لا يجوز للمحكمة أن تسوئ مركز الطاعن بالطعن الذي قام برفعه

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2125 لسنة 63، أن نص المادة 218 من قانون المرافعات، في فقرتها الأولى، يدل على أنه لا يجوز للمحكمة التي تنظر الطعن أن تسوئ مركز الطاعن بالطعن الذي قام هو برفعه، ولو كان ما تقضي فيه المحكمة متعلقة بالنظام العام، وهي قاعدة لا استثناء فيها؛ لأن الاستثناءات التي أوردها المشرع في الفقرة الثانية من المادة المذكورة قاصرة على أحوال تتعدى الإفادة من الطعن إلى غير من رفعه ولا تتناول أية حالات يمكن أن يضار فيها الطاعن بطعنه. 

المحكمة

بعـد الاطلاع علـى الأوراق وسمـــاع التقريـــــر الـذى تلاه السيـــــد القاضي المقـــرر/ عمرو يحيى القاضي نائب رئيس المحكمة والمرافعة ، وبعد المداولة .

حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن مكتب الشهر العقاري والتوثيق بالإسكندرية أصدر أمر بتقدير مبلغ 72486,78 جنيه قيمة رسوم نسبية تكميلية مستحقه عن المحرر المشهر برقم 1152 لسنة 1982 بخصوص تسجيل عقد بيع عقار النزاع ، فتظلم المطعون ضدهما من أمر التقدير بتقرير في قلم الكتاب قيد برقم 2784 لسنة 1987 إسكندرية الابتدائية طالبين إلغاؤه ، ندبت المحكمة خبيراً ثم حكمت بتعديل أمر التقدير المتظلم منه بجعله مبلغ 5595.903 جنيه ، استأنف الطاعنان بصفتيهما هذا الحكم برقم 1050 لسنة 48 ق كما استأنفه المطعون ضدهما برقم ۱۱۰۱ سنة 48 ق الإسكندرية وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حکمت بتاريخ 12/1/1993 بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن من الطاعن الثاني – الأمين العام للشهر العقاري بالإسكندرية بصفته – وبنقضه بالنسبة للطاعن الأول ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن من الطاعن الثاني بصفته – أمين الشهر العقاري بالإسكندرية – أنه تابع لوزارة العدل التي يمثلها الطاعن الأول بصفته فيكون الطعن المقام منه غير مقبول .

وحيث إن هذا الدفع في محله . ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الوزير هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة أو يرفع عليها من دعاوی وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون . لما كان ذلك ، وكان وزير العدل بصفته هو الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري وكان أمين عام الشهر العقاري بالإسكندرية تابع لوزير العدل فلا يجوز له تمثيل المصلحة أمام القضاء ؛ ويكون الطعن منه غير مقبول .

وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – استوفى أوضاعه الشكلية .

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بالحكم الصادر بجلسة ۲/۱۰/۱۹۹۹ في القضية رقم ۱۲6 سنة ۲۰ ق دستورية المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 14/۱۰/۱۹۹۹ بعدم دستورية ما تضمنه البند (ج) من المادة ۲۱ من القرار بقانون رقم ۷۰ لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر – قبل تعديلها بالقانون رقم 6 لسنة ۱۹۹۱ – في شأن الأراضي الفضاء والمعدة للبناء وبعدم دستورية نظام التحري عن القيمة الحقيقية لهذه الأراضي وتحصيل رسم تكميلي – بعد اتخاذ إجراءات الشهر – عن الزيادة التي تظهر في هذه القيمة .

ومن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة تطبقه المحكمة من تلقاء نفسها باعتباره أمراً متعلقاً بالنظام العام ويترتب عليه عدم جواز تطبيق النص المحكوم بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم الدستورية ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر وفقا لنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر برقم 48 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998 والمعمول به اعتبارا من ۱۲/۷/۱۹۹۸ ليس فقط على المستقبل بل على سائر الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز القانونية التي تكون قد استقرت بحكم بات أو بانقضاء مدة التقادم قبل صدور الحكم بعدم الدستورية .

لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن أمر تقدير الرسوم التكميلية محل النزاع قد صدر بناء على نظام التحرى المحكوم بعدم دستوريته بما مؤداه زوال الأساس القانوني الذي صدر الأمر بناءً عليه اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم الدستورية – طالما أنه لم يحدد تاريخاً آخر – مما كان يوجب إلغائه ونقض الحكم المطعون فيه برمته دون حاجة لبحث أسباب الطعن . إلا أنه لما كان النص في الفقرة الأولى من المادة ۲۱۸ من قانون المرافعات على أن … لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه لا يجوز للمحكمة التي تنظر الطعن أن تسوئ مركز الطاعن بالطعن الذي قام هو برفعه ولو كان ما تقضي فيه المحكمة متعلقة بالنظام العام وهي قاعدة لا استثناء فيها لأن الاستثناءات التي أوردها المشرع في الفقرة الثانية من المادة المذكورة قاصرة على أحوال تتعدى الإفادة من الطعن إلى غير من رفعه ولا تتناول أية حالات يمكن أن يضار فيها الطاعن بطعنه .

ومن ثم فإن قاعدة أن لا يضار الطاعن بطعنه قاعدة مطلقة تطبق في جميع الأحوال وقد وردت في القواعد العامة للطعن في الأحكام فتسري على جميع الطعون بما فيها الطعن بالنقض وعلى أساسها يتحدد أثر نقض الحكم كلياً أو جزئياً فلا ينقض الحكم إلا فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه . لما كان ذلك وكان البين أن المطعون ضدهما قد قبلا الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي بتعديل أمر التقدير إلى مبلغ5595.903 جنيه ولم يطعن عليه بالنقض ، وإنما طعن عليه الطاعن فإن المحكمة لا يسعها في هذه الحالة سوى أن تقضي برفض الطعن حتى لا تسوئ مركز الطاعن الأول بصفته بالطعن الذي قام هو برفعه ؛ ولما تقدم يتعين رفض الطعن .

لذلك

رفضت المحكمة الطعن والزمت الطاعن الأول بصفته المصروفات .

أمين السر نائب رئيس المحكمة

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى