من تراب الطريق (1195)

الإمام الطيب والقول الطيب (28)

نشر بجريدة المال الأربعاء 6/10/2021
ـــ
بقلم: الأستاذ/ رجائى عطية نقيب المحامين

خلاصة الخلاصة
ـــــ
يخلص الإمام الطيب فى محاضرته إلى العلماء , بعد ما تحدث عن العلاقة بين الدين والحضارة , إلى ما كان عليه أمر المسلمين قديمًا , حين كانوا يتعاملون مع الدين تعاملاً شاملاً نصوصه وروحه ومقاصده , إلاًّ أن الأمر قد آل الآن إلى وقوف كثيرين عند ظواهر بعض النصوص , وجَمد على فهم السابقين , ونظر إلى هذه المفاهيم أو « الفهوم » السابقة نظرته إلى « النص » المعصوم . مع أن النصوص ذاتها قابلة للفهم المتجدد والقراءة الواعية لأهداف النص ومقاصده , وإلاَّ أصيب المسلم بالإنفصام النفسى بين فكره وسلوكه .
والعلماء هم أولى الناس بالمسئولية عما يحدث للمسلمين اليوم , وما كان ذلك ليحدث لو أن علماء الأمة ومفكريها يقظون متفطنون لما يدبر لهذه الأمة من داخلها ومن خارجها .
وبقاء هذه الأمة حيّة , رغم كل الضربات القاتلة التى تُسدد إليها ــ لا يرجع فى الواقع إلى أرباب العلم والفكر , وإنما مردّه إلى الله القوى العزيز , الذى تعهد من لدنه بالحفاظ على القرآن الكريم , ومن ثم على بقاء هذه الأمة على قيد الحياة .
فإذا كان العلماء هم ورثة الأنبياء كما جاء فى الحديث الشريف , فإن هذه الوراثة لا تقتصر على وراثة العلم والتشريع وكفى , بل تشمل رعاية كل ما تقتضيه الرسالة فى الإصلاح والتغيير , وبذل الجهد الكافى اللازم لإنقاذ الأمة وإسعادها .
ويضيف الإمام الطيب :
« لا مفر لنا اليوم من تجديد الوعى وتوسيع الفهم , والنزول إلى الواقع , والتَّعامل المباشر الحى مع المشكلات والوقائع , بفتاوى شجاعة تتعامل مع المشكلات العالقة , دون تردُّدِ أو تخوف , أو تناقضٍ بين الفَتاوى فى المسألِة الواحِدة والمجتمع الواحد .
« إن شريعة الإسلام هى شريعة صالحة لكل زمان ومكان , فأين هذا مما نحن فيه اليوم من صراع بين متطلَّبات الحياة من ناحية , والفتاوى المتشدِّدةِ والأقوال المتَسَيِّبة من ناحيِةأخرى , وصمتِ العلماء المؤهَّلين من ناحية ثالثةٍ ؟! إنَّ معنى صلاحيَّةً الشريعة لكل زمان ومكان أنها شريعة جاهزة وقادرة على تلبيه الحاجات المتجددة لحياة الإنسان المسلم , ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا بتجدُّد أحكام الشريعة واختلاف الفتوى من زمنٍ لزمنٍ ومن مكان لآخر .
« ومن العجيب أنَّنا ــ نحن أهل العلم ــ نحفظ عن ظهر قلب ويتردد على ألسنتنا دائمًا أن الفتوى ــ فى شريعة الإسلام ــ تتغَّير بتغَّير الزَّمان والمكان والأحوال والأشخاص , ومعنى ذلك أن الفتوى التى كانت تواكب مستجدات القرن الماضى قد لا تصلح لمستجدات اليوم التى لا تكف عن التبدل والتغير , وإذن فكيف رَهَنَّا مُشكلات اليوم بفتاوى القُرون الخَوالى , وحكَّمنا فيها أقوالاّ لو بُعث أصحابُها اليوم لقالوا غير ما قالوه , كما نحفظ أيضًا , وعن ظهر قلبٍ قول النبى صلى اللع عليه وسلم : « إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» فأين التَّجديد وأين المجدّدون ؟ وليت الخطَب اقتصر على غياب المجتهدين والمجدِّدين , وترك الناس ومانشؤوا عليه فى عباداتهم ومعاملاتِهم , إذّا لهان الأمر وسهل , ولكن ابتلينا بمن يفهم النصوص على هواه , ويوظف الدِّين لارتكاب الجرائم والكبائر والموبقات , وحسبُنا داعش وأخواتها وفتاواها التى استطاعت بخطاب دينىِّ مغشوشِ أن تستقطب شبابًا , وفتيات فى عمر الزهور , يقطعون آلاف الأميال , ويتحمَّلون من السفر ومشقَّته ما يصعب على أولى العزم من الرِّجال , لينخرطوا فى التَّنظيم أو ليفجروا أنفسهم طلبًا للجنة فى زعمهم . »

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى