بالتفاصيل.. كل ما تريد معرفته عن دعوى الريع وكيفية المطالبة بها ومتى يسقط الحق فيها وفقا للقانون؟

تقرير: عبدالعال فتحي

يعرف الريع بأنه كل ما ينتجه الشيء من غلة متجددة، وقد تكون الغلة طبيعية كالزرع الذي يخرج من الأرض من تلقاء نفسه ، أو صناعية كالمحصول الذي يكون من عمل الطبيعة والإنسان ،أو مدنية كأجرة الأراضي والمساكن، وأصبحت دعوى الريع تشغل مساحة كبيرة من القضايا المعروضة علي المحاكم.

ونلقي الضوء في التقرير التالي على كيفية المطالبة بالربع وكيفية التخلص منه من حيث الصور الأربعة للدعوي، ومتي يسقط الحق في المطالبة بالريع؟

كيفية المطالبة بالريع:

طلب الريع قد يكون في صور أربع:-

أولا : دعوي أصلية ترفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي وفقا لنص المادة 63 من قانون المرافعات، يطلب فيها المدعي الزام المدعي عليه بأن يؤدي له ريع عين معينة عن مدة محددة.

ثانيا : قد يكون في صورة طلب ملحق بالطلب الأصلي، كأن يرفع شخص علي آخر دعوي يطلب فيها طرده من عين النزاع، لأن وضع يده عليها بدون سند من القانون «للغصب» ويطالب بريع تلك العين عن مدة الغصب.

ثالثا: وقد يكون طلب الريع في صورة دعوي حساب يرفعها صاحب الحق لإلزام المدعي عليه بتقديم كشف حساب عن ريع عين معينة، والزامه بأداء قيمة الريع المستحق في ذمته، كدعوي المستحق في الوقف علي ناظره بتقديم كشف حساب عن ريع العين وسداد حقوقه في هذا الريع، وكدعوي الشريك علي الشيوع علي واضع اليد لتقديم كشف حساب عن المساحة التي يضع يده عليها زيادة عن نصيبه في العين الشائعة والزامه بأن يؤدي الريع المستحق له.

وقد قضت محكمة النقض بأنه: «لما كانت طلبات المطعون ضدهم بإلزام الطاعنين بتقديم كشف حساب عن إدارة واستغلال ترخيص الصيد مع تقدير قيمة الريع المستحق لهم عن حصتهم فيه من 1/1/1986 حتي تاريخ رفع الدعوي فانهم بذلك يكونون قد طلبوا ضمنا الحكم لهم بهذا الريع ويكون الحكم المطعون فيه إذ أيّد الحكم الابتدائي في قضائه بالزام الطاعن الأول بالريع لا يكون قد قضي بما لم يطلبه الخصوم».

(نقض مدني الطعن رقم 4922 لسنة63 ق جلسة 19/1/1995 لسنة 46 قضائية صفحة 206)

رابعا: وقد يكون طلب الريع في صورة طلب عارض يوجهه المدعي عليه إلي المدعي في الدعوي الأصلية، كدعوي البائع علي المشتري لسداد باقي الثمن فيوجه المدعي عليه طلبا عارضا «دعوي فرعية» ضد المدعي بطلب الزامه بأداء ريع العين من تاريخ العقد حتي تاريخ التسليم.

كيفية التخلص من دعوي المطالبة بالريع:-

وعن كيفية التخلص من دعوي المطالبة بالريع، يقول «رسلان» قد يتمخض تداول الدعوي أمام المحكمة أو الخبير عن دفوع واقعية موضوعية وهذا يتعلق بكل دعوي بخصوصيتها وظروفها فمن الدفوع الهامة مثلا :

-أن الريع لا يستحق إلا من تاريخ رفع دعوي الملكية عن الأعيان المطالب بريعها، ولكن سيد الدفوع القانونية التي يقصد منها دفع الدعوي فهو الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالريع بالتقادم:-

وذلك الدفع الخطير سنده ما نصت عليه المادة 387 من القانون المدني بقولها:-

1- لا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها، بل يجب أن يكون ذلك بناء علي طلب المدين أو بناء علي طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين.

2- ويجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوي ولو أمام المحكمة الاستئنافية .

وخطورة هذا الدفع تكمن في كونه ليس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ولكن هل هذا لا يجعل المحكمة تعير له اهتماما وتضعه في حسبانها؟ وهي لا تقضي به من تلقاء نفسها إلا إذا تمسك به المدين، وكل ذي مصلحة .. عملا بالنص المذكور سلفا السافر في جعل هذا الدفع متاحا سفورا يبيح لكل من هب ودب أن يتدخل ليتلاعب بالنزاع، والأمل والرجاء أن يكون استخدامه رشيدا بغير ضرر أو أضرار، ذلك أن المحكمة تقتنص هذا الدفع اقتناصا ليكون الضربة القاضية للنزاع برمته.

ومن قضاء محكمة النقض في هذا المضمار ما نقتبسه هنا من أن الدفع بالتقادم دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوي ولأول مرة في الاستئناف والنزول عنه لا يفترض ولا يؤخذ بالظن ..«نقض مدني الطعن رقم 123 لسنة 38 قضائية جلسة 26/2/1974 و لنلاحظ ما استطال اليه قضاء النقض من انه لا يؤخذ بالظن في افتراض النزول عن هذا الدفع، وأن محكمة النقض تكاد تصل بهذا الدفع إلى مرتبة دفوع النظام العام وهذا ليس من لدنها ولكنها استنبطت وضوح مغزي التوسع في إعطاء حق هذا الدفع الخطير.

ولكن هل يجوز التمسك بالدفع المذكور أمام محكمة النقض ؟؟ القاعدة العامة لا يجوز.

ولكن ذلك مشروط بان لا تكون دعوي الملكية مازالت متداولة وتمثيل هذه الحالة علي النحو التالي:

أنه رفعت دعوي الريع فأقام احد المدعي عليهم دعوي ملكية كثبوت ملكية مثلا؛ ثم قدم ما يفيد إقامة دعوي الملكية وطلب وقف دعوي الريع تعليقا لحين الفصل نهائيا في مسألة الملكية وبالفعل أوقفت دعوي الريع تعليقا.

وعلي مدار سنوات التداعي في مضمار ثبوت الملكية وعلي الأفق نري دعوي الريع موقوفة ينهض المحامي في الاستئناف المنظور حول الملكية ويدفع بعدم قبول الدعوي لعدم قيد الدعوي في السجل العيني ويقدم سندا لذلك صورة طبق الأصل أو شهادة من السجل العيني تفيد عدم قيد صحيفة الدعوي الافتتاحية «وهو نبش في مقابر دعوي استطال عليها الزمن».

وسبب الدفع أن المحامي رافع دعوي الملكية لم يقم باستيفاء إجراءات القيد بالصفحة العقارية بالسجل العيني حيث التأشير علي الصحيفة لا يغني عن القيد في صفحة السجل العيني، وبمجرد صدور الحكم الاستئنافي بعدم قبول الدعوي لعدم القيد بالسجل العيني، فيبادر المحامي إلي تعجيل السير في دعوي الريع، وتمضي في طريقها بالمحكمة وتحكم المحكمة بحكم لا يرضاه طالب الريع فيستأنفه في عجالة، وأمام الاستئناف تمضي الدعوي برمتها في المسير، وتحكم المحكمة لصالح طالب الريع المتربص.

فيطعن المحكوم ضدهم بالنقض علي حكم الريع، ويقدمون أسبابهم ومذكراتهم ومن ضمن دفوعهم التالي:

1- سقوط الحق في طلب الريع بمضي خمس عشرة سنة.

2- الريع غير مستحق إلا من تاريخ رفع دعوي الملكية عن الأعيان المطالب بريعها.

ذلك أن طالب الريع والمحكوم لصالحة طالب بريع عن مدة سابقة علي رفع دعوي الملكية.

ولكن محكمة النقض بحكمتها وخبرتها علي ما نقتبسه بقولها:

لا يجوز التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بسقوط الحق في طلب الريع بمضي خمسة عشر سنة، ولا بأن الريع لا يستحق إلا من تاريخ رفع دعوي الملكية عن الأعيان المطالب بريعها إذا كانت الدعوي قد أوقفت حي يبت في النزاع القائم حول الملكية.

( نقض مدني الطعن رقم 383 لسنة 23 ق جلسة 23/1/1958 )

ولم لا وقد أوقع الخصم نفسه في دائرة الزمن الطويل لدعوي الملكية مستغيثا بها من حرارة صيف الريع،  فاذا به يعود كما بدأ ولا يغنيه الدفع بسقوط حق المطالبة بالريع.

متي يسقط الحق في المطالبة بالريع؟

حدد القانون المدني مدة التقادم للمطالبة بالريع كأصل عام بخمس سنوات كما جاء بنص المادة 3755 من القانون المدني المصري حيث نصت علي «أن يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين، كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر وكالفوائد و الإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات…».

ولكن استثناء مدة التقادم الخمسي هو أن يكون الحائز سيء النية فإذا كان الحائز سيء النية أصبحت مدة التقادم تسقط بالتقادم الطويل وهو خمسة عشر سنة كما جاء بنص المادة 375 في فقرتها الثانية حيث تنص علي: «….ولا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية، ولا الريع الواجب علي ناظر الوقف أداؤه للمستحقين إلا بانقضاء خمس عشرة سنة».

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى