أجر المسكن (أحكامه – أحواله – سقوطه)
بقلم/ مختار عادل المحامي
يعـد أجر السكن أو المسكن من عناصـر نفقة الصغير على أبيه شرعًا فهو لا يدخـل ضمن الأجـور التى تُستحق للحاضنة نظير قيامها بعمل محدد، ولا يستحق الصغير أجر مسكن إذا ما كان يقيم صحبة أبويه بمسكن الأب، فإذا أقامت الأم في هذه الحالة الدعوى بطلب نفقةٍ شاملةٍ للصغير، حُكم لها بنفقة مأكلٍ وملبسٍ فقط دون أجر المسكن، ويستحق الصغير أجر المسكن سواء كان يقيم لدى الحاضنة بملكها الخاص أو بأجر؛ لأن أجره مسكن الصغير على أبيه شرعًا عملًا بعموم الفقرة الثالثة من المادة (18) مكرر ثانيًا.
ولقد أصبح الصغير يستحق أجر المسكن في ظل أحكام القانون رقم (100) لسنة 1985 من تاريخ الحاجة إليه – تاريخ الامتناع – باعتبار أن نفقة الصغير تستحق على الأب من ذلك التاريخ وباعتبار أن أجر مسكن الصغير مما يلتزم الأب بأدائه إعمالًا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة محل التعليق، وفى حالة طلب الأم أجر مسكنٍ لها وللصغير – حالة قيام الزوجية – وجب الحكم بأجر مسكن واحد لهما، أما فى حالة الطلاق البائن فلا يقضى إلا بأجر مسكن حضانة للصغير بشرط توافر شروط استحقاقه حيث لا تستحق المطلقة بائنًا اجرة سكن على مطلقها، وفى حالة طلب الأم أجر مسكن وجب التفرقة بين حالتين، الأولى حالة قيام الزوجية أو فى خلال فترة العدة من الطلاق الرجعي وجب القضاء بأجر مسكنٍ مستقلٍ لكل من الأم والصغير ؛ لقيام الزوجية خلال فترة العدة حكمًا وثبوت التزام الأب بإسكان الزوجة أو المطلقة رجعيًا وصغيره منها، أما الحالة الثانيـة فهى حالة الطـلاق البائن وجب الحكم بأجر مسكن حضانة للصغير فى حالة تحقق شروطه ورفض القضاء بأجر مسكن للمطلقة بائنًا؛ لارتفاع التزام المطلق بإسكان المطلقة بائنًا لانقطاع أحكام الزواج.
وتعدد المحضونين لا يقتض تعدد أجر المسكن فلا يحكم بأجر مسكن حضانة لكل صغير على حدة، كما أن ببلوغ أحد الصغار أقصى الحضانة وخروجه منها لا يقتضي تخفيض المفروض كأجر مسكن.
وقت استحقاق الأجور
ويظل استحقاق الصغير لأجر السكن قائمًا حتى بلوغه غاية استحقاقه للنفقة على أبيه شرعًا أي ببلوغه خمسة عشر عامًا قادرًا على الكسب المناسب وإلى أن تتزوج البنت أو تكسب ما يكفى نفقتها عملاً بعموم المادة (18) مكرر ثانياً، وعلى ذلك فإذا كان أجر المسكن واستقلال الصغير مع حاضنته بمسكن الحضانة وجهان لعملةٍ واحدة هي التزام الأب بإسكان الصغير فإن تخلى الحاضنة عن مسكن الحضانة لوالد الصغير لسقوط حقها في الحضانة سواء لبلوغ الصغير أقصى سن حضانة النساء أو لغير ذلك من الأسباب لا يسقط حق الصغير في أجر المسكن على أبيه شرعًا ويظل لصاحب اليد عليه أو للصغير شخصيًا إذا بلغ سن المخاصمة القضائية حق مطالبة أبيه بأجر مسكنه.
تستحق الأجـور عمومًا اعتبارًا من تاريخ بـدء العمل أي من تاريخ بدء الحضانـة ومن تاريخ بدء الرضاعة؛ ذلك أن الأجـور ما هي إلا مقابل عمل تقوم به المستأجرة لإنجازه.
وهذه الأجور تثبت دينًا صحيحًا في ذمة من تجب عليه لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء وتستحق في تركة من تجب عليه.
ولا يخضع الحق في المطالبة بالأجور لقيد عدم السماع عن مدة ماضية محددة لانعدام النص، كما لا يسرى على الحق في المطالبة بها مدد التقادم الواردة بالمادة (378/ب) من القانون المدني؛ وذلك لكون الشريعة الإسلامية لا تعرف تقادم الحقوق ولعدم سريان نص المادة المذكورة – رغم ارتباطه بأجور العمل والإجراء على الأجور الشرعية لكون النص الواجب التطبيق بالنسبة لهذه الأخيرة هو القول الراجح في المذهب الحنفي عملًا بالمادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم (1) لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية.
عدم جواز ازدواج أجر المسكن في نفقة الزوجة والابن.
لا يجوز ازدواج أجر المسكن في نفقة الزوجة أو المطلقة الحاضنة مع أجر المسكن للإبن؛ حيث لا يقضى إلا بأجر مسكن واحد ضمن مشتملات نفقة الأبن على أبيه أو ضمن عناصر نفقة الزوجة على الزوج، فإذا كانت الزوجية قائمة وادعت الزوجة إقامتها وابنها المستحق للنفقة خارج مسكن الزوجية وطلبت القضاء بالنفقة لها وللابن المستحق لها والممسكة له في يدها قُضي لها بالنفقة بعناصرها الثلاث (مأكل وملبس ومسكن) وقُضى للابن بالنفقة بعنصریها (المأكل والملبس) لكونه مع والدته من نفقة سكناها المتحصلة عليها.
وفي حالة وقوع الطلاق وطلبت المطلقة للنفقة لها ولابنها المستحق للنفقة والممسكة له في يدها) قُضى للمطلقة بالنفقة بمشتملاتها الثلاثة (المأكل والملبس والمسكن) حيث تسكن الحاضنة صحبة الإبن سواء بمسكن الزوجية الذي يتحول إلى مسكن حضانة إذا ما تمسكت المطلقة بالإقامة به ويقوم الأب على سداد أجرته بنفسه أو بمسكن يستأجره للحاضنة من أجر المسكن المقضي به ضمن عناصر نفقة الإبن المحضون.
• ويتعين الإشارة إلى أن إسكان الصغير أصبح بمقتضى النص المطروح أحد حقوق الإبن على أبيه والتي تجب عليه وجوب تمكين بما يلتزم معه الأب بالتخلي عن مسكن الزوجية – في حالة الطلاق – إعمالا لحكم المادة 18 مكرر ثالثا في هذا الخصوص إذا توافرت شروط النص الأخير أو وجوب تمليك بدفع أجر المسكن في حالة عدم وجود أموال خاصة للصغير بما أصبحت معه التفرقة التي كان يعتمدها الأحناف من حيث ما إذا كان الصغير يسكن بالتبع لأمه في ملكها من عدمه وقد أصبح لا محل لها في ظل النص المستحدث.