يجوز لمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 19823 لسنة 85، أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم – إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.

الوقائع: نزاع بشأن تطبيق أحكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963.

تتمثل الوقائع في نزاع قائم بين طرفي النزاع بشأن تطبيق أحكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963.

إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام

قالت محكمة أن إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم – إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وأن الطعن بالنقض يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه باعتبار أن التصدى له سابق بالضرورة على البحث في موضوعه.

وتابعت: «وكان النص في المادة العاشرة من القرار بالقانون رقم 47 لسنة ١٩٧٢ بشأن مجلس الدولة على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية :… (سادساً) الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة، وكان المنوط به تحديد كافة أحكام الرسوم الجمركية من عناصرها ومقوماتها ووعائها وسعرها والمكلف بها والملزم بسدادها وحالات الإعفاء منها هو قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 – الذي عدل تسميتها إلى الضريبة الجمركية – والقرارات الصادرة من الجهة الإدارية تنفيذاً لأحكامه».

المشرع لم يعهد للقضاء العادي بنظر المنازعات الضريبية الناشئة عن أحكامه

وأضافت أن المنازعة في هذه القرارات تعد منازعة ذات طبيعة إدارية بحتة ينعقد الاختصاص ولائياً بنظرها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. يؤيد هذا النظر أن المشرع في القانون الأخير وتعديلاته لم يعهد للقضاء العادي بنظر المنازعات الضريبية الناشئة عن أحكامه على نحو ما انتهجه في بعض القوانين المنظمة لبعض أنواع الضرائب الأخرى كقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة ٢٠٠٥، وقانون الضريبة العامة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة ٢٠٠٥، الأمر الذي حدا بالمحكمة الدستورية العليا القضاء في الدعوى رقم ١٦٢ لسنة 31 ق دستورية المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 15 مكرر (ب) بتاريخ 17 من أبريل ٢٠١٣ بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة 35 من القانون الأول.

القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب تعد منازعات إدارية

وذكرت أنه في القضية رقم 70 لسنة 35 ق دستورية المنشور بالجريدة الرسمية العدد 31 مكرر (ج) بتاريخ ٢ من أغسطس ٢٠١٥ بعدم دستورية نص المادة (١٢٣) من القانون الثاني – وهي النصوص التي عقدت الاختصاص للمحاكم الابتدائية بالفصل في المنازعات الضريبية الناشئة عن هذين القانونين – على سند من أن القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب تعد منازعات إدارية بحسب طبيعتها ينعقد الاختصاص بنظرها لمجلس الدولة دون غيره من جهات القضاء، وأنه لا وجه للاعتداد في هذا الشأن بأن البند السادس من المادة العاشرة من القانون الحالي لمجلس الدولة رقم 47 لسنة ١٩٧٢ بأن جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهناً بصدور القانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة إذ لم يخصها المشرع بقواعد إجرائية تستلزم صدور قانون خاص يحكمها استثناء من تلك التي تخضع لها سائر المنازعات الإدارية الأخرى المنوط بمجلس الدولة الفصل فيها.

المنازعة المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية ذات طبيعة إدارية

وأوضحت أنه لا يعد مبرراً لإهدار هذا الاختصاص تراخي المشرع عن سن ذلك القانون، وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا هذا الاختصاص في حكمها الصادر في القضية رقم 10 لسنة 33 ق تنازع – تنفيذ – بجلسة ١٢ يناير سنة ٢٠١٤، فيما انتهت إليه من أن المنازعة المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية ذات طبيعة إدارية ينسحب عليها نص البند (سادساً) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة وأنها تندرج ضمن الاختصاص المحدد للقضاء الإداري. لما كان ذلك، وكانت المنازعة المطروحة تتعلق بتطبيق قانون الرسوم الجمركية، فإنها تعد منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة، ويكون لذي المصلحة حق الطعن والمنازعة فيها أمام محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة.

وانتهت إلى أنه الحكم حالف المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى، منطوياً بذلك على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي ولائياً بنظرها، فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب. ولما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص محاكم مجلس الدولة منعقدة بهيئة قضاء إداري بنظرها.

النقض تقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى

نقضت المحكمة – الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في الاستئنافين رقمي 243/337 لسنة 132 ق استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة لنظرها بهيئة قضاء إداري وأبقت الفصل في المصروفات.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى