حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦٢ لسنة ١٣ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٦٢ لسنة ١٣ دستورية
تاريخ النشر : ٢٤ – ٠٩ – ١٩٩٢

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم بعدم دستورية النص الوارد بالقرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد وعبد المجيد فياض أعضاء ومحمد خيرى طه عبد المطلب المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
يتعين وفقا لنص المادة ٣٠ من قانون المحكمة الدستورية العليا أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقا لحكم المادة السابقة، بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته و النص الدستورى المدعى بمخالفته و أوجه المخالفة، و كان ما تغياه المشرع بنص المادة المشار إليها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى البيانات الجوهرية التى تكشف بذاتها عن ماهية المسألة الدستورية التى يعرض على هذه المحكمة أمر الفصل فيها و كذلك نطاقها، بما ينفى التجهيل بها ، كى يحيط كل ذى شأن – و من بينهم الحكومة التى يتعين إعلانها بقرار الإحالة أو بصحيفة الدعوى إعمالاً لنص المادة ٣٥ من قانون المحكمة – بجوانبها المختلفة ، و ليتاح لهم جميعا – على ضوء تعريفهم بأبعاد المسألة الدستورية المطروحة عليها – إبداء ملاحظاتهم و ردودهم و تعقيباتهم فى المواعيد التى حددتها المادة ٣٧ من القانون ذاته، بحيث تتولى هيئة المفوضين – بعد انقضاء هذه المواعيد – تحضير الموضوع المعروض عليها ، و إعداد تقرير يشمل على زواياه المختلفة ، محددا بوجه خاص المسائل الدستورية و القانونية المتصلة بها، و رأى الهيئة فى شأنها وفقا لما تقضى به المادة ٤٠ من ذلك القانون .

– – – ٢ – – –
ما توخته المادة ٣٠ من قانون المحكمة الدستورية العليا – على النحو المتقدم – يعتبر متحققا كلما تضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى ما يعين على تحديد المسألة الدستورية ، سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر . إذ ليس لازما للوفاء بالأغراض التى استهدفتها المادة ٣٠ المشار إليها أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى تحديداً مباشرا و صريحا للنص التشريعى المطعون بعدم دستوريته ، و النص الدستورى المدعى بمخالفته و أوجه المخالفة ، بل يكفى أن تكون المسألة الدستورية التى يراد الفصل فيها قابلة للتعيين ، و ذلك بأن تكون الوقائع التى تضمنها قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى – فى ترابطها المنطقى – مفضية إليها جلية فى دلالة الإفصاح عنها . متى كان ذلك ، و كان الطعن بعدم دستورية أحكام القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة و التصرف فيها ، يقوم فى مبناه على مخالفة ما تضمنته أحكامه من عدم جواز أخذ العقارات المتصرف فيها بالشفعة لمبادئ الشريعة الإسلامية ، و كانت المادة ٥٨ من القرار بقانون المشار إليه – الواردة ضمن الأحكام العامة التى انتظمها الباب الخامس منه و التى تسرى على كافة العقارات التى تملكها الدولة ملكية خاصة سواء كانت مبنية أم من الأراضى الزراعية أو البور أو الصحراوية – تنص فى فقرتها الأولى على أن تؤول ملكية العقارات التى يتم التصرف فيها وفقا لأحكام هذا القانون إلى المتصرف إليهم محملة بما عليها من حقوق الإرتفاق ، كما تنص فقرتها الثانية على أنه فى جميع الأحوال لا يجوز أخذ العقارات المشار إليها بالشفعة ، فإن هذه الفقرة تكون هى النص التشريعى المطعون فيه ، إذ هى التى قصد المدعون إهدارها بمقولة مخالفتها نص المادة الثانية من الدستور التى توجب رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية أو استمدادها منها لضمان توافقها معها . ذلك أن الشفعة – و بإعتبارها سبباً يكسب به الشفيع ملكية عقار أو حقا عينيا على عقار و بها يحل الشفيع – فى بيع العقار – محل المشفوع منه فى العقار المشفوع فيه ، تستمد أحكامها من الفقه الإسلامى بإعتباره مصدرا لها.

– – – ٣ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية ، و مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، و ذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك، و كانت المسألة الدستورية المرتبطة بالنزاع الموضوعى ، و المؤثرة فيه ، ليس لها من صلة بأحكام القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ فى جملتها ، و إنما يتحدد إطارها و نطاقها بنص الفقرة الثانية من المادة ٥٨ منه التى لا تجيز الأخذ بالشفعة فى العقارات المتصرف فيها وفقاً لأحكامه ، و كان التصريح الصادر من محكمة الموضوع برفع الدعوى الدستورية منصرفاً إلى هذا النطاق وحده لا يتعداه ، فإن الطعن على الأحكام الأخرى التى اشتمل عليها هذا القرار بقانون ، لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها ، و ليس للمدعى كذلك من مصلحة فى الطعن عليها.

– – – ٤ – – –
من المقرر و على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠، يدل على أن الدستور و اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، و دون ما إخلال بالضوابط الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية و قيدها بمراعاتها و النزول عليها فى مارستها لإختصاصاتها الدستورية ، و إذ كان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو يكون منبعها، يتعين بالضرورة أن يكون سابقا فى وجوده على هذه النصوص ذاتها ، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التى أقامها الدستور معياراً للقياس فى مجال الشرعية الدستورية ، تفترض لزوما أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بتلك المبادئ – و تراقبها هذه المحكمة – صادرة بعد نوء قيد المادة الثانية من الدستور التى تقاس على مقتضاه ، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراراه لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفا إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها، هى تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذى أدخله الدستور على مادته الثانية بحيث إذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإنه يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية . و إذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين و اللوائح المدعى مخالفتها لمبادئ الشريعة الإسلامية ، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه.

– – – ٥ – – –
متى كان مبنى الطعن الماثل مخالفة الفقرة الثانية من المادة ٥٨ من القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ للمادة الثانية من الدستور لخروجها – فيما قررته من عدم جواز أخذ العقارات التى يتم التصرف فيها وفقاً لأحكامه بالشفعة – على مبادئ الشريعة الإسلامية التى تجعل من الأخذ الشفعة فى بيع العقار أصلاً ثابتاً مقرراً متى توافرت شروط إعمال هذه الرخصة ، و كان البين مما تقدم أن القيد المقرر بمقتضى هذه المادة بعد تعديلها فى ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ – و المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه و منها نص المادة ٥٨ فقرة ثانية من القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه ، و كان لم يلحق هذا النص أى تعديل بعد التاريخ المذكور ، فإن النعى عليه – و حالته هذه – بمخالفته المادة الثانية من الدستور – و أيا كان وجه الرأى فى مدى تعارضه معها – يكون غير سديد.

[الطعن رقم ٦٢ – لسنــة ١٣ ق – تاريخ الجلسة ٠٥ / ٠٩ / ١٩٩٢ – مكتب فني ٥ – رقم الجزء ٢ – رقم الصفحة ٣١ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم ٥٣٠٥ لسنة ١٩٨٢ مدني كلي شبين الكوم ضد مصلحة الأموال الأميرية وآخرين طالبين فيها الحكم بأحقيتهم في أخذ قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبالشفعة، وذلك نظير الثمن الذي تم بيعها والمودع من قبلهم خزينة محكمة شبين الكوم الابتدائية مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ صدر حكم محكمة أول درجة بعدم قبول طلبهم أخذ هذا العقار الشفعة لتعارض هذا الطلب وأحكام القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، فقد أقاموا عنه استئنافهم رقم ٧٦٠ لسنة ٢٢ قضائية أمام محكمة استئناف طنطا قولاً منهم بأن الحكم المستأنف اخطأ في رفض طلبهم وقف الدعوى إلى حين الفصل في الدفع المبدي منهم بعدم دستورية القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه، وعلى الأخص أحكامه التي قد تفسر على منع الحق في الأخذ بالشفعة على أساس أن الدستور قد نص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وأن النص التشريعي الذي يمنع الحق في الأخذ بالشفعة يعتبر مخالفاً لنظام مقرر مستقر في الشريعة الإسلامية ومناقضاً للدستور بالتالي. وإذ قدرت محكمة الاستئناف جدية الدفع، وحددت ستين يوماً لرفع الدعوى بعدم دستورية النص الوارد بالقرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤، والذي حال بينهم وبين الأخذ بالشفعة، فقد أقام المدعون الدعوى الماثلة طالبين الحكم بعدم دستورية أحكام القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ وعلى الأخص مواده التي قد تفسر على منع الحق في الأخذ الشفعة على أساس مخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية التي اعتبرها الدستور المصدر الرئيسي للتشريع. وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية على أساس أن صحيفتها لم تتضمن البيانات الجوهرية التي تطلبتها المادة ٣٠ من قانون المحكمة، لإغفالها تحديد النص التشريعي المطعون عليه والنص الدستوري المدعى بمخالفته. وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ قد نص في المادة ٣٠ منه على أنه يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقاً لحكم المادة السابقة ببيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة، وكان ما تغياه المشرع بنص المادة المشار إليها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى البيانات الجوهرية التي تكشف بذاتها عن ماهية المسألة الدستورية التي يعرض على هذه المحكمة أمر الفصل فيها وكذلك نطاقها، بما ينفي التجهيل بها، كي يحيط كل ذي شأن – ومن بينهم الحكومة التي يتعين إعلانها بقرار الإحالة أو بصحيفة الدعوى إعمالاً لنص المادة ٣٥ من قانون المحكمة الدستورية العليا – بجوانبها المختلفة، وليتاح لهم جميعاً – على ضوء تعريفهم بأبعاد المسألة الدستورية المطروحة عليها – إبداء ملاحظاتهم وردودهم وتعقيباتهم في المواعيد التي حددتها المادة ٣٧ من القانون ذاته، بحيث تتولى هيئة المفوضين – بعد إنقضاء هذه المواعيد – تحضير الموضوع المعروض عليها وإعداد تقرير يشتمل على زواياه المختلفة، محدداً بوجه خاص المسائل الدستورية والقانونية المتصلة بها ورأي الهيئة في شأنها وفقاً لما تقضي به المادة ٤٠ من قانون المحكمة، وكان ما توخاه المشرع على النحو المتقدم يعتبر متحققاص كلما تضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى ما يعين على تحديد المسألة الدستورية سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر،إذ ليس لازماً للوفاء بالأغراض التي استهدفتها المادة ٣٠ من قانون المحكمة، أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى تحديداً مباشرة وصريحاً للنص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة، بل يكفي أن تكون المسألة الدستورية التي يراد الفصل فيها قابلة للتعيين، بأن تكون الوقائع التي تضمنها قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى – في ترابطها المنطقي – مفضية إليها جلية في دلالة الإفصاح عنها. إذ كان ذلك وكان صحيفة الدعوى الماثلة واضحة في دلالتها على أن الطعن بعدم دستورية أحكام القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، يقوم في مبناه على مخالفة ما تضمنته أحكامه من عدم جواز أخذ العقارات المتصرف فيها بالشفعة لمبادئ الشريعة الإسلامية، وكانت المادة ٥٨ من القرار بقانون المشار إليه – الواردة ضمن الأحكام العامة التي انتظمتها الباب الخامس منه والتي تسري على كافة العقارات التي تملكها الدولة ملكية خاصة سواء كانت مبنية أم من الأراضي الزراعية أو البور أو الصحراوية – تنص في فقرتها الأولى على أن تؤول ملكية العقارات التي يتم التصرف فيها وفقاً لأحكام هذا القانون إلى المتصرف إليهم محملة بما عليها من حقوق الارتفاق، كما تنص فقرتها الثانية على أنه في جميع الأحوال لا يجوز أخذ العقارات المشار إليها بالشفعة، فإن هذه الفقرة تكون هي النص التشريعي المطعون فيه لمخالفتها نص المادة الثانية من الدستور التي توجب رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية أو استمدادها منها لضمان توافقها معها، ذلك أن الشفعة – وباعتبارها سبباً يكسب به الشفيع ملكية عقار أو حقاً عينياً على عقار وبها يحل الشفيع – في بيع العقار – محل المشفوع منه في العقار المشفوع فيه، تستمد أحكامها من الفقه الإسلامي باعتباره مصدراً أصلياً لها. إذ كان ذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى برمتها المبدي من الحكومة، يكون على غير أساس متعين الرفض. وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، وكانت المسألة الدستورية المرتبطة بالنزاع الموضوعي والمؤثرة فيه ليس لها من صلة بأحكام القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ في جملتها، وإنما يتحدد إطارها ونطاقها بنص الفقرة الثانية من المادة ٥٨ منه التي لا تجيز الأخذ بالشفعة في العقارات المتصرف فيها وفقاً لأحكامه، وكان التصريح الصادر من محكمة الموضوع برفع الدعوى الدستورية منصرفاً إلى هذا النطاق وحده لا يتعداه، فإن الطعن على الأحكام الأخرى التي اشتمل عليها هذا القرار بقانون، لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، وليس للمدعى كذلك من مصلحة في الطعن عليها، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى هذا الشق منها. وحيث إن البين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ أن المادة الثانية منه صارت تنص على أن “الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”، بعد أن كانت تنص على أن “الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع”. وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠، يدل على أن الدستور – واعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أ، اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية، وكان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه، يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً في وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التي أقامها الدستور معياراً للقياس في مجال الشرعية الدستورية، تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بتلك المبادئ – وتراقبها هذه المحكمة – صادرة بعد نشوء قيد المادة الثانية من الدستور الذي تقاس على مقتضاه، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها، هي تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذي أدخله الدستور على مادته الثانية، بحيث إذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، وإذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه. وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان مبنى الطعن الماثل مخالفة الفقرة الثانية من القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ للمادة الثانية من الدستور لخروجها – فيما قررته من عدم جواز أخذ العقارات التي يتم التصرف فيها وفقاً لأحكامه بالشفعة – على مبادئ الشريعة الإسلامية التي تجعل من الأخذ بالشفعة في بيع العقار أصلاً ثابتاً مقرراً متى توافرت شروط إعمال هذه الرخصة، وكان البين مما تقدم أن القيد المقرر بمقتضى هذه المادة بعد تعديلها في ٢٢ من مايو ١٩٨٠ – والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، ومنها نص المادة ٥٨ فقرة ثانية من القرار بقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٤ المشار إليه، وكان لم يلحق هذا النص أي تعديل بعد التاريخ المذكور، فإن النعي عليه – وحالته هذه – بمخالفته المادة الثانية من الدستور – وأيا كان وجه الرأي في مدى تعارضه معها – يكون غير سديد، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى