عقوبة تسجيل مكالمات لشخص دون علمه

يعتبر القانون المصري تسجيل المكالمات دون إذن المسجل له جريمة، لنتهاك الحياة الشخصية للمواطنين، وقرر لها عقوبات مختلفة، واستثنى من ذلك التسجيلات التي تتم في مكان عام وذلك بافتراض أنها لا تمس الحياة الشخصية للأفراد.

خبير قانوني: تسجيل المكالمات الهاتفية للغير دون موافقته أو علمه يعرض مرتكبها للسجن

قال اللواء الدكتور نبيل حسن، أستاذ القانون الجنائي، إنه من الممنوع قانونًا تسجيل مكالمات شخصية دون وجه حق، مشيرًا إلى أن تسجيل المكالمات الهاتفية للغير، دون موافقته أو علمه، يعرض مرتكبها للسجن.

وأضاف في تصريحات متلفزة: “لو بتكلم في مكان عام وتم التسجيل لا مشكلة، لكن لو أن شخص سجلى مكالمة من غير علمي، يتعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة”.
وأوضح، أن الدستور المصري يحمي الحياة الخاصة للمواطنين، بحيث إنه لا يمكن لشخص التعدى على أسرار الآخرين الشخصية، والتعليق أو المصادرة من قبل السلطات يكون بإذن مسبب من القاضي.

المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية

نصت المادة (95) على : لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة في حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين 166 مكرراً و308 مكرراً من قانون العقوبات قد استعان في ارتكابها بجهاز تليفوني معين أن يأمر بناءً على تقرير مدير عام مصلحة التلغرافات والتليفونات وشكوى المجني عليه في الجريمة المذكورة بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة للمدة التي يحددها.

هل يجوز تسجيل المكالمات الهاتفية بدون إذن قضائى؟

ويؤكد الخبراء القانونيون أن الأصل هو سرية المحادثات التليفونية أضفى عليها المشرع المصري حماية دستورية وقانونية، باعتبارها من ضمانات حماية الحياة الخاصة، ولا يكون تسجيل المكالمات التليفونية صحيحاً، كما لا يمكن اعتباره دليلاً يعتد به أمام المحاكم، إلا إذا سبقه أمر قضائي مسبب فى بعض الحالات التى حددها المشرع “المادتين 95، 95 مكرر إجراءات”.

عقوبة تسجيل المكالمات الحبس لمدّة سنة

تسجيل المكالمات الهاتفية دون إذن أصحابها تُعد جريمة تندرج تحت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، ونصت المادة 309 مكرر م قانون العقوبات على أنّه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون” .

«النقض» أجازة تسجيل المكالمات التليفونية إذا كانت تنطوى على سب وقذف

أجازة محكمة النقض تسجيل المكالمات التليفونية إذا كانت تنطوى على سب وقذف من تليفون المجنى عليه الذى يكون له بإرادته وحدها ودون حاجه إلى الحصول على إذن من رئيس المحكمة الابتدائية بتسجيلها بغير أن يعد ذلك اعتداء على الحياه الخاصة لاحد، أما إذا جرى تسجيل إحدى المكالمات وتعرّض صاحبها للتهديد بإفشاء أسراره التي جرى الحصول عليها من المكالمة ففي هذه الحالة يعاقب الفاعل بالحبس مدّة قد تصل إلى 5 سنوات، أما إذا كان الفاعل صحفياً فإن العقوبة يتم الحكم عليه بالعقوبة الأشد ويضاف إليها المادة 21 من قانون الصحافة”.

شروط تسجيل الأفراد للمكالمات الهاتفية

نصت المادة 76 فقرة 2 من قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003 على أنه مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.

ولكي يثبت المجنى عليه تعرضه لهذا الاعتداء، يحق له تسجيل المكالمات التى تتضمن هذا الاعتداء، وسوف يتم قبول هذا التسجيل أمام جميع المحاكم والنيابات لأنه دليل يتفق مع القانون ومبادئ النقض، وليس فى ذلك أى مخالفة على المجنى عليه.

تفاصيل حكم محكمة النقض

الوقائع: المطعون ضدهما وجها عبارات سب للطاعنين عن طريق التليفون

تتلخص وقائع القضية في أن أقام المدعيان بالحقوق المدنية دعواهما بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم دمنهور ضد المطعون ضدهما بوصف أنهما:

 أولاً: المتهم الأول سب المجني عليه……. بالألفاظ المسجلة بصوته على شريط.

ثانياً: المتهمة الثانية قذفت وسبت المجني عليه…… بالألفاظ النابية المسجلة بصوتها على شريط.

 طلبا المدعيان معاقبة المتهمان بالمواد 302، 305، 306 من قانون العقوبات، وإلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

جنح دمنهور قضت حضورياً بحبس كل متهم شهراً مع الشغل وكفالة

 قضت محكمة الجنح المذكورة حضورياً بحبس كل متهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وإلزامهما بأن يؤديا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

محكمة الاستئناف تلغي الحكم المستأنف وتبرئ المتهمين

 استأنف المتهمان الحكم، وقضت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين مما أُسند إليهما وبرفض الدعوى المدنية.

فطعن المدعيان بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.

محكمة النقض ترد على محكمة الموضوع في جواز الاستناد إلى التسجيلات التليفونية كدليل دون الإذن المسبب من القاضي الجزئي

قالت محكمة النقض إنه من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضدهما من جريمة السب بطريق التليفون وبرفض دعواهما المدنية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أطرح الدليل المستمد من التسجيلات التي تمت بمعرفتهما عبر التليفون الخاص بهما والتي تضمنت عبارات السب الصادرة من المطعون ضدهما على سند من أن تلك التسجيلات قد تمت دون الحصول على إذن من الجهة التي ناط بها القانون ذلك الأمر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض لواقعة الدعوى ، بما مفاده أن المطعون ضدهما وجها عبارات سب للطاعنين عن طريق التليفون وأضاف الحكم أنه “قد تم تسجيل تلك العبارات بمعرفة المدعيين بالحقوق المدنية على شريط وقد ثبت من تفريغ الشريط الذي تضمن عبارات السب مطابقته لأصوات المتهمين” ثم عرض الحكم للدليل المستمد من التسجيلات وأطرحه في قوله “لما كان الثابت من الأوراق أن تسجيل المكالمات التليفونية التي استند إليها المدعيان بالحقوق المدنية كدليل في الأوراق قد تم دون الحصول على الإذن المسبب من القاضي الجزئي المختص وفقاً لصحيح القانون ومن ثم فلا يجوز الاستناد إليه كدليل. ويكون دفع المتهمين في هذا الصدد قد جاء متفقاً وصحيح القانون”.

لما كان ذلك، وكان نص المادة 95 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة في حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين 166 مكرراً، 308 مكرراً من قانون العقوبات قد استعان في ارتكابها بجهاز تليفوني معين ، أن يأمر بناء على تقرير مدير عام مصلحة التلغراف والتليفونات وشكوى المجني عليه في الجريمة المذكورة بوضعه تحت المراقبة للمدة التي يحددها .

محكمة النقض: جواز تسجيل المكالمات التليفونية إذا كانت تنطوى على سب وقذف واعتبارها دليل إدانة دون الحاجة لاستصدار إذن مسبق

ومفاد ذلك بصريح النص وواضح دلالته  ـ أن المشرع تطلب مباشرة الإجراءات المبينة بالمادة المراد ذكرها كي يوضع تحت المراقبة التليفون الذي استعان به الجاني في توجيه ألفاظ السب والقذف إلى المجني عليه ، بحسبان أن تلك الإجراءات فرضت ضمانة لحماية الحياة الخاصة والأحاديث الشخصية للمتهم، ومن ثم فلا تسري تلك الإجراءات على تسجيل ألفاظ السب والقذف من تليفون المجني عليه الذي يكون له بإرادته وحدها ودون حاجة إلى الحصول على إذن من رئيس المحكمة الابتدائية بتسجيلها بغير أن يعد ذلك اعتداء على الحياة الخاصة لأحد، ومن ثم فلا جناح على المدعيين بالحقوق المدنية إذ وضعا على خط التليفون الخاص بهما جهاز تسجيل لضبط ألفاظ السباب الموجهة إليهما توصلاً إلى التعرف على شخص من اعتاد على توجيه ألفاظ السباب والقذف إليهما عن طريق الهاتف.

نقض الحكم والإعادة بالنسبة للدعوى المدنية وإلزام المطعون ضدهما المصاريف

 لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الدليل المستمد من الشريط المسجل بمعرفة المدعيين بالحقوق المدنية من جهاز التليفون الخاص بهما, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للدعوى المدنية، وإلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى