محكمة النقض: حقوق الملكية الفكرية حق عينى أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته 

    أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٨٦٤٠ لسنة ٨٣ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢١/١١/١٧، أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك لأن الحقان من ثمرات الفكر والإبتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافى طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عينى أصلى يستقل عن حق الملكية بمقوماته التى ترجع إلى أنه يقع على شيئ غير مادى، فهو إذن حق عينى أصلى منقول.

الحكم

باسم الشعب

محكمـة النقـض

الدائرة المدنية والتجارية

الطعن رقم ١٨٦٤٠ لسنة ٨٣ قضائية

جلسة الأربعاء الموافق ١٧ من نوفمبر سنة ٢٠٢١

ــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضى / محمد أبو الليل ” نائب رئيس المحكمة “

وعضوية السادة القضاة / أمين محمد طموم ، عمر السعيد غانم

محمد إبراهيم الشباسى وسامح سمير عامر ” نواب رئيس المحكمة “

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(١-٤)ملكية فكرية ” ماهيتها ” ” براءة اختراع ” . قانون . حكم ” عيوب التدليل : الخطأ في تطبيق القانون “.

(١) حقوق الملكية الفكرية . ماهيتها . حق عينى أصلى يستقل عن حق الملكية بمقوماته . علة ذلك .

(٢) براءة الاختراع . شروط منحها . انطوائه على خطوة إبداعية و قابليته للاستغلال الصناعى وألا يكون فيه مساس بالأمن القومى أو إخلال بالآداب أو النظام العام . المواد ١ ، ٢ ، ٣ من القانون ٨٢ لسنة ٢٠٠٢.

(٣) براءة الاختراع . إجراءات الحصول عليها.

(٤) إذ كان استخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات بغرض الدعاية والإعلان لا تعدو عن كونها فكرة مجردة ينتفى عنها وصف الابتكار وتنحسر-بالتالى- عنها الحماية التى قررها المشرع بالقانون سالف البيان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على اعتبار فكرة المطعون ضده الأول ذات طابع ابتكارى، ورتب على ذلك إلزام الشركة الطاعنة بالتعويض المقضى به، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضهاستخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات للدعاية والاعلان . فكرة مجردة . انتفاء وصف الابتكار عنها . مؤداه . انحصار الحماية التى قررها المشرع بق ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك . خطأ .

ــــــــــــــــــــــــــــــ

١- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك لأن الحقان من ثمرات الفكر والإبتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافى طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عينى أصلى يستقل عن حق الملكية بمقوماته التى ترجع إلى أنه يقع على شيئ غير مادى، فهو إذن حق عينى أصلى منقول.

٢- النص فى المواد ١، ٢، ٣ من قانون حماية الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ يدل على أن الشروط الواجب توافرها فى الاختراع لمنح براءة تحميه هى أن ينطوى الاختراع على ابتكار يستحق الحماية أى يكون جديداً، بمعنى أنه ينطوى على خطوة إبداعية تجاوز تطور الفن الصناعى المألوف، وأنه لم يكن معروفاً من قبل بأن يكون المخترع الذى يطلب براءة الاختراع قد سبق غيرة فى التعريف بهذا الاختراع، وألا يكون سبق النشر عنه فى أى بلد، فشرط الجدة المطلقة الذى يجب توافره فى الابتكار محل الاختراع لا يشترط فى الابتكار كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف، ويشترط أن يكون الاختراع قابلاً للاستغلال الصناعى، والمقصود به استبعاد الأفكار المجردة والابتكارات النظرية البحتة وهى ما تعرف بالملكية العلمية، لكن يلزم أن يتضمن الاختراع تطبيقاً لهذه الابتكارات فالبراءة تمنح للمنتج الصناعى، ويشترط أخيراً ألا يكون فى الاختراع مساس بالأمن القومى أو إخلال بالآداب أو بالنظام العام أو البيئة.

٣- أورد القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ بنص المادة ١٢ وما بعدها الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على براءة الاختراع وهى سند رسمى يخول مالكة دون غيرة الحق فى استغلال ما توصل إليه من ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعى، ويفحص مكتب براءات الاختراع الطلب المقدم من طالب البراءة ومرفقاته للتحقق من توافر الشروط سالفة البيان، فإذا توافرت وروعيت فى طلب البراءة أحكام المادتين ١٢، ١٣ من ذات القانون، قام المكتب بالإعلان عن قبول الطلب فى جريدة براءة الإختراع بالطريقة التى تحددها اللائحة التنفيذية، ويجوز لكل ذى شأن الاعتراض على السير فى إجراءات طلب البراءة ولا يتم الإعلان عن قبوله إلا بعد انقضاء سنة تبدأ من تاريخ تقديمه على النحو الوارد بنص المادة ١٩ من القانون سالف البيان.

٤- إذ كان استخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات بغرض الدعاية والإعلان لا تعدو عن كونها فكرة مجردة ينتفى عنها وصف الابتكار وتنحسر-بالتالى- عنها الحماية التى قررها المشرع بالقانون سالف البيان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على اعتبار فكرة المطعون ضده الأول ذات طابع ابتكارى، ورتب على ذلك إلزام الشركة الطاعنة بالتعويض المقضى به، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/ أمين محمد طموم “نائب رئيس المحكمة “، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ٦١٣ لسنة ٤ ق القاهرة الاقتصادية
– بدائرتها الاستئنافية – بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى له التعويض المناسب عما أصابه من أضرار مادية وأدبية وما فاته من كسب نتيجة استيلائها على حقوق الملكية الفكرية الخاصة به على سند من أنه يمتلك شركة دعاية وإعلان وقد سجل إحدى إعلاناته المبتكرة فى مجال الإعلان برقم إيداع ٢٥٥٤ بتاريخ ٣/٦/٢٠٠٨ لدى إدارة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة، وهو عبارة عن استغلال سواتر تغطية واجهات العقارات عند أعمال الترميم والصيانة والتشطيبات فى أعمال الدعاية والإعلان، إلا أن الشركة الطاعنة استولت على فكرة إعلانه المذكور بالإعلان عن إحدى منتجاتها على ساتر تغطية إحدى واجهات العقارات دون موافقة كتابية أو تصريح منه، مما حدا به إلى تحرير محضر إثبات حالة وكانت دعواه. أدخلت الشركة الطاعنة الشركة المطعون ضدها الثانية فى الدعوى بطلب الحكم بإلزامها بما عسى أن يقضى به عليها على سند من أنه بموجب عقد اتفاق – إعداد مساحة إعلانية – مؤرخ ٣١/٥/٢٠١١ بينها والشركة الأخيرة على تنفيذ خطة إعلانية لصالح الطاعنة، بتاريخ ٢٤/٩/٢٠١٣ حكمت المحكمة بعدم قبول الإدخال شكلاً وبإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالأسباب الثانى والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، إذ أقام قضاءه تأسيساً على قيام المسئولية التقصيرية للشركة الطاعنة وتعديها على حقوق الملكية الفكرية للمطعون ضده الأول والذى يتمتع بالحماية القانونية بموجب الشهادة الصادرة من وزارة الثقافة، فى حين أن فكرته لا تعد من قبيل المصنفات الأدبية أو الفنية أو العلمية المشمولة بالحماية بالمخالفة للقانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ بإصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، فضلاً عن عدم اتباع الإجراءات القانونية للتسجيل لدى مصلحة السجل التجارى المختصة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك لأن الحقان من ثمرات الفكر والإبتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافى طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عينى أصلى يستقل عن حق الملكية بمقوماته التى ترجع إلى أنه يقع على شيئ غير مادى، فهو إذن حق عينى أصلى منقول. وأن النص فى المواد ١، ٢، ٣ من قانون حماية الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ يدل على أن الشروط الواجب توافرها فى الاختراع لمنح براءة تحميه هى أن ينطوى الاختراع على ابتكار يستحق الحماية أى يكون جديداً، بمعنى أنه ينطوى على خطوة إبداعية تجاوز تطور الفن الصناعى المألوف، وأنه لم يكن معروفاً من قبل بأن يكون المخترع الذى يطلب براءة الاختراع قد سبق غيرة فى التعريف بهذا الاختراع، وألا يكون سبق النشر عنه فى أى بلد، فشرط الجدة المطلقة الذى يجب توافره فى الابتكار محل الاختراع لا يشترط فى الابتكار كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف، ويشترط أن يكون الاختراع قابلاً للاستغلال الصناعى، والمقصود به استبعاد الأفكار المجردة والابتكارات النظرية البحتة وهى ما تعرف بالملكية العلمية، لكن يلزم أن يتضمن الاختراع تطبيقاً لهذه الابتكارات فالبراءة تمنح للمنتج الصناعى، ويشترط أخيراً ألا يكون فى الاختراع مساس بالأمن القومى أو إخلال بالآداب أو بالنظام العام أو البيئة. وقد أورد القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ بنص المادة ١٢ وما بعدها الإجراءات الواجب اتباعها للحصول على براءة الاختراع وهى سند رسمى يخول مالكة دون غيرة الحق فى استغلال ما توصل إليه من ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعى، ويفحص مكتب براءات الاختراع الطلب المقدم من طالب البراءة ومرفقاته للتحقق من توافر الشروط سالفة البيان، فإذا توافرت وروعيت فى طلب البراءة أحكام المادتين ١٢، ١٣ من ذات القانون، قام المكتب بالإعلان عن قبول الطلب فى جريدة براءة الإختراع بالطريقة التى تحددها اللائحة التنفيذية، ويجوز لكل ذى شأن الاعتراض على السير فى إجراءات طلب البراءة ولا يتم الإعلان عن قبوله إلا بعد انقضاء سنة تبدأ من تاريخ تقديمه على النحو الوارد بنص المادة ١٩ من القانون سالف البيان. لما كان ذلك، وكان استخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات بغرض الدعاية والإعلان لا تعدو عن كونها فكرة مجردة ينتفى عنها وصف الابتكار وتنحسر-بالتالى- عنها الحماية التى قررها المشرع بالقانون سالف البيان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على اعتبار فكرة المطعون ضده الأول ذات طابع ابتكارى، ورتب على ذلك إلزام الشركة الطاعنة بالتعويض المقضى به، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

وحيث إن الموضوع متعين الفصل فيه عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة ١٢ من قانون المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨، وكان المطعون ضده الأول قد أقام دعواه على الشركة الطاعنة بطلب إلزامها بالتعويض عما أصابه من أضرار نتيجة استيلاء الأخيرة على حقوق الملكية الفكرية الخاصة به لاستغلالها فكرة السواتر التى تغطى بها العقارات فى مجال الإعلان، وكان ما يطالب به المطعون ضده الأول لا يعد ابتكاراً جديداً وغير قابل للاستغلال الصناعى كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف وبالتالى تضحى دعواه على غير أساس من القانون مما يتعين معه القضاء برفضها.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

لذلــــــــــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت فى موضوع الدعوى رقم ٦١٣ لسنة ٤ ق القاهرة الاقتصادية برفضها وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى