«النقض»: الشارع لم يقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2999 لسنة 91 قضائية، أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق.

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ، وعول الحكم في قضائه على أقوال شاهد الإثبات الثاني دون إيراد مضمونها.

وأحال في بيانها إلى أقوال شاهد الإثبات الأول رغم تناقض أقواله ، كما أثبت على خلاف الحقيقة بمحضر الجلسة تلاوة أقوال الشهود ، وأطرح برد غير سائغ أوجه دفوعه المؤسسة على بطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ، وبطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلية ، وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما ولانتفاء حالة التلبس بدلالة أقوال الطاعن والمستندات المقدمة ، بدلالة أقواله بالتحقيقات وعدم إثبات المأمورية بدفتر أحوال الإدارة ، وعول على أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وانفرادهم بالشهادة والتفت عن الدفوع بانتفاء الصلة بالمضبوطات وبكيدية الاتهام وتلفيقه واختلاق ضابط الواقعة لواقعة التلبس وانفراده بالشهادة.

كما أطرح الدفع بتجاوز ضابط الواقعة حدود اختصاصه المكاني بما لا يسوغ إطراحه ، ولم يبين الحكم سبب اطمئنانه لأدلة الثبوت التي عول عليها ، كما لم يعرض بالرد لأوجه دفاعه التي أبداها بجلسة المحاكمة ، وأخيراً فقد دانه الحكم رغم خلو الأوراق من أي دليل يقيني قبله، والتفت عما أشار إليه من اختلاف المخدرات المضبوطة شكلاً ووزناً عما تم عرضه على النيابة العامة في إحدى الجلسات ، وعول الحكم في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة بشأن إسناد التهمة للطاعن في حين أطرحها بشأن قصد الإتجار مما يصم الحكم بالتناقض ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع التي أبداها بجلسة المحاكمة ولم يحددها وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه ، وهل كان الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها.

لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها سائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من اختلاف وزن المخدر وشكله مردود بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناءً على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن مادام أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهد الإثبات – ضابط الواقعة – ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الطاعن للجوهر المخدر ، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار ، دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

أمين الســـر رئيس محكمة النقض

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى