أثر حضور المحامي عن الطاعن بتوكيل خاص جلسة المحاكمة
كتب: علي عبدالجواد
تنص المادة ٣٨٤ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم ١١ لسنة ٢٠١٧ على أنه إذا أصدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة وبعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور ، يكون للمحكمة أن تحكم في غيبته ، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور ، ومع عدم الإخلال بسلطة المحكمة المنصوص عليها بالمادة ٣٨٠ من ذات القانون ، يكون الحكم حضوريًا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة.
الطعن رقم ١٦٧٧٢ لسنة ٨٨ قضائية
الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٣/٠٣
باســم الشعــب
محكمــة النقــض
الدائـــرة الجنائيــة
جلسة الأربعاء ( أ ) الموافق ٣ من مارس سنة ٢٠٢١
الطعــن رقم ١٦٧٧٢ لسنة ٨٨ قضائية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضـــــــى / عاصــــــــــم الغايــــش ( نائـــــب رئيــــس المحكمـــة )
وعضوية الســــادة القضـــــــــــاة / خالــــد حســـــن محمد ، أبو الحســـــــــــن فتحــــــي
و خالــــــــــد الشــــــرقبالي نــــــواب رئيس المحكمـــــة ، محمــــد يوســــــــــف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) قانون ” تطبيقه ” . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . وكالة .
المادة ٣٨٤ إجراءات جنائية المعدلة بالقانون ١١ لسنة ٢٠١٧ . مفادها ؟ حضور المحامي عن الطاعن بتوكيل خاص جلسة المحاكمة . أثره : صدور الحكم حضورياً في حقه . أثره ؟
(٢) إثبات ” بوجه عام “. حكم ” بيانات حكم الإدانة ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ” “سلطتها في تقدير الدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
بيان الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة واستعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(٣) غسل أموال
جريمة غسل الأموال لا يشترط طريقاً خاصاً لإثباتها . كفاية اقتناع المحكمة بوقوعها من أي دليل أو قرينة تقدم لها.مثال.
(٤) إثبات ” خبرة ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” .
عدم إيراد نص تقرير الخبير . لا ينال من سلامة الحكم . كفاية إيراد مؤداه .
(٥) استدلالات . حكم ” بيانات التسبيب ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
إيراد مؤدى تحريات الشرطة في بيان واف . لا قصور . أساس ذلك ؟
(٦) قانون ” سريانه ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
إقامة الدعوى العمومية على المتهم الذى قضت المحكمة الاجنبية ببراءته أو قضت نهائيا بإدانته واستوفى عقوبته . غير جائز . أساس ذلك ؟ الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور حكم على المتهم من دولة أجنبية عن واقعة معاقب عليها بالقانون المصري . شرطه ؟ نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون العقوبات . مفاده ؟ صدور عفو عن العقوبة من دولة أجنبية . لا يتحقق به القيد المانع من إعادة محاكمة المتهم في مصر . أساس ذلك ؟ مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور حكم على المتهم من محكمة أجنبية .
(٧) دفوع ” الدفع ببطلان الاذن بالاطلاع على الحسابات” . إثبات ” شهود ” . استدلالات . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
الدفع ببطلان الإذن بالاطلاع على الحسابات . عدم التزام المحكمة بالرد عليه . ما دام صدر استناداً إلى نص قانوني لا إلى التحريات . علة ذلك ؟
(٨) إثبات ” بوجه عام ” ” أوراق رسمية ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها . أثر ذلك ؟ مثال .
(٩) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم .
(١٠) اثبات . ” شهادة ” . محكمة الموضوع . ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم . ” تسبيبه غير معيب”.
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي تؤدي فيها شهادتهم . والتعويل عليها مرجعه قضاء الموضوع. الأخذ بالشهادة مفاده إطراح الاعتبارات التي ساقها الدفاع لعدم الأخذ بها . كفاية استخلاص الحكم للحقيقة من أقوال الشاهد . بما لا تناقض فيه.
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم . موضوعى . أثر ذلك ؟
تقدير الدليل . موكول لمحكمة الموضوع . الجدل الموضوعى . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(١١) محضر الجلسة .عقوبة “تطبيقها “.
تضمن ورقة الحكم المنقوض أن الغرامة المقضي بها على الطاعن سبعة وثلاثين مليوناً ومائتي واثنين الف وواحد وخمسون دولاراً أمريكياً حين أن الثابت بمحضر جلسة النطق به أنها سبعة ملايين ومائتي واثنينألف وواحد وخمسون دولاراً أمريكياً جنيه. خطأ مادي أساس ذلك العبرة بما نطق به القاضي في مواجهة الخصوم.
(١٢) دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بعدم بيان سعر الدولار .غير منتج. علة ذلك ؟
(١٣) إجراءات ” إجراءات المحاكمة “. دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . محكمة النقض ” نظرها موضوع الدعوى “.
الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟ مثال لما لا يعد طلباً جازماً أمام محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى .
الطلب الذي لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود. ومقصوده إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة . دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بإجابته .
(١٤) دفوع ” الدفع بكيدية الاتهام ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره . ما لا يوفره ” . نقص ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الدفع بكيدية الاتهام. موضوعى. لا يستوجب رداً صريحاً. مادام الرد مستفاداً ضمنا من القضاء بالإدانة. الجدل الموضوعى في تقدير الدليل . لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض .
(١٥) طعن. نيابة عامة . قانون ” تفسيره ” . عقوبة ” تقديرها ” .
تطبيق الحكم المطعون فيه القانون تطبيقاً صحيحاً .أثره ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ….. لسنة ٢٠١٧ قسم مصر الجديدة (المقيدة بالجدول الكلي برقم ….. لسنة ٢٠١٧ شرق القاهرة ) بأنه في غضون الفترة من عام ٢٠٠٧ وحتى عام ٢٠١٢ بدائرة قسم مصر الجديد – محافظة القاهرة :-
– ارتكب جريمة غسيل الأموال مقدراها مبلغ سبعة ملايين ومائتين وإثنى ألف وثمانمائة وواحد وخمسين دولار أمريكي والتي تحصل عليها من جريمة التبديد موضوع القضية …… لسنة ٢٠٠٨ جنح مصر الجديدة وجريمة التزوير موضوع القضية …… لسنة ٢٠١١ جنح مصر الجديدة بأن أجرى عليها تحويلات محلية وخارجية للحسابات البنكية الخاصة به وبأخرين واستخدم بعضه في عمل مسحوبات نقدية واستثمر بعض من هذه الأموال في تأسيس العديد من الشركات مع آخرين وضخ بعض تلك الأموال في الحسابات البنكية لبعض تلك الشركات ، وقام بتحويل جانب من تلك الأموال إلى أموال عقارية ومنقول اشتراها باسمه واسم شقيقه ….. و….. وربط ودائع بجزء منها واستخدم بعضها في المضاربة على العملات بالبورصات العالمية وكان القصد من ذلك السلوك إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه طبيعتها وإضفاء صفة المشروعية عليها والحيلولة ون اكتشافها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ١٨ من إبريل سنة ٢٠١٨ عملًا بالمواد ١١/أ،ب،د ، ٢ ، ١٤ ، من القانون رقم ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ بشأن مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي ٧٨ لسنة ٢٠٠٣ ، ١٨١ لسنة ٢٠٠٨ بمعاقبة ……. بالسجن لمدة سبع سنوات ، وتغريمه مبلغ ١٤.٤٠٤.١٠٢ أربعة عشر مليون وأربعمائة زوأربعة ألف ومائة واثنين من الدولارات الأمريكية ، وبغرامة إضافية قدرها سبعة ملايين ومائتين وإثنى ألف وثمانمائة وواحد وخمسين دولارًا أمريكيًا ، وبرفض الدعوى المدنية ، وإلزام رافعها بالمصروفات .
فطعنت الأستاذة / المحامية بصفتها وكيلة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ٢١ من يونيه لسنة ٢٠١٨ .
ثم طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في ١٤ من يونيه سنة ٢٠١٨ .
وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن الأولى عن المحكوم عليه في التاريخ ذاته موقع عليها من المحامية المقررة بالطعن بالنقض ، والثانية من النيابة العامة في التاريخ ذاته موقع عليها من محامٍ عامٍ بها .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة حضور محامٍ بتوكيل خاص مرفق بملف الطعن وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى أمرت بحجزها للحكم بجلسة ١٨/٤/٢٠١٨ . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٣٨٤ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم ١١ لسنة ٢٠١٧ تنص على أنه إذا أصدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات ولم يحضر هو أو وكيله الخاص يوم الجلسة وبعد إعلانه قانونًا بأمر الإحالة وورقة التكليف بالحضور ، يكون للمحكمة أن تحكم في غيبته ، ويجوز لها أن تؤجل الدعوى وتأمر بإعادة تكليفه بالحضور ، ومع عدم الإخلال بسلطة المحكمة المنصوص عليها بالمادة ٣٨٠ من ذات القانون ، يكون الحكم حضوريًا إذا مثل المتهم أو وكيله الخاص بالجلسة ، وإذ كان الثابت بمحاضر الجلسات أن وكيلًا خاصًا حضر عن الطاعن بجلسة المحاكمة وترافع فيها وهي الأستاذ / ……. ، فإن الحكم الصادر ضد الطاعن يكون حضوريًا في حقه ويكون الطعن عليه بطريق النقض جائزًا .
أولًا الطعن المقدم من المحكوم عليه :-
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة غسيل الأموال قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها والتي لا تؤدي إلى ما رتبه عليها ، مطرحًا بما لا يسوغ دفعه بانتفاء أركان الجريمة المسندة إليه ، ولم يورد تقرير اللجنة المشكلة وتحريات الشرطة بصورة وافية ، ملتفتًا عن دفاعه بانتفاء صلته بجنحتي خيانة الأمانة والتزوير باعتبارها جريمتي المصدر لشواهد عددها ، كما أطرح بما لا يسوغ دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠٠٨ رد أموال النائب العام السويسري ، وكذا في الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠٠٧ تجاري كلي أبو ظبي والمقضي فيهما بالرفض ، والتفت عن دفاعه ببطلان إذن النيابة العامة بالاطلاع على الحسابات البنكية لابتنائه على تحريات منعدمة ، والتفت عن المستندات المقدة والتي تنفي الاتهام عنه ، وعول على تقرير اللجنة المشكلة رغم بطلان تشكيلها لشواهد عددها ، كما عول على أقوال شهود الإثبات رغم عدم معقوليتها وتناقضها مع ما خلصت إليه اللجنة المشكلة بشأن مقدار الأموال المتحصل عليها ، وقضى بغرامة إضافية يغاير القدر الوارد بمدوناته ، ولم يبين سعر الدولار الذي اتخذه أساسًا لاحتساب الدراهم الإمارتية …. المتحصل عليها ، ولم تجبه المحكمة إلى طلبه بمخاطبة السلطات الاماراتية للاستعلام عن المعاملة رقم ….. لسنة ٢٠٠٧ بتاريخ ٢٢/١/٢٠٠٧ موضوع دعوى التزوير الأهلية بوصفها الجريمة الأهلية وكذا الاستعلام عن سبق اتهامه بغسل الأموال عن ذات الوقائع محل الطعن الراهن ، ومخاطبة السلطات السويسرية للاستعلام عما إذا كان قرار رد الأموال قد صدر بعد محاكمة من جريمة غسل أموال من عدمه ، وأخيرًا فإن الاتهام كيدي وملفق ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ن وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى وإيرادها لمضمونها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الطافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد بعد أن قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديدًا . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء أركان الجريمة واطرحه برد سائغ وكافٍ ، وكان لا يشترط لإثبات جريمة غسل الأموال طريقًا خاصًا غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي – كما هو الحال في سائر الجرائم – بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم لها ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته يعد كافيًا وسائغًا على ثبوت وتوافر جريمة غسل الأموال في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة التي أوردتها أن الأموال محل جريمة غسل الأموال متحصلة من جريمة خيانة أمانة ، وأن الطاعن قام بغسلها مع علمه بحقيقة ذلك المصدر وعاقبته بجريمة غسل الأموال ، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقًا صحيحًا على واقعة الدعوى ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد بين عند تحصيله لشهادة أعضاء اللجنة المنتدبة من النيابة العامة مؤدى تقرير تلك اللجنة بيانًا كافيًا ، وكان لا يعيب الحكم – بعد ذلاك عدم تكرار سرده لهذا التقرير ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يضحى في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد تحريات الشرطة وأقوال مجريها بصورة وافية يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية ، من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠٠٨ رد أوال النائب العام السويسري ، استنادًا إلى أن قرار النائب العامة السويسري برد المبلغ الموجود بحساب الطاعن للمجني عليها كان مستندًا على الحكم الصادر من محكمة جنح مصر الجديدة في جنحة التبديد رقم …… لسنة ٢٠٠٨ ولم تسبقه محاكمة أمام القضاء السويسري أو صدور حكم منه قبل الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المادة الرابعة من قانون العقوبات تنص في الفقرة الثانية منها على أنه لا يجوز إقامة الدعوى العمومية على ما يثبت أن المحكمة الأجنبية برأته مما أسند إليه أو أنها حكمت عليه نهائيًا واستوفى عقوبته ، ومفاد ذلك أنه يشترط لتوافر شروط حق الدفع سالف الذكر فضلًا عن صدور حكم بات أي غير قابل للطعن ، أن يكون المحكوم عليه الذي صدر بإدانته قد نفذ العقوبة المقضي بها عليه تنفيذًا كاملًا . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يدعى صدور حكم عليه من المحاكم السويسرية وأنه نفذه تنفيذًا كاملًا ، بل سلم بوجود قرار برد جزء من الأموال المتبقية في حسابه من النائب العام السويسري للمجني عليها ، وهو ما لا يتحقق به القيد المانع من إعادة محاكمته في مصر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدفع سالف الذكر يكون قد التزم صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في مذكرة أسباب طعنه أن الدعوى المرفوعة عليه من محاكم أبو ظبي قد صدر فيها حكم بعقوبة جنائية بل سلم أنها دعوى تجارية قضى فيها بالرفض وهو ما لا يتحقق به القيد المانع من إعادة محاكمته في مصر ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون بعيدًات عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن ما تضمنته التحريات – ملخص الاشتباه – السابقة على صدور الأمر بالاطلاع على الحسابات لم يكن يمثل انتهاكًا لمبدأ سرية الحسابات البنكية ، وإنما كان بمثابة إجراء نفاذًا لإلتزام المؤسسات المالية – طبقًا للمادة ٨ من قانون مكافحة غسل الأموال – المار ذكره – بالإخطار عن العمليات التي يشتبه في أنها تضمن غسل أموال ، فإن دفعه ببطلان الإذن بالاطلاع على الحسابات لانعدام التحريات يكون ظاهر البطلان ، ولا وجه للنعي على الحكم عدم الرد عليه ، لكونه ظاهر البطلان بعديًا عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن المستندات لتي قدمتها الإشارة إلى نفي التهمة ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر الجلسات أن الطاعن أو وكيله لم يثر شيئًا أمام محكمة الموضوع بخصوص ما يدعيه من بطلان تشكيل لجنة الفحص المشكلة من قبل النيابة العامة ، فإنه لا محل له من بعد أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم في بعض تفاصيلها مع أدلة أخرى في الدعوى – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته ، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها ، والتعويل في قضائها على قول شاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالف دليلًا آخر دون بيان العلة ، إذ مرجع الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اقوال شهود الإثبات وحصلتها بما لا تناقض فيه واطمأنت إلى حدوث الواقعة على الصورة التي رووها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من ورقة الحكم المطعون فيه أنه قضى بغرامة إضافية سبعة وثلاثي مليونًا ومائتي واثنين ألف وواحد وخمسون دولار أمريكيًا ، بالإضافة إلى عقوبتي السجن والغرامة الأصلية ، غير أنه لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة بالحكم المطعون فيه أن الغرامة الإضافية المقضي بها هي سبعة ملايين ومائتي وأثنين ألف وواحد وخمسون دولارًا أمريكيًا ، وكانت العبرة بما نطق به القاضي في مواجهة الخصوم ، فإن ما أثبت بورقة الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون خطأ ماديًا لا يغير من حقيقة ما قضت به المحكمة . لما كان ذلك ، وكان النعي على الحك بعدم بيان سعر الدولار الذي احتسب عليه سعر الدراهم الإماراتية يغدو غير منتج في الدعوى لكون سعر الدولار من المعارف العامة التي لا تحتاج لخبرة فنية خاصة ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الحاضر عن المتهم قدم مذكرة بدفاعه والتي يدعي أنها تضمنت طلبه بمخاطبة السلطات الإماراتية للاستعلام عن المعاملة رقم ….. لسنة ٢٠٠٧ بتاريخ ٢٢/١/٢٠٠٧ موضوع دعوى التزوير وعن حقيقة اتهامه بجريمة غسل الأموال عن ذات الوقائع محل الطعن الراهن والتي انتهت بالحفظ ، ومخاطبة السلطات السويسرية للاستعلام عن طبيعة قرار الرد الصادر من النائب العام السويسري ضده ، فإن الدفاع عن الطاعن قد رافع شفاهة في الدعوى ولم يتمسك في مرافعته الشفوية بتلك الطلبات ، مما يحق لهذه المحكمة اعتبارها غير مطروحة عليها وتلتفت عنها لأنه أمسك هو عن المطالبة بها في مرافعته الختامية ، فضلًا عن أنه من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حدوث الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، فإنه يفيد دفاعًا موضوعيًا لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ما دام الرد يستفاد ضمنيًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ثانيًا : الطعن المقدم من النيابة العامة :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة غسل الأموال في خصوص عقوبة الغرامة الأصلية والإضافية قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه قضى بتغريم الطاعن مبلغ ١٤.٤٠٤.٢٠١ دولار كغرامة أصلية ، ومبلغ ٧.٢٠٢.٥١ دولار أمريكي كغرامة إضافية ، في حين أن الثابت من الأوراق أن المبلغ محل الجريمة هو ٧.٢٠٢.٨٥١ دولار أمريكي مخالفًا لنص المادة ١٤ من القانون رقم ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ بشأن مكافحة غسل الأموال ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
حيث إن الثابت من المفردات التي أمرت لمحكمة بضمها لتحقيق وجه الطعن أن المبلغ محل الجريمة هو سبعة ملايين ومائتين وأثنين ألف وواحد وخمسين دولار أمريكي ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بغرامة أصلية تعادل ضعف هذا المبلغ وغرامة إضافية مساوية له ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ، ويكون النعي عليه من النيابة العامة في هذا الصدد غير قويم . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين رفض طعن النيابة العامة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول طعني المحكوم عليه والنيابة العامة شكلًا وفي الموضوع برفضه .