أسس و مبادئ صياغة العقود
بقلم/ داليا حكيم
المهارات الكتابية: أسس و مبادئ صياغة العقود
الجزء الأول: مراحل الصياغة القانونية للعقود
تقتضي طبيعة عمل رجل القانون – أيا كانت وظيفته – أن يتسلح بالمهارات الكتابية القانونية باللغتين (العربية و الانجليزية)؛ لما يقوم به رجل القانون من صياغة لعدة مستندات قانونية مختلفة تحتاج الي دقة عالية و جودة ممتازة في اختيار الالفاظ و المصطلحات و ايضاح الاثر القانوني المترتب عليها. و هناك عدة اشكال مختلفة من الاعمال و المستندات القانونية التي يكتبها رجل القانون نذكر منها علي سبيل المثال: الاستشارات القانونية و المذكرات القانونية و الاحكام القضائية و العقود و الاتفاقات و المعاهدات و التشريعات. و في هذا المقال سوف نسلط الضوء علي مهارات الصياغة القانونية للعقود و كيفية اكتسابها و تعلمها ذاتيا و ذلك من خلال سرد و نشر سلسلة مقالات بعنوان (“أسس و مبادئ صياغة العقود “) سوف يتم نشرها تباعا.
و سوف نتناول في هذا الجزء الحديث عن المراحل الاساسية لصياغة العقود و التي تعتبر حجر الاساس للقائم علي عملية الصياغة حيث أن المهارات الكتابية وحدها لا تكفي انما يفضل أن تكون هناك خطة متسلسلة و واضحة قبل الشروع في الصياغة و تنقسم تلك المراحل الي ثلاث:
المرحلة الأولي: المرحلة التمهيدية Preparatory Stage
و في هذه المرحلة يجب ان يتمتع رجل القانون المكلف بصياغة العقد بعدة خصائص محددة تقتصر علي أن يكون (واعياً– حاضر ذهنه – ملماً بكل التفاصيل – دقيقاً للغاية) حيث يتعين علي القائم بالصياغة أن يقوم بعدة خطوات قبل الشروع في الصياغة :
(1) الاستماع الجيد الي متطلبات العميل.
(2) الاطلاع علي كافة المستندات و الرسائل المتبادلة بين أطراف التعاقد التي تمت في مرحلة التفاوض ما قبل النهائي.
(3) الاطلاع علي القانون الحاكم للعقد للتأكد من تمام كافة أركان و شروط العقد للنظام القانوني الاكم لموضوع التعاقد.
(4) تكييف العقد و اصباغ مسمي قانوني يتطابق و موضوعه.
(5) الحصول علي كافة البيانات الخاصة بالاطراف المتعاقدة للتأكد من صحة التمثيل و الصفة التعاقدية.
المرحلة الثانية: المرحلة التجريبيةInitial Draft Stage
و في هذه المرحلة سيتم تطبيق نظرية دكتورة بيتي إس. فلاورز – استاذة لغة انجليزية ومديرة مكتبة ليندون جونسون بالولايات المتحدة – حيث قسمت مرحلة الصياغة الأولية في الصياغة الي أربع مراحل فرعية يمر بها عقل و ذهن القائم بالصياغة و هي كالاتي:
(1) مرحلة الرجل المجنون Madman . و هي تلك المرحلة التي تنهال فيها الافكار بشكل سريع و متلاحق و غير مرتب و في هذه المرحلة يتعين علينا أن نسجل ما تنغمر به روؤسنا من افكار عشوائية غير مرتبة حتي يتسني لنا استخدامها فيما بعد اثناء عملية الصياغة و لنعطي مثالا علي ذلك لتطبيق هذه الخطوة. فمثلا، لو افترضنا أنك مكلف بصياغة عقد بيع سيارة …فما أول بند قد يخطر في بالك؟
أريد منك أن تكتب – فقط – البنود التي خطرت علي ذهنك لحظة التفكير في كلمة (عقد البيع) دون ترتيب ، فنفترض مثلا بعض البنود/البيانات التالية: ثمن المبيع – مواصفات البيع – المعاينة- بيانات الاطراف –تاريخ العقد- التوقيع – القانون الحاكم – المحكمة المختصة ….الخ.
(2) مرحلة المهندس المعماري Architect . و هي تلك المرحلة التي يحتاج فيها عقلك الي ترتيب الافكار -التي أتي بها الرجل المجنون- بشكل قانوني منطقي مسلسل يضمن سلامة الافكار و تسلسلها المنطقي المرتب . ففي المثال السابق نجد أنه من المنطقي وضع عنوان العقد في البداية ثم كتابة التاريخ و بيانات الاطراف ثم مواصفات المبيع ثم الثمن و كيفية السداد …الخ.
(3) مرحلة النجار Carpenter . و هي تلك المرحلة التي يتعين فيها صياغة كل بند بشكل قاوني صحيح و هو ما يتطلب منك أن تتعلم مبادئ و أصول الصياغة للعقود ( و هو ما سنقدمه من خلال سلسلة المقالات القادمة باذن الله تعالي).
(4) مرحلة القاضي Judge . و هي اخر مرحلة في المرحلة التجريبية او المسودة الاولية . و هي أن تضع نفسك موضع الناقد المحلل و تبدأ في قراءة ما انتهت اليه صياغتك و تحليل المخاطر من وراء البنود و مراجعة الاخطاء الاملائية و الاهتمام بتنسيق شكل العقد من حيث الشكل النهائي و الترقيم و حجم الخط …الخ.
و للحديث بقية….ألقاكم علي خير ان شاء الله تعالي12