ما يترتب على الإخلال بحق الدفاع  

يتمثل الإخلال بحق الدفاع في أنه إطراح الحكم للدفاع والدفوع التي أُبديت أمامه، ويتمثل الدفاع الجوهري في حق الخصم في طلب إثباته أو نفيه بإحدى وسائل الإثبات الجائزة قانوناً، إذا كان الوسيلة الوحيدة في الإثبات وإغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها يؤدي لبطلان الحكم.

وأكدت محكمة النقض في حكمها بـ الطعن رقم 20491 لسنة 73 القضائية، أن قضاء المحكمة فى الدعوى قبل تنفيذ قرارها بسماع أقوال الشهود تحقيقًا لدفاع الطاعنين دون بيان الأسباب المبررة لعدولها عن هذا القرار، يمثل إخلالًا بحق الدفاع. موضحة علة ذلك.

المحكمـة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم:
من حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم تسهيل الاستيلاء والتزوير فى محررات رسمية وعرفية واستعمالها والإضرار العمدى والاشتراك فيها قد شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن المحكمة بعد أن استجابت لطلب الدفاع سماع أقوال كل من الدكتور…. والدكتور…. عادت وعدلت عن سماعهما دون أن تورد سببا سائغًا يبرر هذا العدول، ورد الحكم ردًا غير سائغ على الدفع ببطلان التحقيقات بالنسبة للطاعنين الرابع والسادس لإجرائها قبل الحصول على إذن…..، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن البين من محضر جلسة…. من… سنة…. أن المحكمة صرحت للدفاع بإعلان شهود النفى ومن بينهم الدكتور…. والدكتور…. وبجلستى…. قررت المحكمة التأجيل وصرحت للدفاع بإحضار من يشاء من شهود النفى الذين تخلفوا عن الحضور رغم إعلانهم وقد عرض الحكم لهذا الطلب ورد عليه فى قوله: “بشأن طلب شهادة الدكتور…. والذى وصفه الدفاع أنه شاهد واقعة فإنه بمطالعة الأوراق تبين أن الدكتور…. ليس بشاهد واقعة أو إثبات أو نفى فهو ليس بشاهد على الإطلاق لأن كل ما طويت عليه الأوراق هو إرساله خطابين إلى سيادة المستشار النائب العام يتحدث فيهما عن الأراضى الزراعية التى أفرج عنها ضمن قرارات الإفراج من الحراسة العامة وتنفيذًا لها ولم يتناول من قريب أو بعيد فى خطابيه أرض النزاع كأرض مستولى عليها من الدولة بموجب القرار الجمهورى رقم… وهو لب الدعوى وأساسها وركنها الركين فلم يتعرض فى خطابيه إلى ملكية الدولة لأرض التداعى وإنما كان خطابيه عامين عن صدور قرارات الإفراج النهائى من وضع الأرض المذكورة تحت الحراسة أو بمعنى آخر أنها لم تصبح موضوعة تحت الحراسة وهو أمر لا شأن له بالاستيلاء عليها كمال عام مملوك للدولة وإنما خطابيه سالفى الذكر يصلحان فقط للتقدم بهما إلى محكمة القيم المختصة بإعطاء التعويض عن الحراسات فى حالة عدم التنفيذ عينًا إن كان لذلك وجه.

وحتى ورثة الأرض الأصليين حسبما هو ثابت من حكمى محكمة القيم العليا المرفقين بأوراق الدعوى لم يتناول هذه الأرض محل الجناية لأن أى من الورثة الحقيقيين لم يطالب بتعويض عنها لعلمهم بأنها أصبحت مملوكة للدولة وقد حصلوا بتعويض عنها من الحراسة العامة كما سلف بيانه فى شرح الأمر فى مستهل أسباب هذا الحكم وأن قرار الاستيلاء سالف الذكر قد تحصن نهائيًا بأحكام قضائية من محكمة…. بعد أن أصبحت هذه الأحكام نهائية من أحكام المحكمة الإدارية العليا الأمر الذى يكون معه الدكتور…. ليس شاهدا بالمرة تحت أى وصف من أوصاف الشهود ولا حتى شاهد نفى لأنه مجرد سارد لما تم أو نشأ عن الإفراجات والإفراج النهائى عن الأراضى السابق وضعها تحت الحراسة بعد إلغاء الحراسة بالقوانين المستعاضة وهكذا الحال مع الدكتور… لم تشمل مذكرته التى طويت عليها الأوراق إلا سردًا لهذا الأمر من واقع الملفات فى وزارته أو الاستعلام من…. فلا شأن له ولا يمكن وضعه تحت توصيف أى نوع من أنواع الشهود “وفى معرض رده على ذات الطلب المقدم من المدافع عن الطاعن السادس أضاف الحكم قوله: “….. فقد سبق أن بينا أن كلا الاثنين لا يعد أحد منهما شاهدًا تحت أى وصف من أوصاف الشهود فلا هم شهود نفى ولا إثبات ولا واقعة فالأول أرسل خطابيه ردًا على خطابات النائب العام أو تطوعًا تحدث فيهما عما لدى وزارته من معلومات عن الإفراج عن الأراضى الزراعية بعد انتهاء الحراسة.

والثانى أرسل إلى الدكتور….. خطابًا بهذا المعنى بما توافر لدى أجهزته من معلومات لا يعلم هو شخصيًا عنها شيئًا كما هو الحال بالنسبة للأول فلا يصلح شاهدا لا لواقعة ولا لنفى ولا لإثبات وقد تركت المحكمة للدفاع عن جميع المتهمين استدعاء من يراه وصرحت له بذلك ليتسنى له إعلانه تيسيرًا على الدفاع فقط ولتحقيق أقصى درجات تحقيق ما يطلبه الدفاع ولو لم يكن ذا أثر فى مجريات التداعى مادام الأمر لا يعطل الفصل فى الدعوى ولا يعد تسويفًا من الدفاع لمجرد التأجيل ودلالة أن كلاً من الشاهدين ومعهما….. عضو….. لم يحضرا كمطلب المتهمين أنفسهم وليس كطلب المحكمة فلم يكن لدى أحدهم معلومات شخصية بكتم الشهادة بها وإلا كانا قد مثلا وأدليا بها لأنهما فى موقع المسئولية ويقيدهم اليمين الدستورية بأن يخدموا الدستور والقانون التى أقسموها عند تعيينهما والدليل الكتابى على ذلك أن الدكتور….. قد ظن أن المحكمة هى التى استدعته للشهادة عندما أعلنه المتهم بتصريح منها للتيسير عليه وليقبل منه قلم المحضرين الإعلان فرد على المحكمة بكتابة رقم صادر…. والذى وقعه فى…. بعبارة “ونظرًا لعدم علمى بأية معلومات شخصية تفيد الشهادة فى هذه القضية على ضوء ما نشر عنها بالصحف فقد ترون سيادتكم أنه يغنى عن حضورى للإدلاء بشهادتى إمداد المحكمة والدفاع بأية بيانات تطلبونها وتكون متوفرة لدى أجهزة الوزارة المختصة ومفاد ذلك أن البيانات التى وردت بكتابه لرئيس…. والبيانات التى وردت للسيد المستشار النائب العام بكتاب الدكتور….. ما هى إلا بيانات مجردة بوزارة كل منهما قد تكون قديمة أو حديثة ناقصة أو كاملة وكلها تتحدث عن إفراجات الحراسة”.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى قدرت المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فإنه لا يجوز لها أن تعدل عنه إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول.

وكانت المحكمة قد رأت أن الفصل فى الدعوى يتطلب سماع أقوال الشاهدين المشار إليهما فأصدرت قرارها بجلسة…. بالتصريح بإعلانهما تحقيقًا لدفاع الطاعنين، غير أنها عادت وفصلت فى الدعوى قبل تنفيذ قرارها بسماع أقوال هذين الشاهدين، ودون أن تضمن أسباب حكمها الأسباب المبررة لعدولها عن هذا القرار سوى أنه ليس لدى أى منهما معلومات حول الدعوى المطروحة ولا يعد شاهدًا على الرغم – حسبما أورده الحكم – من إصدار الأول خطابين للنائب العام تضمنا رفع الحراسة عن الأرض موضوع الدعوى وإصدار الثانى خطابًا لرئيس…. بذات المضمون. وكانت الواقعة التى طلب الدفاع سماع أقوال الشاهدين بشأنها متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهما لازمًا للفصل فيها فإن رفض المحكمة طلبه للأسباب التى أشارت إليها يكون غير سائغ وفيه إخلال بحق الدفاع لما ينطوى عليه من معنى القضاء فى أمر لم يعرض عليها واحتمال أن تجئ هذه الأقوال التى تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها مما قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه. لما كان ذلك.

وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الرابع والسادس بانعدام التحقيقات التى أجريت بشأنهما قبل صدور إذن…. ورد عليه – مع غض النظر عما تردى فيه من التعريض، خطأ، لحكم قدم للمحكمة للاستشهاد به مع عدم حاجته لذلك وخروجه عن الأسلوب الذى يتعين به تحرير الأحكام بالإنحدار إلى لغة تهكمية غير لائقة – بما مفاده أن أحكام محكمة النقض وآراء الفقه قد اتفقت على أن النص فى المادة 99 من الدستور على عدم جواز اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب فى غير حالة التلبس إلا بإذن سابق من المجلس أو من رئيس المجلس فى غير دور الانعقاد مقصور على الإجراءات الماسة بشخص العضو أو حرمة مسكنه كالقبض عليه أو الأمر بضبطه وإحضاره أو استجوابه أو تفتيش مسكنه أو حبسه احتياطيًا أو ضبط المراسلات الواردة إليه أو الصادرة منه أو رفع الدعوى الجنائية ضده، أما سائر الإجراءات التى لا مساس لها بشخص العضو كجمع الأدلة وسؤال الشهود والرجوع إلى أهل الخبرة فيجوز اتخاذها دون توقف على صدور الإذن، وهذا الذى أورده الحكم معيب بالخطأ فى تأويل القانون ذلك بأن القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة النص واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.

لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه “فى جميع الأحوال التى يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجنى عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب”.

فإن مفاد هذا النص فى واضح عبارته وصريح دلالته وعنوان الفصل الذى وضع فيه – فى شأن الجرائم التى يشترط القانون لرفع الدعوى الجنائية فيها تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجنى عليه أو غيره – أنه لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أى إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل تقديم الشكوى أو الحصول على الإذن أو الطلب من الجهة التى ناطها القانون به فإذا ما حركت الدعوى الجنائية سواء بتحقيق أجرته النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أو برفع الدعوى الجنائية أمام جهات الحكم قبل تمام الإجراء الذى تطلبه القانون فى هذا الشأن وقع ذلك الإجراء باطلا بطلانًا مطلقًا متعلقًا بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة ويتعين على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وتبطل إجراءات التحقيق كافة ما تعلق منها بشخص المتهم كالقبض عليه أو حبسه أو ما لم يكن منها ماسا بشخصه كسؤال الشهود.

أما المادة 99 من الدستور إذ نصت على أنه “لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس. وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس. ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء “فليس فى صيغتها ما يفيد تخصيص عموم نص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية بقصر قيد الإذن على الإجراءات الماسة بشخص عضو…..إذ أن الدستور قصد بما نص عليه من عدم جواز اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس….

التأكيد على عدم جواز اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق مع عضو مجلس الشعب أما ما عدا ذلك من الإجراءات الغير ماسة بعضو مجلس الشعب فيظل محكوما بعموم نص الفقرة الثانية من المادة التاسعة سالفة البيان فلا يجوز اتخاذها إلا بعد صدور الإذن بها من المجلس والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التى تغياها الشارع من قيد الإذن وهى حماية شخص عضو مجلس الشعب والمجلس الذى ينتسب إليه، ويؤيد هذا النظر الأعمال التحضيرية لهذا النص ذلك أن أصل هذه المادة طبقًا للمشروع الوارد من الحكومة لمجلس النواب كان بالمادتين 19، 20 وقد جرى نص الأولى على أنه “إذا اشترط القانون إذنًا أو طلبا من إحدى الجهات لرفع الدعوى الجنائية فيجب أن يكون ذلك الإذن أو الطلب بالكتابة ولا يجوز الرجوع فيه بعد صدوره” وجرى نص الثانية على أنه “إذا اشترط القانون إذنًا فلا يجوز اتخاذ أى إجراء ضد المتهم إلا بعد صدور الإذن” وقد حذفت المادتان فى المشروع الذى أقرته اللجنة لإدماجهما فى المادتين 25، 26 حيث كانت تنص المادة 25 من المشروع أنه “لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على طلب من وزير العدل فى الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 181، 182 من قانون العقوبات وكذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون”.

وكانت المادة 26 من ذات المشروع تنص على أنه “لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب الهيئة أو رئيس المصلحة المجنى عليها” وقد وردت المادة 25 سالفة الإشارة فى المشروع الذى تم إقراره تحت رقم 8 وجاء نصها على النحو التالى: “ولا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها إلا بناء على طلب كتابى من وزير العدل فى الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 181، 182 من قانون العقوبات وكذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون” ووردت المادة 26 تحت رقم 9 وجاء نصها كالآتى: لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابى من الهيئة أو رئيس المصلحة المجنى عليها.

وفى جميع الأحوال التى يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية إذنًا أو طلبًا من المجنى عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراء فى الدعوى إلا بعد الحصول على هذا الإذن أو الطلب” وقد أضحى نص الفقرة التاسعة فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 426 لسنة 1954 على النحو الآتى “وفى جميع الأحوال التى يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجنى عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب على أنه فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 185 من قانون العقوبات وفى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 303، 306، 307، 308 من القانون المذكور إذا كان المجنى عليه فيها موظفًا عامًا أو شخصًا ذا صفة نيابية أو مكلفا بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها دون حاجة إلى تقديم شكوى أو طلب أو إذن “وهو ما يؤكد اتجاه إرادة المشرع إلى عدم جواز اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق إلا بعد تقديم الشكوى أو الحصول على الإذن والطلب وقد كشفت الأعمال التحضيرية لهذا النص عن أن الإجراء المقصود هو إجراء التحقيق الذى تجريه النيابة العامة دون غيرها من جهات الاستدلال.

ذلك أنه من المقرر فى صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هى من الإجراءات الأولية التى تسلس لها سابقة على تحريكها والتى لا يرد عليها قيد الشارع فى توقفها على الطلب رجوعًا إلى حكم الأصل فى الإطلاق وتحريًا للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء وتحديدًا لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشئوها إذ لا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد تعيب بالخطأ فى تطبيق القانون الذى يبطله ويوجب نقضه والإعادة إلى محكمة جنايات…. إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 2003 والخاص بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة، ولا يمنع من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة.

ثانيًا: عن طعن النيابة العامة:

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما…. و….. من تهمة تزوير التوكيلين الرسميين رقمى….،….. لسنة….، وبراءة المطعون ضدهم…. و…. و… من تهمة تزوير طلب تجديد نظر مادة إعلام الوراثة رقم… لسنة…. قد شابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه أسس قضاءه ببراءة الأولين على سند من انتفاء القصد الجنائى لديهما على الرغم من الأدلة التى تفيد توافر هذا القصد فى حقهما، كما أنه أسس قضاءه ببراءة باقى المطعون ضدهم على أن المطعون ضده الأخير سبق أن قدم طلبا صحيحًا تركه للشطب وقد طلب المطعون ضده الثالث من الرابع نقله كما هو، فى حين أن الطلب الأخير طلبًا قائمًا بذاته توافرت فيه أركان جريمة التزوير فى محرر رسمى بتدخل موظف عمومى فيه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

ومن حيث إنه من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى بالبراءة إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان البين من الحكم أن المحكمة بعد أن عرضت للاتهام المسند للمطعون ضدهم وإن لم تنف صدور الأفعال المادية التى قام الاتهام عليها إلا أنها خلصت فى منطق سائغ إلى عدم اطمئنانها إلى توافر القصد الجنائى فى حقهم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم فى شأن ذلك لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا فى حق محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة فى الأوراق وتقدير الأدلة القائمة فى الدعوى وفقًا لما تراه وهى أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض ومن ثم فإن الطعن المقام من النيابة العامة يكون على غير أساس متعينًا رفضه.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى