«النقض»: محكمة الموضوع غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال الشهود ما دامت لم تستند إليها

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2117 لسنة 91 قضائية، أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال شهود النفي فأطرحتها، وكان ما يثيره الطاعن في إطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيـث إن الطاعـن ينعـي علـى الحكـم المطعـون فيـه أنـه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء قاصراً في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة خاصة أقوال شاهد الإثبات ، وأورد عبارات في حقه لها معنى مستتر في ضمائر مصدريه لا يدركه غيرهم ، وأطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات لانتفاء حالة التلبس والتعسف في تنفيذه.

ولم يعن بدفاعه بانتفاء صلته بالمخدر المضبوط بما ينفي علمه به ودون أن يدلل على توافر القصد الجنائي في حقه ، ولم يجر تحقيق في هذا الشأن حتى يستقيم وجه الحقيقة ، واعتنق صورة للواقعة رغم عدم معقوليتها استمدها من أقوال شاهد الإثبات رغم انفراده بالشهادة وحجبه لأفراد القوة المرافقة له عنها وهو ما قام عليه دفاعه ، وقضى بإدانته رغم خلو الأوراق من دليل إدانة قبله ، ولم يعن بأقوال شهود النفي ، وبإنكاره الاتهام بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة ، وأغفل الرد على ما أثاره من دفوع نالت من أدلة الإدانة ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان والعناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ومعاينة النيابة العامة للسيارة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة – في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.

لما كان ذلك ، وكان البيان المعول عليه من الحكم هو ذلك الجزء الذى يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الإقناع فإن تزيد الحكم فيما أورده في تحصيله واقعة الدعوى لا يمس منطق الحكم والنتيجة التي انتهى إليها ما دام أنه قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه حال مرور الطاعن بالسيارة قيادته بنقطة حرس حدود نفق الشهيد أحمد حمدي متجهاً إلى النفق استوقفه الملازم أول/ ……. من قوة مكتب مخابرات وأمن حرس الحدود وقام بتفتيش السيارة فعثر بها على المخدر المضبوط.

لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد أضفى على رجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود – عسكريين كانوا أو مدنيين – باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره.

ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور ، بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري حق تفتيشه ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.

لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعن كان يعبر نقطة حرس حدود نفق الشهيد أحمد حمدي متجهاً إلى النفق عند القبض عليه وتفتيش السيارة قيادته بمعرفة ملازم أول من قوة مكتب مخابرات وأمن حرس الحدود فإن تفتيش السيارة يكون صحيحاً ، ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على أساس ذلك قد اقترن بالصواب.

لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر أو النباتات المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة.

وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر ، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال شاهد الإثبات الأول من أنه حال ضبط الطاعن عثر بأسفل السيارة التي كان يستقلها على المخدر المضبوط ، يسوغ به الاستدلال على إحرازه للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.

لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن ما يثيره في هذا الشأن فلا يكون له النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.

لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذى يكفى القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت اليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقـدم ، فإن الطعـن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

أمين الســـر رئيس محكمة النقض

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى