من أحكام النقض بشأن قواعد تفسير النصوص القانونية

تناولت محكمة النقض المصرية قواعد تفسير النصوص القانونية، حيث أكدت في حكمها بالطعن رقم 18564 لسنة 85، أنه متى كان النص واضحاً جلى المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه.

الـــــــمــــحكــمــــــــــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر عمر الهادي معالى نائب رئيس المحكمة وسماع المرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم ۲۱۰ لسنة ۲۰۰۹ مدنی جزئى السيدة زينب على المطعون ضدها الثالثة بطلب الحكم بإلزامها بتسليم الشقة المبينة بالصحيفة على سند من أنهما اشترياها منها بموجب عقد البيع المؤرخ 14/4/2006 إلا أنها أخلت بالتزامها بالتسليم فأقامتا الدعوى. أدخل المطعون ضدهما الأولى والثانية خصماً في الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ۳۹۸۹ لسنة ۱۲۹ ق القاهرة.

ودفعت بصورية عقد البيع سند الدعوى. وأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لشهود الطرفين. قضت بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في موضوع الطعن برفضه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة- فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض دفعها بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع إجراءات نص المادة 43/6 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 76 لسنة ۲۰۰۷ من إخطار الحائزين وأصحاب الحقوق على شقة النزاع على سند من أن اختصامها في الدعوى يكفي لتحقق الإخطار لذوي الشأن دون أن يلزم المدعيتين بتنفيذ هذا الإجراء، وحال أنها قدمت للمحكمة قرار التمكين من شقة النزاع في المحضر رقم 5154 لسنة ۲۰۰۸ اداري السيدة زينب الصادر لها ولابنتيها اللتين لم يختصما في الدعوى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

تفسير النصوص القانونية:

وحيث إن هذا النعی سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه متى كان النص واضحاً جلى المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه . كما أنه من المقرر أنه إذا أوجب القانون إجراء معيناً ورتب عليه أثراً قانونياً فإن هذا الأثر لا يتحقق إلا بتمام الإجراء. وكان البين من البند السادس من المادة رقم 43 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 76 لسنة ۲۰۰۷ – المنطبقة على واقعة النزاع – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا النص أن المشرع – حرصاً منه على اتصال علم ذوى الشأن من الملاك والحائزين وأصحاب الحقوق بدعاوى التسليم المتعلقة بعقاراتهم – ضمن هذا النص ضرورة إخطارهم بالدعوى.

كي يتسني لأي منهم أن يتدخل فيها ليضع تحت بصر المحكمة الأدلة المثبتة لحقه على العقار فلا يفصل في الدعوى إلا بعد تمحيص وجه الحق في شأن هذا العقار، وذلك حماية لهم من الدعاوى الوهمية التي يلجأ إليها البعض باصطناع خصومة صورية مع الغير الذي ليس له أي حقوق عينية أو شخصية بغية استصدار حكم في غيبة أصحاب الحقوق الفعليين، وأسند للوحدة المحلية الكائن في دائرتها العقار دوراً في الإخطار بالدعوى- وذلك في حالة عدم تمامه بورقة من أوراق المحضرين بسبب عدم الاستدلال على شخص أي من هؤلاء بعد إجراء التحريات الكافية – يتمثل هذا الدور في اللصق في مكان ظاهر بواجهة العقار وفي مقر نقطة الشرطة ومقر عمدة الناحية ولوحة الإعلانات في مقر الوحدة المحلية وذلك منعاً لتحايل المدعي في دعوى تسليم العقار بإجراء إخطار شكلي، ومنعاً لتحايل طرفي الدعوى بالتسليم بالطلبات من الجلسة الأولى أو تقديم عقد صلح لإلحاقه بمحضر الجلسة فقد نص على أن لا تحكم المحكمة في الدعوى إلا بتمام الإخطار على النحو المشار إليه ولو سلم المدعى عليه بطلبات المدعي.

وكان المشرع بهذا النص لم يجعل من الإخطار شرطاً لقبول الدعوى ابتداء، إلا أنه جعل منه شرطاً للحكم في موضوع الدعوى وإلا كان الحكم باطلاً بما مؤداه أنه يصح للمدعى القيام به إلى ما قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة أول درجة، وأنه يستوجب عليها التحقق من إجرائه قبل الفصل في موضوع الدعوى وإلا قضت برفض الدعوى بحالتها. لما كان ذلك؛ وكان البين من الأوراق صدور قرار النيابة العامة في المحضر رقم 5154 لسنة ۲۰۰۸ إداري السيدة زينب بتمكين الطاعنة وابنتيها – الغير مختصمتين في الدعوى – من شقة النزاع، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد قيام المطعون ضدهما الأولى والثانية بإخطار ذوى الشأن من الملاك والحائزين وأصحاب الحقوق على عين النزاع ومنهما ابنتنا الطاعنة.

وإذ أيد الحكم المطعون فيه قضاء الحكم الابتدائي بتسليم شقة التداعى لهما رافضاً الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى على سند من أنها أدخلت فيها بما يتحقق معه إخطار ذوى الشأن وأن إجراءات اللصق لا تكون واجبة إلا في حالة عدم الاستدلال عليهم، رغم وجوب اتباع الإجراءات آنفة البيان كشرط لازم للفصل في موضوع الدعوى فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بحالتها.
لذلك
نقضت المحكمة:ا لحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 3686 لسنة ۱۲۹ ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى بحالتها وألزمت المطعون ضدهما الأولى والثانية بمصروفات الطعن ودرجتى التقاضي ومبلغ ثلاثمائة وخمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر نائب رئيس المحكمة

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى