الامتناع عن آداء الشهادة قانونًا وقضاءً 

تقرير: علي عبدالجواد

الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه علي وجه العموم بحاسة من حواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة علي التمييز لأن مناط التكليف بأدائها، هو القدرة علي تحملها، فهل يجوز للشاهد الامتناع عن آداء الشهادة؟، فتكون الإجابة على هذا السؤال من خلال قانون الاثبات، وأحكام محكمة النقض.

طبقًا للمادة ۲۸٦ من قانون الإجراءات الجنائية؛ يجوز أن يمتنع عن آداء الشهادة ضد المتهم أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الثانية، وزوجه ولو بعد انقضاء رابطة الزوجية، وذلك ما لم تكن الجريمة قد وقعت على الشاهد أو على أحد أقاربه أو أصهاره الأقربين، أو إذا كان هو المبلغ عنها، أو إذا لم تكن هناك أدلة إثبات أخرى.

وتذكر  المادة ۲۸۷ اجراءات أنه تسرى أمام المحاكم الجنائية القواعد المقررة في قانون المرافعات لمنع الشاهد عن آداء الشهادة أو لإعفائه من آدائها.

وفي المادة ٦٦ من قانون الاثبات: «لا يجوز لمن علم من المحامين أو الوكلاء أو الأطباء أو غيرهم من طريق مهنته أو صنعته بواقعة أو بمعلومات أن يفشيها ولو بعد انتهاء خدمته أو زوال صفته، ما لم يكن ذكرها له مقصودًا به ارتكاب جناية أو جنحة، ومع ذلك يجب على الأشخاص المذكورين أن يؤدوا الشهادة على تلك الواقعة أو المعلومات متى طلب منهم ذلك من أسرها إليهم على ألا يخل ذلك بأحكام القوانين الخاصة بهم.

وتقول  المادة ٦۷ إثبات: «لا يجوز لأحد الزوجين أن يفشي بغير رضاء الآخر ما أبلغه إليه أثناء الزوجية، ولو بعد انفصالهما، إلا فى حالة رفع دعوى من أحدهما على الآخر، أو إقامة دعوى على أحدهم بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر».

«النقض»: لا تمنع المحكمة من الأخذ بأقوال قرابة الشهود للمجني عليه متي اقتنعت بها 

من قواعد محكمة النقض في امتناع الشاھد عن آداء الشھادة: «مؤدى نص المادة ۲۸٦ من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا يمنع عنه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريبا أو زوجا له وإنما أعفاه من آداء الشهادة إذا طلب ذلك، أما نص المادة ٦۷ من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون ۲۵ لسنة ۱۹٦۸، فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه أن يكون قد أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد إنقضائها إلا في حالة رفع دعوي من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه علي الآخر». ( الطعن رقم ٦۲۸۱ لسنة ۵۳ ق جلسة ۲۷/۳/۱۹۸٤ س ۳۵ ص ۳۵۳).

وفي قاعدة أخرى تؤكد النقض أن قرابة شاهد الإثبات للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بشهادته متي اقتنعت
المحكمة بصدقها، وفي القاعدة: «لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض عليها وكانت قرابة شاهد الإثبات للمجنى عليه أو صلته به لا تمنع من الأخذ بشهادته متى اقتنعت المحكمة بصدقها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. (المادتان ۲۸٦ ، ۳۰۲ من قانون الإجراءات الجنائية )
( الطعن رقم ۵۹۷ لسنة ۵۱ ق جلسة ۱۲/۱۱/۱۹۸۱ س ۳۲ ص ۸۹۳).

يجوز أن يمتنع عن أداء الشهادة ضد المتهم أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره

وأيضًا من قواعد محكمة النقض في الإعفاء من أداء الشهادة وفق المادة ۲۸٦ إجراءات: «لما كانت المادة ۲۸ من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه – لا يجوز رد الشهود لأى سبب من الأسباب – كما تنص المادة ۲۸٦ من القانون المذكور على أنه – يجوز أن يمتنع عن أداء الشهادة ضد المتهم أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الثانية وزوجه ولو بعد انقضاء رابطة الزوجية وذلك ما لم تكن الجريمة وقعت على الشاهد أو أحد أقاربه أو أصهاره الأقربين أو كان هو المبلغ عنها أو إذا لم تكن هناك أدلة إثبات أخرى- فإن ما أثاره الطاعن يتعلق بالموضوع لا بالقانون وهو بهذه المثابة ليس من الدفوع الجوهرية التي تلتزم المحكمة بالرد عليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون
مقبولا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذا التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن فى غير محله. ( المادة ۲۸٦ – ۳۱۰ إجراءات جنائية ) (الطعن ۲۳۸ ص ۳٤ س ۱۹۸۳/۲/۱٤ جلسة ۵۲ لسنة ٦۱۹۹).

الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة ولو كان من يشهد ضده قريبًا وإنما أعفي من أداءها إذا أراد ذلك

وتؤكد محكمة النقض في الطعن  رقم ۱۹۷۰ لسنة ۳۰ ق جلسة ۷/۳/۱۹٦۱ س ۱۲ ص ۳۲٤، أن مؤدي نص المادة ۲۸٦ من قانون الاجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريبا أو زوجا له وانما أعفي من أداء الشهادة اذا أراد ذلك . أما نص المادة ۲۰۹ من قانون المرافعات فانه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انقضائها الا في حالة رفع دعوي من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه علي الآخر . واذ كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة الطاعن لم يبلغ اليها من زوجها، بل شهدت بما وقع عليه بصرها واتصل بسمعها ، فان شهادتها تكون بمنأي عن البطلان ويصح في القانون استناد الحكم الي قولها.

جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم 14 سنة دون حلف يمين للأخذ بأقوالهم على سبيل الاستدلال

وفي قاعدة النقض في الطعن رقم ۲۳۹۰۸ لسنة ٦۵ ق جلسة ۵/۱/۱۹۹۸ س ٤۹ ص ۲٦:«لما كان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال . ولم يحرم الشارع على القضاى الاخذ بتلك الاقوال التى يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق ، فهى عنصر من عناصر الاثبات يقدره القاضى حسب اقتناعه ، فإنه لايقبل من الطاعن النعى على الحكم أخذه بأقوال المجنى عليه بحجة عد استطاعته التميز لصغر سنه مادامت المحكمة قد اطمانت الى صحة ما ادلى به وركنت الى اقواله على اعتبار انه يدرك ما يقول ويعيه . وإذ كان الطاعن لايدعى بأن الطفل المجنى عليه لايستطيع التمييز أصلا ولم يطلب من المحكمة تحقيق مدى توافر التمييز لديه ، بل اقتصر على تعيين الحكم بدعوى أنه ماكان يصح الاعتماد على اقوال المجنى عليه بصفة اصليه لعدم استطاعته التمييز بسبب صغر سنه، وكانت العبرة فى المحاكمة الجنائية هى باقتناع القضاى من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالاخذ بدليل دون اخر ، فان مايثيره الطاعن فى هذا الشان لايعدو أن يكون حدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لايجوز إثارته أمام محكمة النقض.

جواز رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر

أكدت القاعدة في الطعنين رقم ۱۸۳۵۸ لسنة ٦٤ ق جلسة ۲/۱۰/۱۹۹٦ س ٤۷ ص ۹٤٤ ورقم ۲۰۳۵۰ لسنة ٦٤ ق جلسة ۲۰ / ۱۰ / ۱۹۹٦ س ٤۷ ص ۱۰٦۵، «أن الأصل أن الشهادة هى تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وهى تقتضى بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من شخص غير قادر على التمييز ، ولذا فقد أجازت المادة ۸۲ من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية والتى أحالت إليها المادة ۲۸۷ من قانون الإجراءات الجنائية، رد الشاهد إذا كان غير قادر
على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هى رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية حول قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغًا إلى غاية الأمرفيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو أن ترد عليها بما يفندها، ولما كانت المحكمة قد عولت – ضمن ما عولت عليه – فى إدانة الطاعن على مانقلته زوجة المجنى عليه عنه ، على الرغم من منازعة الطاعن فى قدرته على الإدراك السليم والتمييز بسبب حالة السكر التى اعترته ، ودون أن تعرض لهذه المنازعة فى حكمها ، وهو دفاع يعد فى صورة الدعوى جديًا وجوهريًا تشهد له الأوراق ويتعلق بالدليل المقدم فى الدعوى ، وقد يترتب عليه – لو صح – تغيير وجه الرأى فيها ، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعن بتحقيقه أو تبين علة اطراحه ، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.»

منع القانون بعض الشهود من آداء شهادتهم لاعتبارات ابتغاها

أكدت محكمة النقض في قاعدتها المتصلة بالطعن رقم ۱٤۳ لسنة ۵۸ق-جلسة ۲٦/۵/۱۹۹۲ س ٤۳ ج۱ ص ۷۳۰: «النص في المواد ٦٦ من قانون الاثبات و۷۹،٦۵ من قانون المحاماه رقم ۱۷ لسنة ۱۹۸۳ و۸۲ من قانون الاثبات يدل على أن المشرع أطلق حق الخصم المكلف بالاثبات فى اختيار شهوده ما لم يكن الشاهد غير قادر على التمييز، مكتفيا بأن يكون للمحكمة السلطة التامة فى تقدير قيمة كل شهادة، ولا يغير من هذا النظر أن يكون المشرع قد منع بعض الشهود من آداء الشهادة إن كان فى ذلك إخلالا بواجب ألزمهم القانون مراعاته أو زعزعة لرابطة يحرص القانون على ثباتها أو أجاز للمستشهد بهم بالامتناع عن أداء الشهادة للاعتبارات نفسها، فذلك كله يدور في إطار حماية أطراف هذه العلاقات دون غيرهم.

رأي النقض في بطلان شهادة المحامي

قالت محكمة النقض في قاعدتها المتصلة بالطعن رقم ٤۸۷ لسنة ۳٤ ق جلسة ۱٤/۱۱/۱۹٦۸ س ۱۹ ص ۱۳٦۲: «إذا كان الثابت أن الطاعن لم يعترض أمام محكمة الموضوع على سماع شهادة محام ولم يتمسك ببطلان هذه الشهادة أمام تلك المحكمة فإن إثارة هذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض يعتبر سببًا جديدًا لا يجوز قبوله لما يخالطه من واقع كان يتعين عرضه على محكمة الموضوع وهو معرفة ما إذا كانت الواقعة التي شهد بها المحامى قد علم بها عن طريق مهنته أم لا وما اذا كان عدم اعتراض الطاعن على سماع شهادته يعد إذنا ضمنيا منه بآداء هذه الشهادة يجوز له أداءها طبقا لمفهوم المادة ۲۰۸ من قانون المرافعات أو لا يعد كذلك.

شهادة الفرع للأصل أو الأصل للفرع غير مقبول شرعا

أكدت محكمة النقض في الطعن رقم ۲۷ لسنة ٤٦ ق، أنه  المقرر شرعا أن من موانع قبول الشهادة عدم تهمة الشاهد فيما يشهد به ولو كان في ذاته عدلا ، ومن ذلك شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله سواء علا الأصل أو سفل ، فلا تقبل شهادة الوالد لوالديه ولا أجداده وجداته ولا شهادة واحد منهم له
(المادتان ٦۷،۸۲ من قانون الإثبات)

 

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى