حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١ لسنة ١٦ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١ لسنة ١٦ دستورية
تاريخ النشر : ٢٧ – ٠٤ – ١٩٩٥

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى طلب الحكم عملاً بالمادة ١٩٢ من قانون المرافعات – تفسير حيثية وردت فى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية الدستورية رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية بجلسة ٢٠ يونيه ١٩٩٤ نصها الآتي: إن المؤمن عليه الذي انتهت خدمته بالتقاعد قبل أول يوليو ١٩٨٧ – وإن كان قد أفاد من زيادة فى المعاش مقدارها ٢٠%، وهي الزيادة التي تقررت بمقتضي المادة الأولي من القانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٧ – إلا أن هذه الزيادة – وأياً كانت القاعدة التي

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين أعضاء وحنفى على جبالى المفوض وحمدى أنور صابر أمين السر ٠.

– – – ١ – – –
لا يقدم طلب التفسير التشريعى – عملا بنص المادة ٣٣ من قانون المحكمة الدستورية العليا – إلا من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس مجلس الشعب، أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، إذا كان للنص التشريعى المطلوب تفسيره أهمية جوهرية لا ثانوية، وكان قد ثار عند تطبيقه خلاف حول مضمونه، تتباين معه الآثار القانونية التى يرتبها فيما بين المخاطبين يأحكامه، بما يخل عملا بعمومية القاعدة القانونية الصادرة فى شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويهدم بالتالى ما تقتضيه المساواة بينهم فى مجال تطبيقها، مما يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد، يتحدد على ضوء ما قصده المشرع منها عند إقراره، وذلك حسما لمدلولها، ولضمان أن يكون تطبيقها متكافئاً فيما بين المخاطبين بها.

– – – ٢ – – –
وإذا كان ما تقدم هو الشأن فى التفسير التشريعى، فإنه فى نطاق التفسير القضائى، يجوز لكل خصم – وعملا بنص المادة ١٩٢ من قانون المرافعات المدنية والتجارية التى يعتبر مضمونها فى قانون المحكمة الدستورية العليا على تقدير أن تطبيقها على الأحكام التى تصدرها، لا يتعارض مع طبيعة اختصاصاتها والأوضاع المقررة أمامها – أن يتقدم مباشرة إليها بدعواه المتعلقة بتفسير قضائها، وقوفا على حقيقة مرادها منه، واستنهاضا لولايتها فى مجال تجلية معناه، وتحديداً لمقاصدها التى التبس فهمها حقاً، ودون خروج عما قضى به الحكم المفسر – بنقص أو زيادة أو تعديل إذا كان الغموض أو الإبهام. سواء فى منطوق هذا الحكم أو ما اتصل به من الدعائم التى لا يقوم بدونها – قد اعتراه فعلا، فأصبح خافياً ذلك أن الحكم الصادر بالتفسير، يعتبر متمماً من كل الوجوه للحكم المفسر، ولا يجوز بالتالى أن يتذرع أحد بالتفسير، لتفويض بنيان الحكم المطلوب تفسيره، أو لتنفيذه على غير مقتضاه. متى كان ذلك، وكان طلب التفسير الماثل، قد قدم مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا، وفقا للأوضاع التى نص عليها قانونها، فإنه يبكون قد اتصل بها اتصالا مطابقاً للقانون.

– – – ٣ – – –
خلص قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية، “دستورية” إلى دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، مستنداً فى ذلك إلى عدد من الدعائم التى ارتبط هذا المنطوق بها :

أولها : أن نظام التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ يشمل التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج الشيخوخة والعجز والوفاة تحتها، وفى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بكلمة ” المؤمن عليه ” العامل الذى تسرى عليه أحكام ذلك القانون، ويفيد من المزايا التأمينية التى نص عليها عند تحقق الخطر للمؤمن منه، سواء أكان من العاملين المدنيين بالدولة أو هيئاتها أو مؤسساتها العامة أو وحداتها الاقتصادية أو غيرها من وحدات القطاع العام الاقتصادية، أم كان من العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل بالشروط التى نص عليها قانون التأمين الاجتماعى. ذلك أن محل التأمين أو العنصر الجوهري فيه – جماعياً كان هذا التأمين أم فردياً – هو تحقق الخطر المؤمن منه بل إن التأمين من هذا الخطر لمواجهة آثاره بعد وقوعها، هو الدافع إلى التأمين، أيا كانت الجهة التى تنظم عملية توزيع المخاطر وتشتيتها بين المؤمن عليهم وما التأمين الاجتماعى، إلا صورة من صور التأمين تقوم الدولة فيها بدور المؤمن، وقد فصل قانون التأمين الاجتماعى قواعد هذا النظام، ونطاق سريان أحكامه، وحدد الصناديق التأمينية التى توفر مختلف صور التأمين وما يتصل بها من الحقوق المالية. فقرر بصريح مادته السابعة عشرة، أن المشمولين بتأمين الشيخوخة مؤمن عليهم، وأن مقابل التامين بالنسبة اليهم يتكون من عدة عناصر، من بينها الحصة التى يلتزمون بأدائها من أجورهم، سواء أكان الأجر أساسياً أم كان أجرا متغيرا، وأبان كذلك بمادته الثامنة عشرة عن أن المعاش يستحق بانتهاء خدمة المؤمن عليه، لبلوغه سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظف المعامل به.
ثانيها : أن أصل الحق فى المعاش عن الأجر المتغير، قد تقرر بمقتضى القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٨٤ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ امتدادا للحماية التأمينية، لتشمل أجر المؤمن عليه بمختلف عناصره، وإذ كان ما تغياه المشرع بذلك هو أن يوفر للمؤمن عليه معاشاً مناسباً مقارباً لما كان يحصل عليه من أجر أثناء مدة خدمته، يفى باحتياجاته الضرورية بعد بلوغ سن التقاعد التى يتحقق عندها الخطر المؤمن منه، فإن عبارة ” المؤمن عليه” التى تضمنتها المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ المشار إليه – قبل تعديلها – لا يجوز قصرها على فئة بذاتها من المحالين إلى التقاعد، هى تلك التى تكون فى الخدمة فى الأول من يوليو ١٩٨٧.
ثالثها : أنه فى مجال استظهار المقاصد التى رمى المشرع إلى بلوغها من وراء إقراره حكما معينا، فإن العبارة التى صاغ المشرع بها النص التشريعى – فى سياقها، ومحددة على ضوء طبيعة الموضوع التى التعويل عليها ابتداء، ولا يجوز العدول عنها الى سواها إلا إذا كان التقيد بحرفيتها – يناقض أهدافا واضحة مشروعة سعى اليها المشرع وكان استقراء الشرطين الثانى والثالث اللذين علق عليهما القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – قبل تعديل مادته الأولى – استحقاق المحالين الى التقاعد الحد الأدنى للمعاش الأجر المتغير، يدل على أن مدد الاشتراك عن هذا الآجر يعتد فى حسابها بزمن معين نهايته، ” واقعة انتهاء الخدمة ” وأن مدد الاشتراك عن الأجر الأساسى يجب ألا تقل عن فترة زمنية محددة، فى تاريخ توافر واقعة استحقاق المعاش، وكان ليس ثمة دليل من عبارة النص على أن هاتين الواقعتين كلتيهما – واقعة انتهاء الخدمة وواقعة استحقاق المعاش متراخيتان الى الأول من يوليو ١٩٨٧، فإن قصر الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير على هؤلاء الموجودين فى الخدمة فى هذا التاريخ، لا يعدو أن يكون حملاً للمادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – قبل تعديلها – على شرط لا تتضمنه وآية ذلك أن كلمة ” المؤمن عليه” فى جميع مواضعها من هذه المادة،
قد ورد لفظها عاما دون تخصيص، مطلقاً دون تقييد، بما مؤداه انصرافها على سبيل الشمول والاستغراق الى كل الأفراد الذين يندرجون تحتها، ذلك أن العام لا يخصص الا بدليل، ولا يقيد المطلق إلا بقرينة وبانتفائهما لا يجوز إسباغ معنى آخر على النص التشريعى، وإلا كان ذلك تأويلا غير مقبول، والتفافا حول المصلحة الاجتماعية التى تظاهر النصوص التشريعية جميعها، وتعتبر هدفا نهائيا لها، وقوامها فى الطعن الماثل، توفير الأمن والطمأنينة لهؤلاء الذين تحقق خطر الشيخوخة بالنسبة اليهم، وذلك بضمان حد أدنى لمعاشاتهم عن الأجور المتغيرة، لا يجوز النزول عنه بحال ولازم ذلك ومقتضاه أن مفهوم ” المؤمن عليه” فى تطبيق أحكام المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – قبل تعديلها بالمادة الأولى من القانون المطعون فيه – ينصرف الى كل من تعرض لخطر الشيخوخة من المؤمن عليهم، سواء كان قد بلغ سن التقاعد قبل العمل بالقانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، أم كانت خدمته قد انتهت بعد نفاذه.

رابعها : أنه إذا توافرت فى المؤمن عليه – محدداً على هذا النحو – الشروط التى تطلبتها المادة الأولى من هذا القانون – قبل تعديلها – لاستحقاق الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، فإن مركزه القانونى بالنسبة الى هذا المعاش يكون قد اسفر بصفة نهائية، ولا يجوز منبعد التعديل فى العناصر التى قام عليها ذلك أن التغيير فيها بعد اكتمالها ليس إلا هدما لوجوده، واحداثا لمركز قانونى جديد يستقل عن المركز السابق الذى نشأ مستوفياً لشرائطه، بما يخل بالحقوق التى رتبها بإنكار موجباتها. ولئن كان الدستور قد فرض السلطة التشريعية فى مادته الثانية والعشرين بعد المائة فى أن تقرر القواعد التى يتحدد الحق فى المعاش على ضوئها، إلا أن الشروط التى يفرضها المشرع لقيام حق من الحقوق – ، تعتبر من عناصره، بها ينهض سوياً على قدميه، ولا يتصور وجوده بدونها، ولا أن يكتمل كيانه فى غييتها، ومن ثم لا تنعزل هذه الشروط عن الحق الذى تولد عنها، لأنها من مقوماته ولا يتم وجوده إلا مرتبطا بها، بما مؤداه امتناع التعديل فيها بعد نشوء الحق مستجمعا لها، وإلا كان ذلك نقضاً للحق بعد تقريره، وهو ما ينحل الى مصادرته، على خلاف أحكام الدستور، التى تبسط حمايتها على الحقوق الشخصية جميعها، بأعتبار أن لها قيمة مالية لا يجوز الانتقاص منها.
خامسها : أن القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ المطعون فيه، قد صدر بمقولة : إنه تشريع مفسر لأحكام المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥، وأن الغرض من إصداره هو قطع كل جدل حول المقصود بكلمة “المؤمن عليه” متى كان ذلك وكان من المقرر أن سلطة تفسير النصوص التشريعية سواء تولتها السلطة التشريعية، أم باشارتها الجهة التى عهد اليها بهذا الاختصاص، لا يجوز أن تكون موطئا الى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها، أو يجاوز الأغراض المقصودة منها. وبوجه خاص لا تتناول هذه السلطة تعديل مراكز قانونية توافرت مقوماتها وفقا للقانون – محدداً على ضوء الإرادة الحقيقية للمشرع واكتمل تكوينها بالتالى قبل صدور قرار التفسير، إذ يعتبر ذلك عدوانا على الحقوق التى ولدتها هذه المراكز، وتجريدا لأصحابها منها بعد ثبوتها، وهو مالا يجوز أن ينزلق التفسير التشريعى اليه أو يخوض فيه، وكان القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، لا يتغيا تفسير المقاصد التى توختها المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، بل رمى الى تعديلها عن طريق إضافة شرط جديد الى الشروط التى تطلبتها لاستحقاق الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، هادفا من وراء ذلك إلى تقييد، أو تضييق مجال تطبيقها، لمواجهة متطلبات تمويل هذا المعاش، فإن الأغراض المالية وحدها تكون هى الغاية النهائية التى قصد المشرع _ بإصدار القانون رقم ١ لسنه ١٩٩١ _ إلى بلوغها وهى الغاية بعد أغراض تنافى بطبيعتها حقيقة أبعاد التفسير التشريعى، وليس لها به من صلة .
سادسها: أن موضوع تنظيم الحقوق، وإن كان يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية، ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام، إلا أن هذا التنظيم يكون مجانبا أحكام الدستور، منافيا لمقاصده، إذا تعرض للحقوق التى تناولها٨ سواء بإهدارها أو بالانتقاص منها متى كان ذلك، وكان القانون المطعون فيه، قد توخى بمادته الأولى تعديل الشروط التى تطلبتها المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنه ١٩٨٧ لقيام الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، مقيدا بذلك من نطاق تطبيقها، ومخلا بالتالى بالمركز القانونى للمؤمن عليهم الذين عناهم هذا القانون، وعلق حقهم فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير على استيفاء الشروط التى تطلبها، والتى يعد ذلك مصدرا مباشرا لها، وكان التعديل فى هذا المركز _ الذى نشأ مكتملا مستوفيا لعناصره جميعها قبل نفاذ القانون المطعون فيه من المؤمن عليهم من المزايا التأمينية التى كلفها لهم القانون رقم ١٠٧ لسنه ١٩٨٧ قبل تعديل مادته الأولى، ويتمحض بالتالى عدوانا على حقوقهم الشخصية التى سعى الدستور إلى صونها، فإن القانون المطعون فيه يكون قد تجاوز نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، وذلك باقتحام المجال الذى يؤكد جوهرها، ويكفل فعاليتها .
سابعا : أن الدستور وإن فوض السلطة التشريعية فى تقرير قواعد منح المعاش، إلا أن من المقرر، أن فى الحق المعاش _ إذا توافر أصل استحقاقه _ وقع التزاما على الجهة التى تقرر عليها، مترتبا فى ذمتها بقوة القانون يؤيد ذلك، أن الحقوق التى يكلفها نظام التأمين الاجتماعى بصورة المختلفة، ولا يقتصر أثرها على ضمان ما يعين أسرة المؤمن عليه على مواجهة التزاماتها الحيوية، ولكنها فى الوقت ذاته مفترض أولى، وشرط مبدئى، لإسهام المؤمن عليه فى الحياة العامة، والاهتمام بوسائل النهوض بها، ومراقبة كيفية تصريف شئونها، متحررا فى ذلك من عثرات النهوض بمسئوليته هذه وهو ما يتحقق بوجه خاص إذا ما نزل المشرع باحتياجاته عن حدودها الدنيا التى لا يجوز التفريط فيها .
ثامنا : ان الحق فى المساواة أمام القانون، هو ما رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يتوخاها، تتمثل أصلا فى صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم فى مواجهة صور من التمييز تنال منها، أو تقيد ممارستها وغدا هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة، التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، والتى لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات النصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التى يقررها القانون، ويكون مصدرا لها وكانت السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، ولا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، وكان الأصل فى الأحكام، هو استلهام روحها ومقاصدها، وكان لا شبهة فى أن القانون المطعون فيه، قصد أن يضيف بمادته الأولى شرطا علق الإفادة من الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، هو أن يكون المؤمن عليه موجودا فى الخدمة فى أول يوليو ١٩٨٧، وهو شرط لم يكن قائما أو مقررا من قبل بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنه ١٩٨٧، ولا متصلا بمتطلبات تطبيقها عند إقرارها من السلطة التشريعية، بل أقحم عليها، وجاء بالتالى مصادما للأغراض التى توختها، وهادما لعلاقات قانونية تتصل بالشخصية المتكاملة للمواطن، وبالحدود التى لا يجوز النزول عنها للحق فى الحياة فى إطار من الأمن والطمأنينة، متبنيا كذلك تمييزا تحكميا منهيا عنه بنص المادة الأربعين من الدستور بين فئتين : إحداهما تلك التى أحيل أفرادها إلى التقاعد اعتبارا من الأول من يوليو ١٩٧٨ وأخراهما تلك التى بلغ أفرادها سن التقاعد قبل ذلك دون أن يستند التمييز بين هاتين الفئتين إلى أسس موضوعية وكان يجب ضمانا للتكافؤ فى الحقوق بينهما قواعد موحدة لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزا بين المخاطبين بها .
متى كان ذلك ، وكانت هذه الدعائم ” وحدها ” وارتكانا إليها ” ” دون غيرها ” هى التى انبنى عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا، فاصلا فى الدعوى رقم ٣٤ لسنه ١٣ قضائية ” دستورية ” فإن منطوق حكمها فى الأسباب التى ارتبط بها ارتباطا لا يقبل التجزئة، تشكل وحدة لا تنفصم ، وتمتد إليها جميعا حجيته .

– – – ٤ – – –
استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا، على ان طلب التفسير لا يعد طريقا من طرق الطعن فى الأحكام، ولا يمس حجيتها، ولا يجوز أن يتخذ ذريعة إلى تعديلها، أو تقضها، او هدم الأسس التى تقوم عليها، بل يتعين أن يقتصر على استجلاء ما يكون قد وقع فى قضاء الحكم من غموض أو أبهام وقوفا على حقيقة مرماه، وتحديدا للمعنى المقصود منه، دون زيادة أو نقصان، وكان لا خفاء فى منطوق الحكم الصادر فى الدعوى رقم ٣٤ لسنه ١٣ قضائية ” دستورية ” ولا فى الدعائم التى قام محمولا عليها، فإن طلب التفسير الماثل يكون غير مقبول .

– – – ٥ – – –
إذ كان موضوع رقم ٣٤ لسنه ١٣ قضائية ” دستورية ” قد تحدد بالفصل فى دستورية المادة الأولى من القانون رقم ١ لسنه ١٩٩١ يتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنه ١٩٧٥، وكان نطاقها _ محددا على هذا النحو _ لا يتصور أن يتناول غير الفصل فى استحقاق المدعى فيها للحد الأدنى لمعاش الجر المتغير، وغايتها إهدار القانون المطعون فيه، باعتباره عائقا يحول دون تقرير حق المدعى فى الحصول على هذا الحد الأدنى متى كان ذلك، فإن الدعوى الدستورية المشار إليها _ سواء بالنظر إلى موضوعها أو على ضوء الأغراض المقصودة منها _ لا يمكن أن تتناول حقوقا غير التى جحدها القانون رقم ١ لسنه ١٩٩١ المطعون بعدم دستوريته، والذى يعكس _ بالنصوص التى تضمنها _ المسألة الدستورية التى فصلت المحكمة الدستورية العليا فيها، ليتعلق قضاؤها الصادر فى تلك الدعوى بنصوص هذا القانون دون غيرها، فلا يمتد لسواها، محمولا على الدعائم التى قام عليها، والتى لا تندرج تحتها الحيثية محل طلب التفسير، ذلك أن موقعها من الحكم الصادر فى تلك الدعوى، لا يتصل بمنطوقه، ولا بالأسباب التى ارتبط بها هذا المنطوق ارتباطا لا يقبل التجزئة .

– – – ٦ – – –
الحيثية المطلوب تفسيرها، كان موضوعها الزيادة فى المعاش التى كفلها المشرع بالقانون رقم ١٠٢ لسنه ١٩٨٧ للمحامين إلى التقاعد قبل الأول من يوليو ١٩٨٧، والتى قام دفاع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى على أن تقريرها يدل على انتفاء حق الدعى فى الحصول على الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير وفى مقام الرد حق المدعى فى الحصول على الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير وفى مقام الرد على هذا الدفاع، كان على المحكمة الدستورية العليا أن تورد حيثيتها تلك _ لا لتفصل بمقتضاها فى الحقوق التى كلفها القانون رقم ١٠٢ لسنه ١٩٨٧ للمخاطبين بأحكامه، سواء بإثباتها أو نفيها أو نفيها _ وهى حقوق لم يكن طلبها معروضا عليها فى نطاق الدعوى الدستورية رقم ٣٤ لسنه ١٣ قضائية _ وإنما لتؤكد بموجبها ان الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، يقوم بذاته مستقلا عن الزيادة فى المعاش المنصوص عليها فى القانون رقم ١٠٢ لسنه ١٩٨٧ .

[الطعن رقم ١ – لسنــة ١٦ ق – تاريخ الجلسة ١٥ / ٠٤ / ١٩٩٥ – مكتب فني ٦ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٧٦٣ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليه فى الدعوى الماثلة كان قد أقام الدعوى رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية ” دستورية ” أمام المحكمة الدستورية العليا طالبا الحكم بعدم دستورية القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥، وبجلسة ٢٠ يونية ١٩٩٤ حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ المشار إليه، وبسقوط مادته الثانية ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . وجاء بصحيفة طلب التفسير الماثل أن هذا الحكم خلص إلى استحقاق المحالين إلى التقاعد قبل الأول من يوليو ١٩٨٧ للحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير – الذى كان مقررا لهم بمقتضى القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – شأنهم فى ذلك شأن من خرجوا من الخدمة بعد هذا التاريخ، مستندا فى ذلك إلى دعامتين : أولاهما : أن القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ – المطعون فيه – قد أدخل تعديلا جوهريا على المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ يقيد من مجال تطبيقها، متوخيا بذلك أن يكون الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير منصرفا إلى فئة بذاتها من المؤمن عليهم المعاملين بقوانين التأمين الاجتماعى هى تلك التى أحيل أفرادها إلى التقاعد اعتبارا من الأول من يوليو ١٩٨٧. وقد توخى هذا التعديل مواجهة متطلبات تمويل هذا المعاش وليس تفسير المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بما يزيل غموضها، وبذلك حرم القانون المطعون فيه فئة من المؤمن عليهم من المزايا التأمينية التى كفلها لهم القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ من خلال تعديل الشروط التى تطلبها لاستحقاقهم الحد الأدنى لمعاش الأجرالمتغير، مجاوزا بذلك نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق باقتحام المجال الذى يؤكد جوهرها ويكفل فعاليتها . ثانيتهما : أن التمييز بين المراكز القانونية إنما يتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون. والأصل فى الأحكام هو استلهام روحها ومقاصدها . ولاشبهة فى أن القانون المطعون فيه قصد أن يضيف بمادته الأولى شرطا علق عليه الإفادة من الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، هو أن يكون المؤمن عليه موجودا فى الخدمة فى أول يوليو ١٩٨٧. وهو شرط لم يكن قائما أو مقررا من قبل بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، ولا متصلا بمتطلبات تطبيقها عند إقرارها من السلطة التشريعية، بل أقحم عليها . وجاء بالتالى مصادما للأغراض التى توختها، وهادما لعلاقات قانونية تتصل بالشخصية المتكاملة للمواطن ، وبالحدود التى لايجوز النزول عنها للحق فى الحياة فى إطار من الأمن والطمأنينة، متبنيا كذلك تمييزا تحكميا – منهيا عنه بنص المادة الأربعين من الدستور – بين فئتين إحداهما تلك التى أحيل أفرادها إلى التقاعد اعتبارا من الأول من يوليو ١٩٨٧ وأخراهما تلك التى بلغ أفرادها سن التقاعد قبل ذلك، دون أن يستند التمييز بين هاتين الفئتين إلى أسس موضوعية، ذلك أنه اختص الفئة الأولى بحقوق تأمينية حجبها عن الفئة الثانية حال أن الخطر المؤمن ضده قائم فى شأن أفراد هاتين الفئتين، وجميعهم مؤمن عليهم . وحيث إن هيئة قضايا الدولة تقرر فى وضوح – وبعبارة قاطعة – تسليمها بهاتين الدعامتين، وبالنتيجة التى رتبتها المحكمة الدستورية العليا عليهما ممثلة فى قضائها بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ وكذلك سقوط مادته الثانية لارتباطها بمادته الأولى ارتباطا لايقبل التجزئة، وماينطوى عليه ذلك من معاملة المؤمن عليهم الذين انتهت خدمتهم قبل الأول من يوليو ١٩٨٧ باعتبارهم فى مراكز قانونية يتماثلون فيها مع من أحيلوا إلى التقاعد بعد هذا التاريخ، إلا أنها تتقدم بطلب التفسير الماثل – لا لتنازع فى استحقاق الفئة الأولى للحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، ولكن لتجلية غموض شاب بعض حيثياتها التى أوردتها فى الصفحة الثالثة عشرة من حكمها، والتى جاء فيها – وفى مقام الرد على دفاع أبدى أمامها بعدم استحقاق الفئة الأولى من المؤمن عليهم لمعاش الأجر المتغير – مايلى : ” أن المؤمن عليه الذى انتهت خدمته بالتقاعد قبل أول يوليو ١٩٨٧ – وإن كان قد أفاد من زيادة فى المعاش مقدارها ٢٠% وهى الزيادة التى تقررت بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٧ – إلا أن هذه الزيادة – وأيا كانت القاعدة التى التزمها المشرع فى مجال حسابها تنسحب إلى المعاش بمختلف صوره، وليس من شأنها أن تنحى قاعدة تستقل فى مضمونها عنها ويجوز إعمالا إلى جانبها هى تلك المتعلقة بالحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير . ” وحيث إن هيئة قضايا الدولة فى كشفها عما تقول به من غموض تعلق بتلك الحيثية، تقرر أن إنفاد مبدأ المساواة أمام القانون ينبغى أن يكون منصرفا إلى كل المراكز القانونية المتماثلة . وقد توحى الحيثية محل طلب التفسير، أن المؤمن عليهم الذين انتهت خدمتهم بالتقاعد قبل الأول من يوليو ١٩٨٧ يفيدون من قاعدتين فى مجال المعاش، إحداهما تلك التى كفلها القانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٧، وأخراهما تلك التى كشفت عنها المحكمة الدستورية العليا على ضوء فهمها لأحكام القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، ولو كان إعمال هاتين القاعدتين معا مؤديا إلى امتيازهم على نظرائهم الذين أحيلوا إلى التقاعد اعتبارا من الأول من يوليو ١٩٨٧ والذين يتماثلون معهم فى مراكزهم القانونية، وهو مالايمكن أن تكون المحكمة الدستورية العليا قد قصدت إليه . ذلك أن القانون رقم ١٠١ لسنة ١٩٨٧ وإن قرر بالنسبة إلى المؤمن عليهم الذين أحيلوا إلى التقاعد اعتبارا من الأول من يوليو ١٩٨٧ زيادة فى أجورهم مقدارها ٢٠%، إلا أن هذه الزيادة لن يقابلها بالضرورة زيادة فى معاشاتهم جميعا بالنسبة عينها، ويتعين بالتالى أن يكون إعمال مبدأ المساواة أمام القانون ” قيدا ” على الحقوق المالية الناشئة عن إعمال القاعدتين المقررتين بمقتضى القانونين رقمى ١٠٢، ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بالنسبة إلى نظرائهم الذين أحيلوا إلى التقاعد قبل الأول من يوليو ١٩٨٧، فذلك وحده هو الذى يكفل لهؤلاء وهؤلاء المزايا المالية عينها الناشئة عن تطبيق أحكام القوانين أرقام ١٠١، ١٠٢، ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ . وحيث إن المدعى عليه دفع بعدم قبول طلب التفسير الماثل من عدة أوجه : أولها : أن اتصال طلب التفسر الماثل بالمحكمة الدستورية العليا وفقا للأوضاع التى نص عليها قانونها، لايكون إلا من أحد مدخلين، هما : أن تطلب محكمة الموضوع بنفسها من المحكمة الدستورية العليا أن تزيل غموضا بقضائها حتى يمكنها إعمال أثره في النزاع المعروض عليها، أو أن يَدَّعِى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستوريةالعليا لتجيل بصرها فى هذا الادعاء، فإذا تبين لها جديته، منحته أجلا يقيم خلاله دعواه بالتفسير أمام المحكمة الدستورية العليا . وإذ قدم طلب التفسير الماثل – لا عن طريق محكمة الموضوع – بل مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا، فإنه لايكون قد اتصل بها وفقا للأوضاع المقررة قانونا. ثانيها : الأصل وفقا للمادة ١٩٢ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، هو أن يقع ثمت غموض أوإبهام فى منطوق الحكم أو فى أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطا لايقبل التجزئة . وإذ كانت هيئة قضايا الدولة لاتنازع فى الدعامتين اللتين قام عليهما قضاء المحكمة الدستورية العليا، ولا فى النتيجة المترتبة عليهما، وكان منطوق الحكم قاطعا جليا فى معناه، ولاخفاء فيما ارتبط به من الأسباب ارتباطا لايقبل التجزئة، فإن طلب التفسير الماثل، يكون قد جاوز الحدود المقررة قانونا للتفسير القضائى . ثالثها : أن طلب التفسير الماثل يتوخى تقرير قيود على الحقوق الناشئة عن إعمال القاعدتين المقررتين بالقانونين رقمى ١٠٢، ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ فى مجال المعاش المستحق للمؤمن عليهم الذين انتهت خدمتهم قبل أول يوليو ١٩٨٧. وليس ذلك إلا تعديلا لقضاء الحكم، وطعنا عليه بالمخالفة لنص المادة ٤٨ من قانون المحكمة الدستورية العليا . رابعها : أن طلب التفسير الماثل يتعلق بإعمال أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، وهو مايدخل فى اختصاص محكمة الموضوع . وحيث إن ماينعاه المدعى عليه من عدم اتصال طلب التفسير الماثل بالمحكمة الدستورية العليا وفقا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، مردود بما استقر عليه قضاؤها من أن المشرع غاير بين التفسيرين التشريعى والقضائى فى شأن نطاق كل منهما، وغاياته، والجهة التى تتقدم بطلبه . ذلك أن طلب التفسير التشريعى – عملا بنص المادة ٣٣ من قانون المحكمة الدستورية العليا – لايقدم إلا من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية إذا كان للنص التشريعى المطلوب تفسيره أهمية جوهرية لاثانوية، وكان قد ثار عند تطبيقه خلاف حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التى يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه بما يخل عملا بعمومية القاعدة القانونية الصادرة فى شأنهم والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويهدم بالتالى ماتقتضيه المساواة بينهم فى مجال تطبيقها، مما يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ماقصده المشرع منها عند إقرارها، وذلك حسما لمدلولها ولضمان أن يكون تطبيقها متكافئا فيما بين المخاطبين بها . وإذا كان ماتقدم هو الشأن فى التفسير التشريعى، فإنه فى نطاق التفسير القضائى، يجوز لكل خصم وعملا بنص المادة ١٩٢ من قانون المرافعات المدنية والتجارية التى يعتبر مضمونها مندمجا فى قانون المحكمة الدستورية العليا على تقدير أن تطبيقها على الأحكام التى تصدرها، لايتعارض مع طبيعة اختصاصاتها والأوضاع المقررة أمامها – أن يتقدم مباشرة إليها بدعواه المتعلقة بتفسير قضائها، وقوفا على حقيقة مرادها منه، واستنهاضا لولايتها فى مجال تجلية معناه، وتحديدا لمقاصدها التى التبس فهمها حقاً، ودون خروج عما قضى به الحكم المفسر بنقص أو زيادة أو تعديل – إذا كان الغموض أو الإبهام – سواء فى منطوق هذا الحكم أو مااتصل به من الدعائم التى لايقوم بدونها – قد اعتراه فعلا، فأصبح خافيا . ذلك أن الحكم الصادر بالتفسير يعتبر متمما من كل الوجوه للحكم المفسر، ولايجوز بالتالى أن يتذرع أحد بالتفسير لتقويض بنيانه، أو لتنفيذه على غير مقتضاه . متى كان ذلك، وكان طلب التفسير الماثل قد قدم مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا وفقا للأوضاع التى نص عليها قانونها، فإنه يكون قد اتصل بها اتصالا مطابقا للقانون . وحيث إن البين من قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن الدعوى رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية ” دستورية ” أنه أقيم على عدة دعائم : أولها : أن نظام التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ يشمل التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج الشيخوخة والعجز والوفاة تحتها، وفى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بكلمة ” المؤمن عليه ” العامل الذى تسرى عليه أحكام ذلك القانون، ويفيد من المزايا التأمينية التى نص عليها عند تحقق الخطر المؤمن منه، سواء أكان من العاملين المدنيين بالدولة أو هيئاتها أو مؤسساتها العامة أو وحداتها الاقتصادية أو غيرها من وحدات القطاع العام الاقتصادية، أم كان من العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل بالشروط التى نص عليها قانون التأمين الاجتماعى . ذلك أن محل التأمين أو العنصر الجوهرى فيه – جماعيا كان هذا التأمين أم فرديا – هو تحقق الخطر المؤمن منه . بل إن التأمين من هذا الخطر لمواجهة آثاره بعد وقوعها، هو الدافع إلى التأمين أيا كانت الجهة التى تنظم عملية توزيع المخاطر وتشتيتها بين المؤمن عليهم . وما التأمين الاجتماعى إلا صورة من صور التأمين تقوم الدولة فيها بدور المؤمن . وقد فصل قانون التأمين الاجتماعى قواعد هذا النظام ونطاق سريان أحكامه وحدد الصناديق التأمينية التى توفر مختلف صور التأمين ومايتصل بها من الحقوق المالية . فقرر بصريح مادته السابعة عشرة أن المشمولين بتأمين الشيخوخة مؤمن عليهم، وأن مقابل التأمين بالنسبة اليهم يتكون من عدة عناصر من بينها الحصة التى يلتزمون بأدائها من أجورهم سواء أكان الأجر أساسيا أم كان أجرا متغيرا، وأبان كذلك بمادته الثامنة عشرة عن أن المعاش يستحق بانتهاء خدمة ” المؤمن عليه ” لبلوغه سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظف المعامل به . ثانيها : أن أصل الحق فى المعاش عن الأجر المتغير، قد تقرر بمقتضى القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٨٤ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ امتدادا للحماية التأمينية لتشمل أجر المؤمن عليه بمختلف عناصره، و إذ كان ماتغياه المشرع بذلك هو أن يوفر للمؤمن عليه معاشا مناسبا مقاربا لما كان يحصل عليه من أجر أثناء مدة خدمته، يفى باحتياجاته الضرورية بعد بلوغ سن التقاعد التى يتحقق عندها الخطر المؤمن منه، فإن عبارة ” المؤمن عليه ” التى تضمنتها المادة الاولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ المشار إليه – قبل تعديلها – لايجوز قصرها على فئة بذاتها من المحالين إلى التقاعد، هى تلك التى تكون فى الخدمة فى الأول من يوليو ١٩٨٧ . ثالثها : أنه فى مجال استظهار المقاصد التى رمى المشرع إلى بلوغها من وراء إقراره حكما معينا، فإن العبارة التى صاغ المشرع بها النص التشريعى – فى سياقها ومحددة على ضوء طبيعة الموضوع محل التنظيم التشريعى والأغراض التى يتوخاها – هى التى يتعين التعويل عليها ابتداء، ولايجوز العدول عنها إلى سواها إلا إذا كان التقيد بحرفيتها – يناقض أهدافا واضحة مشروعة سعى إليها المشرع . وكان استقراء الشرطين الثانى والثالث اللذين علق عليهما القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – قبل تعديل مادته الأولى – استحقاق المحالين إلى التقاعد الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، يدل على أن مدد الاشتراك عن هذا الأجر يعتد فى حسابها بزمن معين نهايته ” واقعة انتهاء الخدمة ” وأن مدد الاشتراك عن الأجر الأساسى يجب ألا تقل عن فترة زمنية محددة ” فى تاريخ توافر واقعة استحقاق المعاش “، وكان ليس ثمة دليل من عبارة النص على أن هاتين الواقعتين كلتيهما – واقعة انتهاء الخدمة و واقعة استحقاق المعاش – متراخيتان إلى الأول من يوليو ١٩٨٧، فإن قصر الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير على هؤلاء الموجودين فى الخدمة فى هذا التاريخ، لايعدو أن يكون حملاً للمادة الاولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – قبل تعديلها – على شرط لاتتضمنه . وآية ذلك أن كلمة ” المؤمن عليه ” فى جميع مواضعها من هذه المادة قد ورد لفظها عاما دون تخصيص، مطلقا دون تقييد بما مؤداه انصرافها على سبيل الشمول والاستغراق إلى كل الأفراد الذين يندرجون تحتها، ذلك أن العام لايخصص الا بدليل، ولايقيد المطلق إلا بقرينة. وبانتفائها لايجوز إسباغ معنى آخر على النص التشريعى، وإلا كان ذلك تأويلا غير مقبول والتفافا حول المصلحة الاجتماعية التى تظاهر النصوص التشريعية جميعها، وتعتبر هدفا نهائيا لها، وقوامها فى الطعن الماثل توفير الأمن والطمأنينة لهؤلاء الذين تحقق خطر الشيخوخة بالنسبة إليهم، وذلك بضمان حد أدنى لمعاشاتهم عن الأجور المتغيرة لايجوز النزول عنه بحال . ولازم ذلك ومقتضاه أن مفهوم ” المؤمن عليه ” فى تطبيق أحكام المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ قبل تعديلها بالمادة الأولى من القانون المطعون فيه ينصرف إلى كل من تعرض لخطر الشيخوخة من المؤمن عليهم، سواء كان قد بلغ سن التقاعد قبل العمل بالقانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، أم كانت خدمته قد انتهت بعد نفاذه . رابعها : أنه إذا توافرت فى المؤمن عليه – محددا على هذا النحو – الشروط التى تطلبتها المادة الأولى من هذا القانون – قبل تعديلها – لاستحقاق الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير، فإن مركزه القانونى بالنسبة إلى هذا المعاش يكون قد استقر بصفة نهائية . ولايجوز من بعد التعديل فى العناصر التى قام عليها . ذلك أن التغيير فيها بعد اكتمالها ليس إلا هدما لوجوده، وإحداثا لمركز قانونى جديد يستقل عن المركز السابق الذى نشأ مستوفيا لشرائطه بما يخل بالحقوق التى رتبها بإنكار موجباتها . ولئن كان الدستور قد فوض السلطة التشريعية فى مادته الثانية والعشرين بعد المائة – فى أن تقرر القواعدالتى يتحدد الحق فى المعاش على ضوئها، إلا أن الشروط التى يفرضها المشرع لقيام حق من الحقوق، تعتبر من عناصره، بها ينهض سويا على قدميه، ولايتصور وجوده بدونها، ولا أن يكتمل كيانه فى غيبتها، ومن ثم لاتنعزل هذه الشروط عن الحق الذى تولد عنها، لأنها من مقوماته . ولا يتم وجوده إلا مرتبطا بها، بما مؤداه امتناع التعديل فيها بعد نشوء الحق مستجمعا لها، وإلا كان ذلك نقضا للحق بعد تقديره، وهو ماينحل إلى مصادرته على خلاف أحكام الدستور التى تبسط حمايتها على الحقوق الشخصية جميعها باعتبار أن لها قيمة مالية لايجوز الانتقاص منها . خامسها : أن القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ المطعون فيه قد صدر بمقولة أنه تشريع مفسر لأحكام المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥، وأن الغرض من إصداره هو قطع كل جدل حول المقصود بكلمة ” المؤمن عليه “. متى كان ذلك وكان من المقرر أن سلطة تفسير النصوص التشريعية سواء تولتها السلطة التشريعية، أم باشرتها الجهة التى عُهد إليها بهذا الاختصاص، لايجوز أن تكون موطئا إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها أو يجاوز الاغراض المقصودة منها . وبوجه خاص لاتتناول هذه السلطة تعديل مراكز قانونية توافرت مقوماتها وفقا للقانون – محدد على ضوء الارادة الحقيقية للمشرع – واكتمل تكوينها بالتالى قبل صدور قرار التفسير، إذ يعتبر ذلك عدوانا على الحقوق التى ولدتها هذه المراكز وتجريدا لأصحابها منها بعد ثبوتها، وهو مالايجوز أن ينزلق التفسير التشريعى إليه أو يخوض فيه ، وكان القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، لايتغيا تفسير المقاصد التى توختها المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، بل رمى إلى تعديلها عن طريق إضافة شرط جديد إلى الشروط التى تطلبتها لاستحقاق الحد الادنى لمعاش الأجر المتغير، هادفا من وراء ذلك إلى تقييد أو تضييق مجال تطبيقها لمواجهة متطلبات تمويل هذا المعاش، فان الأغراض المالية وحدها تكون هى الغاية النهائية التى قصد المشرع – باصدار القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ – إلى بلوغها . وهى بعد أغراض تنافى بطبيعتها حقيقة أبعاد التفسير التشريعى ، وليس لها به من صلة . سادسها : أن موضوع تنظيم الحقوق وإن كان يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام، إلا أن هذا التنظيم يكون مجانبا أحكام الدستور منافيا لمقاصده إذا تعرض للحقوق التى تناولها سواء بإهدارها أو بالانتقاص منها . متى كان ذلك، وكان القانون المطعون فيه قد توخى بمادته الأولى تعديل الشروط التى تطلبتها المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ لقيام الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجرالمتغير، مقيدا بذلك من نطاق تطبيقها، ومخلا بالتالى بالمركز القانونى للمؤمن عليهم الذين عناهم هذا القانون ، وعلق حقهم فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير على استيفاء الشروط التى تطلبها، والتى يعد ذلك القانون مصدرا مباشرا لها، وكان التعديل فى هذا المركز – الذى نشأ مكتملا مستوفيا لعناصره جميعها قبل نفاذ القانون المطعون فيه – مؤداه الحتمى حرمان فئة من المؤمن عليهم من المزايا التأمينية التى كفلها لهم القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧قبل تعديل مادته الأولى، ويتمحض بالتالى عدوانا على حقوقهم الشخصية التى سعى الدستور إلى صونها، فإن القانون المطعون فيه يكون قد جاوز نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، وذلك باقتحام المجال الذى يؤكد جوهرها، ويكفل فعاليتها . سابعها : أن الدستور وإن فوض السلطة التشريعية فى تقرير قواعد منح المعاش، إلا أن من المقرر أن الحق فى المعاش – إذا توافر أصل استحقاقه – وقع التزاما على الجهة التى تقرر عليها، مترتبا فى ذمتها بقوة القانون . يؤيد ذلك، أن الحقوق التى يكفلها نظام التأمين الاجتماعى بصوره المختلفة لايقتصر أثرها على ضمان مايعين أسرة المؤمن عليه على مواجهة التزاماتها الحيوية، ولكنها فى الوقت ذاته مفترض أولى، وشرط مبدئى، لإسهام المؤمن عليه فى الحياة العامة، والاهتمام بوسائل النهوض بها ومراقبة كيفية تصريف شئونها، متحررا فى ذلك من عثرات النهوض بمسئوليته هذه . وهو مايتحقق بوجه خاص إذا مانزل المشرع باحتياجاته عن حدودها الدنيا التى لايجوز التفريط فيها ثامنها : أن الحق فى المساواة أمام القانون هو مارددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يتوخاها تتمثل أصلا فى صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم فى مواجهة صور من التمييز تنال منها، أو تقيد ممارستها، وغدا هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لاتمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، والتى لايقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها الى تلك التى يقررها القانون ويكون مصدرا لها . وكانت السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق لايجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، وكان الأصل فى الأحكام هو استلهام روحها ومقاصدها، وكان لاشبهة فى أن القانون المطعون فيه، قصد أن يضيف بمادته الأولى شرطاً علق عليه الإفادة من الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير هو أن يكون المؤمن عليه موجوداً فى الخدمة فى أول يوليو ١٩٨٧، وهو شرط لم يكن قائما أو مقرراً من قبل بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧، ولا متصلا بمتطلبات تطبيقها عند إقرارها من السلطة التشريعية، بل أقحم عليها، وجاء بالتالى مصادماً للأغراض التى توختها، وهادما لعلاقات قانونية تتصل بالشخصية المتكاملة للمواطن، وبالحدود التى لايجوز النزول عنها للحق فى الحياة فى إطار من الأمن والطمأنينة، متبنيا كذلك تمييزا تحكميا منهيا عنه بنص المادة الأربعين من الدستور بين فئتين إحداهما تلك التى أحيل أفرادها الى التقاعد اعتباراً من الأول من يوليو ١٩٨٧ وأخراهما تلك التى بلغ أفرادها سن التقاعد قبل ذلك دون أن يستند التمييز بين هاتين الفئتين الى أسس موضوعية وكان يجب ضماناً للتكافؤ فى الحقوق بينهما أن تنظمها قواعد موحدة لاتقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها ٠ وحيث إنه على ضوء هذه الدعائم ” وحدها ” وارتكانا إليها ” دون غيرها ” صدر قضاء المحكمة الدستورية العليا فاصلا فى الدعوى رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية ” دستورية ” مقرراً (عدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم ١ لسنة ١٩٦١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥، وبسقوط مادته الثانية …. ]، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن طلب التفسير لايعد طريقا من طرق الطعن فى الأحكام ولايمس حجيتها، ولايجوز أن يتخذ ذريعة إلى تعديلها أو نقضها أو هدم الأسس التى تقوم عليها، بل يتعين أن يقتصر على استجلاء مايكون قد وقع فى قضاء الحكم من غموض أو ابهام وقوفا على حقيقة مرماه وتحديداً للمعنى المقصود منه دون زيادة أو نقصان، وكان لاخفاء فى منطوق الحكم الصادر فى الدعوى رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية ” دستورية ” ولافى الدعائم التى قام محمولا عليها، فإن طلب التفسير الماثل يكون غير مقبول . وحيث إن ماتقدم يعززه أن الدعوى رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية ” دستورية ” قد تحدد موضوعها بالفصل فى دستورية المادة الأولى من القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١ بتعديل المادة الأولى من القانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥، وكان نطاقها – محدداً على هذا النحو – لايتصور أن يتناول غير الفصل فى استحقاق المدعى فيها للحد الادنى لمعاش الأجر المتغير، وغايتها إهدار القانون المطعون فيه باعتباره عائقاً يحول دون تقرير حق المدعى فى الحصول على هذا الحد الأدنى . متى كان ذلك، فإن الدعوى الدستورية المشار إليها – سواء بالنظر الى موضوعها أو على ضوء الأغراض المقصودة منها – لايمكن أن تتناول حقوقا غير التى جحدها القانون رقم ١ لسنة ١٩٩١المطعون بعدم دستوريته، والذى يعكس – بالنصوص التى تضمنها – المسألة الدستورية التى تتولى المحكمة الدستورية العليا الفصل فيها، ليتعلق قضاؤها الصادر فى تلك الدعوى بنصوص هذا القانون دون غيرها، فلا يمتد لسواها محمولا على الدعائم التى قام عليها ، والتى لاتندرج تحتها الحيثية محل طلب التفسير، ذلك أن موقعها من الحكم الصادر فى تلك الدعوى، غير متصل بمنطوقه ، ولا بأسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً لايقبل التجزئة، فلا تمتد إليها حجيته . يؤيد ذلك أن تلك الحيثية كان موضوعها الزيادة فى المعاش التى كفلها المشرع بالقانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٧ للمحالين الى التقاعد قبل الأول من يوليو ١٩٨٧، والتى قام دفاع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى على أن تقريرها يدل على انتفاء حق المدعى فى الحصول على الحد الادنى لمعاش الأجر المتغير . وفى مقام الرد على هذا الدفاع، كان على المحكمة الدستورية العليا أن تورد حيثيتها تلك – لا لتفصل بمقتضاها فى الحقوق التى كفلها القانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٧ للمخاطبين بأحكامه سواء بإثباتها أو نفيها – وهى حقوق لم يكن طلبها معروضا عليها فى نطاق الدعوى الدستورية رقم ٣٤ لسنة ١٣ قضائية – وإنما لتؤكد بموجبها أن الحق فى الحد الأدنى لمعاش الأجر المتغير يقوم بذاته مستقلا عن الزيادة فى المعاش المنصوص عليها فى القانون رقم ١٠٢ لسنة ١٩٨٧. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بعدم قبول الدعوى، والزُمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائه جنيه مقابل اتعاب المحاماة

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى