ادى تعطل حركة الملاحة بقناة السويس بسبب جنوح سفينة الحاويات العملاقة “إيفر جيفن” صباح 23مارس إلى ارتفاع عدد السفن المنتظرة عبور المجرى الملاحي إلى 293 سفينة حتى مساء الجمعة الموافق ٢٦ مارس، وما زال العدد مرشحا للزيادة في ظل استقبال القناة في حدود 50 سفينة في المتوسط يوميا.
الأمر الذى يبشر بزيادة متوقعة فى الخسائر الناجمة عن تعطل حركة الملاحة بالقناة ومن ثم عدم قدرة السفن على العبور لنقل حمولاتها إلى وجهات الموانئ المستهدفة، و فتح باب التساؤل حول طبيعة التعويضات المنتظرة للأطراف المتضررة، ومن يتحمل هذه التعويضات المحتملة؟
فقناة السويس تعزز موقفها باللوائح والاتفاقيات والقوانين الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية القسطنطينية التاريخية الموقعة عام 1888 بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة.
كما أن اللائحة المنظمة لعبور السفن تنص على أن طاقم السفينة هو المسئول بالكامل عن قيادتها داخل المجرى الملاحي، ويقتصر دور المُرشد المكلف من قناة السويس على تقديم إرشادات للعبور واعتبار رأيه استشاريا.
وفي ضوء ذلك، فإن التعويضات المحتملة تنتقل مسئولياتها إلى كل من الشركة المالكة أو المستأجرة للسفينة.
وقد أكدت شركة الشحن التايوانية “إيفر جرين” المستأجرة للسفينة في بيان رسمي، أن هناك تكاليف متوقعة لعملية تعويم السفينة، وستتحملها شركة “شوي كيسن” المالكة لها.
ونص البيان صراحة “بما أن السفينة مستأجرة، فإن المسئولية عن المصاريف المتكبدة في عملية التعويم؛ ومسئولية الطرف الثالث (ضد الغير) وتكلفة الإصلاح (إن وجدت) تتحملها الشركة المالكة”.
على الجانب الآخر، أصدرت شركة “شوي كيسن” بيانا صباح الأربعاء تعتذر فيه عن تسببها في قدر كبير من القلق بالمجرى الملاحي، وحركة التجارة العالمية، دون أن تتطرق للحديث عن أي تعويضات.
قالت مصادر لوكالة رويترز، إن “شوي كيسن” وشركات التأمين على السفينة، تواجه مطالبات بتعويضات تبلغ ملايين الدولارات حتى إذا جرى تعويم السفينة سريعا.
وبحسب المصادر: “من المرجح أن يطالب مالكو البضائع على متن السفينة وعلى السفن الأخرى العالقة في القناة بتعويضات من شركة التأمين على السفينة الجانحة، نتيجة الخسائر التي لحقت بالسلع القابلة للتلف أو عدم الالتزام بمواعيد التسليم”.
مع العلم أن شركة قناة السويس تستطيع ان تدفع بإنتفاء مسئوليتها القانونية فى حال اى مطالبة للتعويض تقع عليها لكون الضرر وقع عن خطأ الغير وانها لا تقوم مسئوليتها بموجب حق متولى الرقابة ولا الحارس لانها غير مسئولة عن تصرفات طاقم قيادة السفينة بل على الاكثر من حق شركة قناة السويس ان تطالب الشركة مالكة السفينة بالتعويض عن الأضرار والخسائر التى لحقت بها نتيجة إنسداد المجرى الملاحى
ولقد صرح توشياكي فوجيوارا، المسئول في شركة “شوي كيسن”، أن السفينة لديها بوليصة تأمين، لكنه لم يدل بتفاصيل عن شركة التأمين ضد الخطر الظنى الموجب للتعويض عن تأمين سفن الحاويات التى بهذا الحجم وأنه من المتوقع إن مثل هذه الحاوية مؤمنة على الأرجح ضد أضرار هيكلها والآلات التي تتراوح بين 100 و140 مليون دولار.
بينما لم يستبعد بيتر بيردوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة “بوسكاليس” الهولندية، التي تحاول تعويم السفينة، أن “تستغرق المسألة أسابيع، بحسب الوضع”.
وأضاف أنه سيتم تعويض السفن المتضررة جراء توقف حركة الملاحة، مشيرا إلى أن جسم السفينة سليم بالكامل ولم يصب بأي أضرار.
فيما قال نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أليانز للتأمين مصر، محمد مهران، إن التأمين على السفن ينقسم لنوعين منه وثيقة الأجسام، بخلاف التأمين على البضائع.
كما أن نادي الحماية والتعويض الإنجليزي هو شركة التأمين على السفينة، ومن ثم تقع مسئولية دفع التعويضات عليه.
فيما قدر ديفيد سميث، رئيس قطاع الالتزامات البحرية فى هيئة التأمين البريطانية إن قيمة التعويض يتشابك بين أجسام وحجم السفن ، وإن تعويض قيمة الخسائر الناجمة عن هذا الحادث والمتطلبة لإعادة التأمين تقدر بأكثر من 100 مليون دولار.
وقال سميث: “الفاتورة النهائية ستتألف من تعويضات التأخير، وخسارة الإيرادات لقناة السويس وتكلفة إعادة التعويم، والأضرار المحتملة للبضائع”.
وهذا بالفعل ما دفع هيئة قناة السويس على إستصدار أمر بالتحفظ على السفينة وعلى الحلويات المحملة عليها حفاظا على حقها فى قيمة التعويضات وهذا ما أكدته المحكمة الاقتصادية فى حكمها الذى أيدت بموجبه قرار التحفظ على السفينة وحمولتها ورفضت التظلم منه.
وهذا ما أكدته المحكمة حينما أصدرت حكمًا فى الاستئناف المقدم من الشركة المالكة للسفينة إيفرجيفن، برفض الاستئناف المقام من ملاك السفينة طعنا على الحكم الصادر برفض التظلم المقدم منهم على أمر الحجز التحفظي الموقع على السفينة والذي سبق وأن أصدرته المحكمة الاقتصادية “الدائرة الثانية الإبتدائية” بجلسة الرابع من مايو الماضى.
ولقد أكدت أيضا أن السفينة قد ظلت جانحة لنحو أسبوع في قناة السويس خلال مارس الماضي ما عرقل الملاحة عبر الممر الملاحي الحيوي للتجارة العالمية، ويبلغ طول السفينة 400 متر، وعرضها 59 مترا، فيما تبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن.
ويتضح من ذلك أن المسئولية كانت متشابكة نتيجة وقوع الحادثة من السفينة الجانحة وإن وثيقة التأمين التى أشتملت على الخطر الظنى أو الخطر غير المتوقع هى التى غطت قيمة التعويضات التى التزمت بها الشركة المالكة للسفينة.