«النقض» : المدعى ملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه.. والأصل براءة الذمة وانشغالها عارض

كتب: علي عبدالجواد

أكدت محكمة في حكمها بالطعن رقم ١٢١٦٤ لسنة ٨٥ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢١/١١/١٦، أن المدعى هو الملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان هو المدعى أصلاً فى الدعوى أو المدعى عليه فيها .

وقالت إن المقرر في قضاء محكمة النقض أن الأصل هو براءة الذمة وانشغالها عارض ومن يدعى خلاف هذا الأصل – وهو انشغالها – فيقع عليه عبء إثبات ذلك .

الحكم

بـاسم الشعب

محكمـة النقـض

دائرة الثلاثاء (ج) المدنية

الطعن رقم ١٢١٦٤ لسنة ٨٥ القضائية

جلسة الثلاثاء الموافق١٦ من نوفمبر سنة ٢٠٢١

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضى / عمران عبد المجيد ” نائب رئيس المحكمة”

وعضوية السادة القضاة / سالم سرور ، جمال عبد المولى، أحمد يوسف

وأسامة أبو العز “نواب رئيس المحكمة”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١-٥) إثبات ” قواعد عامة : عبء الإثبات ” . حكم ” تسبيب الأحكام : التسبيب الكافى ” ” عيوب التدليل: القصور في التسبيب : الفساد في الاستدلال”.

(١) المدعى ملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء كان مدعيا ً أو مدعياً عليه .

(٢) الأصل براءة الذمة . عبء إثبات خلاف ذلك . وقوعة على عاتق من يدعيه.

(٣) الحكم . وجوب تضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وحصلت منها ما أدى إلى قضائها حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة صحة تلك الوقائع والأدلة وما استخلصه الحكم فيها . م ١٧٦ مرافعات . إغفال ذلك . أثره . البطلان .

(٤) الفساد فى الاستدلال . ماهيته . انطواء أسباب الحكم على عيب يمس سلامة الاستنباط . تحققه . باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة موضوعياً للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة الثابتة لديها أو استخلاص واقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه مناقض لما أثبته .

(٥) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن ببراءة ذمته قبل المطعون ضده تأسيساً على إدانته بأحكام جنائية رغم أن تلك الأحكام لا تفيد سوى مديونية الطاعن للمجنى عليها فيها وليس للمطعون ضده ودون بيان ما إذا كان الأخير قد قدم الدليل على انشغال ذمة الطاعن قبله بأيه مبالغ . قصور وفساد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المدعى هو الملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان هو المدعى أصلاً فى الدعوى أو المدعى عليه فيها .

٢- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الأصل هو براءة الذمة وانشغالها عارض ومن يدعى خلاف هذا الأصل – وهو انشغالها – فيقع عليه عبء إثبات ذلك .

٣- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادة ١٧٦ من قانون المرافعات يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً، بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وخلصت من ذلك إلى ما انتهت إليه من قضاء ، وذلك حتى يحمل الحكم بذاته آيات صحته وينطق بعدالته ويمكن محكمة النقض من مراقبة صحة هذه الوقائع والأدلة وما استخلصه فيها وإلا كان باطلاً .

٤- المقرر ــــــ فى قضاء محكمة النقض ـــــ أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا إنطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته .

٥- إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائى محمولاً على أسبابه في قضائه برفض دعوى الطاعن ببراءة ذمته قبل المطعون ضده والتى أسسها على إدانته الطاعن في الدعوى …. لسنة ٢٠١٠ جنح مركز المحلة الكبرى لاستيلائه على مبلغ عشرين ألف جنيه من المجني عليها …. باستعمال طرق احتيالية وايهامها بوجود مشروع كاذب استناداً إلى العقد المؤرخ …./../٢٠٠٧ المبرم بينه وبين المطعون ضده حيث قدم لها أوراقاً مزورة لإيهامها بإمكانية تخصيص خمسة أفدنة من أرض الجمعية التي يمثلها المطعون ضده وثبت هذا التزوير ضد الطاعن بالحكم بإدانته في الدعوى … لسنة ٢٠١١ جنايات عسكرية الإسكندرية والحكم …. لسنة ٢٠١١ جنايات عسكرية طنطا ، وخلص الحكم من ذلك إلى ثبوت استلام الطاعن لمبالغ مالية طبقاً للعقد المؤرخ ../../٢٠٠٧ وكان هذا الذي أورده الحكم وأقام قضاءه عليه لايفيد مديونية الطاعن للمطعون ضده وانشغال ذمته تجاهه بأية مبالغ فالحكم الجنائى الذي عول عليه الحكم لا يفيد سوى مديونية الطاعن للمجنى عليها بمبلغ عشرين ألف جنيه التى استولى عليها منها ولا يفيد انشغال ذمته تجاه المطعون ضده لا بشخصه ولا بصفته بأية مبالغ ، والأمر ذاته ينطبق على الجنايتين المشار إليهما فهما وعلى ما حصله الحكم تتعلقان باتهام الطاعن بتزوير مستندات دون أن يبين بمدوناته ماهية هذه المستندات ووجه الاستدلال بها على مديونية الطاعن للمطعون ضده ، كما لم يستظهر الحكم ما إذا كان الأخير وهو الملزم قانوناً بإثبات انشغال ذمة الطاعن قبله بأية مبالغ قد أقام الدليل على ذلك من عدمه ومن ثم فإن الحكم يكون قد استند في قضائه إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها مما يعيبه ( بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الـــمــحـــكــمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/ سالم سرور ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضده بشخصه وصفته الدعوى …. لسنة ٢٠١٢ محكمة كفر الشيخ الابتدائية ” مأمورية فوه ” بطلب براءه ذمته من أية مبالغ يزعم المطعون ضده استلامه لها خلافاً لما تضمنه العقد المؤرخ ١/١٢/٢٠٠٧ المبرم بينهما ، على سند من أنه بموجب ذلك العقد اتفقا على قيام الطاعن بإنجاز إجراءات تقنين وضع يد الجمعية التى يمثلها المطعون ضده على مساحة من الأراضى الصحراوية لدى الجهات المختصة وتضمن العقد أحقية الجمعية فى هذا التقنين استناداً لوضع اليد و لما تبين للطاعن عدم صحته ذلك الأمر فقد أقام الدعوى …. لسنة ٢٠١٠ مدنى كفر الشيخ ” مأمورية فوه” الابتدائية بطلب فسخ هذا العقد ، ونظراً لإدعاء المطعون ضده استلام الطاعن منه مبلغ ستة ملايين جنيه استناداً لذلك الاتفاق فكانت الدعوى . حكمت المحكمة برفضها بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف … لسنة ٤٦ ق طنطا ” مأمورية كفر الشيخ ” وفيه قضت المحكمة بالتأييد . طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرض على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال إذ أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من إدانة الطاعن فى الحكم الجنائى الصادر فى الدعوى ٣٦٣٢٦ لسنة ٢٠١١ جنح مركز المحلة رغم أن هذا الحكم لم يصبح باتاً لعدم الفصل فى الطعن بالاستئناف المرفوع منه ، كما أنه لا يثبت انشغال ذمته تجاه المطعون ضده بثمة مبالغ وأن الأخير قد عجز عن إثبات ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن المدعى هو الملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء كان هو المدعى أصلاً فى الدعوى أو المدعى عليه فيها ، وأن الأصل هو براءة الذمة وانشغالها عارض ومن يدعى خلاف هذا الأصل وهو انشغالها فيقع عليه عبء إثبات ذلك وأن مفاد نص المادة ١٧٦ من قانون المرافعات يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب مجرد أن يستكمل الحكم شكلاً معيناً بل أن تتضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قُدم إليها من أدلة وخلُصت من ذلك الى ما انتهت إليه من قضاء وذلك حتى يحمل الحكم بذاته آيات صحته وينطق بعدالته ويُمكن محكمة النقض من مراقبة صحة هذه الوقائع والأدلة وما استخلصه فيها وإلا كان باطلاً وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التى ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقص لما اثبته .

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائى محمولاً على أسبابه فى قضائه برفض دعوى الطاعن براءة ذمته قبل المطعون ضده والتى أسسها على إدانة الطاعن فى الدعوى ….. لسنة ٢٠١٠ جنح مركز المحلة الكبرى لاستيلائه على مبلغ عشرين ألف جنيه من المجنى عليها ….. باستعمال طرق احتيالية وإيهامها بوجود مشروع كاذب استناداً إلى العقد المؤرخ ١/١٢/٢٠٠٧ المبرم بينه وبين المطعون ضده حيث قدم لها أوراقاً مزورة لإيهامها بإمكانية تخصيص خمسة أفدنة من أرض الجمعية التى يمثلها المطعون ضده وثبت هذا التزوير ضد الطاعن بالحكم بإدانته فى الدعوى … لسنة ٢٠١١ جنايات عسكرية الإسكندرية والحكم …. لسنة ٢٠١١ جنايات عسكرية طنطا ، وخلُص الحكم من ذلك إلي ثبوت استلام الطاعن لمبالغ مالية طبقاً للعقد المؤرخ ١/١٢/٢٠٠٧ ، وكان هذا الذى أورده الحكم وأقام قضاءه عليه لا يفيد مديونية الطاعن للمطعون ضده وانشغاله ذمته تجاهه بأية مبالغ فالحكم الجنائى الذى عول عليه الحكم لا يفيد سوى مديونية الطاعن للمجنى عليها بمبلغ عشرين ألف جنيه التى استولى عليها منها ولا يفيد انشغال ذمته تجاه المطعون ضده لا بشخصه ولا بصفته بأية مبالغ والأمر ذاته ينطبق على الجنايتين المُشار إليهما فهما ، وعلى ما حصله الحكم تتعلقا بإتهام الطاعن بتزوير مستندات دون أن يبين بمدوناته ماهية هذه المستندات ووجه الاستدلال بها على مديونية الطاعن للمطعون ضده ، كما لم يستظهر الحكم ما إذا كان الأخير وهو المُلزم قانوناً بإثبات انشغال ذمة الطاعن قبله بأية مبالغ قد أقام الدليل على ذلك من عدمه ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد استند فى قضائه إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها مما يعيبه ويوجب نقضه .

وحيث إن موضوع الاستئناف رقم …. لسنة ٤٦ ق طنطا ” مأمورية كفرالشيخ ” صالح للفصل فيه ، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وإجابة المستأنف إلى طلباته .

لــــــــذلــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة ذمة المستأنف من مبلغ المطالبة وألزمت المستأنف ضده المصاريف عن الدرجتين ومائة وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى