خروجًا على قواعد الاختصاص القيمي المطالبة بقيمة الشيك أمام قاضي الجنح

بقلم الأستاذ/ أحمد عبد الرحيم المحامي

كانت أحكام محكمة النقض مستقرة قبل صدور قانون التجارة على أن ” ليس للقاضي الجنائي أن يحكم للمستفيد بقيمة الشيك في جريمة إصدار شيك بدون رصيد , بناء على أن الحكم به لا يعد تعويضاً عن ضرر تسببت به الجريمة، وإنما هو قضاء بدين سابق على الجريمة ومستقل عنها تمام الاستقلال.

إلا غنه وبعد صدور قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 والذي تضمن نص المادة 539 والتي تنص على أن “يجوز لحامل الشيك الذي إدعى مدنياً في الدعوى الجنائية والمقامة تطبيقاً للمادة (534) من هذا القانون أن يطلب الحكم له بالقدر غير الدفوع من قيمة الشيك ، وتسري على هذا الطلب والطعن فيه أحكام الدعوى المدنية التبعية.”

وبناء على هذا النص الذي استحدث حكمًا يمثل استثناء من القواعد العامة، أصبح من حق المضرور من جرائم الشيك المنصوص عليها في المادة (( 534 )) من قانون التجارة السالف بيانها أن يضمن دعواه المدنية التبعية الناشئة عن وقوع الجريمة فضلاً عن طلب الحكم بالتعويض عن الضرر المترتب على الجريمة – طلب الحكم له بقيمة الشيك التي لم تدفع ، وما يسري على القدر غير المدفوع يسري من باب أولى على قيمة الشيك كلها إذا لم تكن قد دفع.

وتسري على هذا الطلب والطعن فيه أحكام الدعوى المدنية التبعية. ومنها ما نصت عليه المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون.” وهو ما يعني خضوع الدعوى المدنية التبعية للتنظيم الوارد في قانون الإجراءات الجنائية ولا يجوز في شأنها تطبيق قواعد قانون المرافعات كتلك التي تعلق بوقف الخصومة أو إنقطاعها أو سقوطها . ويجوز تطبيق قواعد قانون المرافعات على الدعوى المدنية التبعية ولكن ذلك في الحدود التي لا تتناقض فيها مع القواعد المنظمة للدعوى الجنائية بقانون الإجراءات الجنائية.

إلا إنه يجدر الإشارة إلى أن القواعد التي تحكم موضوع الدعوى، سواء فيما يتعلق بفكرة الضرر أو التعويض، هي قواعد القانون المدني، وتطبيقًا لذلك نصت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” الدعوى المدنية تنقضي بمضي المدة المقررة في القانون المدني”.
ويجدر الإشارة أيضًا إلى أنه يترتب على جواز المطالبة بقيمة الشيك في الدعوى المدنية التبعية عن جرائم الشيك نتيجتان:-

الأولى: لما كانت قيمة الشيك تتحدد وفقاً لالتزام سابق على الجريمة ، ولم يكن هذا الالتزام ناشئاً عن جريمة الشيك ، فيجوز للمتهم أن يتمسك بجميع الدفوع الخاصة بهذا الإلتزام بما في ذلك ما يتعلق بمشروعية السبب، وهذه الدفوع وإن كانت لا تصلح لمواجهة جرمة الشيك، لكنها تصلح لمواجهة الالتزام بدفع قيمته، لأن هذا الإلتزام منفصل عن الجريمة، بل سابق عليها.

الثانية: إذا كان المجني عليه قد التجأ الى المحكمة المدنية للحصول على قيمة الشيك ثم رفعت الدعوى الجنائية , جاز له إذا ترك دعواه أمام المحكمة المدنية أن يرفعها إلى المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية , وذلك طبقاً للمادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية.

كما تسري احكام المادة 220 من قانون الاجراءات الجنائية على الطلب بقيمة الشيك أمام القاضي الجنائي والتي تنص على ” يجوز رفع الدعوى المدنية، مهما بلغت قيمتها، بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية.”

كما يسري على الطلب بقيمة الشيك أمام القاضي الجنائي حكم المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على أن “يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعي بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيًا. وهذا النصاب هو خمسة عشر الف جنيه طبقًا للمادة 42 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 191 لسنة 2020، والعبرة في تحديد هذا النصاب بما يطلبه المدعي المدني لا بما حكم به.

خلاصة القول أنه يجوز لحامل الشيك أن يطالب بقيمة الشيك او غير المدفوع منها مهما كانت قيمته امام القاضي الجنائي خروجا على قواعد الإختصاص القيمي بشرط ان يكون قد إدعى مدنيًا، وذلك بأن يضمن دعواه المدنية التبعية المطالبة بقيمة الشيك، ويخضع هذا الطلب لذات الإجراءات المنظمة للدعوى المدنية التبعية بقانون الإجراءات الجنائية.

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى